من المسؤول؟

العنف ظاهرة تتزايد في الملاعب السورية

camera iconمشجع يركل حكم مباراة نادي حرجلة وضيفه جبلة - 3 من كانون الثاني 2020 (فيس بوك: سيرانا سبورت)

tag icon ع ع ع

في مشهد هزلي، اقتحم أحد المشجعين أرضية الملعب بعد تسجيل فريق جبلة هدف التعادل أمام ضيفه نادي الحرجلة، ضمن مسابقة الدوري السوري لكرة القدم، وركل الحكم الدولي محمد العبد الله، قبل تدخل قوات “حفظ النظام” واللاعبين للسيطرة على الموقف.

عاقب الاتحاد السوري لكرة القدم جمهور “جبلة” بإقامة مباراة للنادي على أرضه من دون جمهور، ونقل مباراة لفريقه خارج أرضه، و فرض عليه عقوبات أخرى تشمل رئيس النادي ومسؤولين ضمن النادي.

لكن هذه لم تكن الحادثة الوحيدة في الدوري السوري، إذ لا تكاد تخلو مباراة من أعمال عنف بين جماهير الفريقين، وانتهاكات من مسؤولي الأندية يصل بعضها إلى حد دخول أرضية الملاعب.

ما العنف؟
“جميع الأعمال التي تتمثل في استخدام القوة أو القسر أو الإكراه بوجه عام، ومثالها أعمال الهدم والإتلاف والتدمير والتخريب، وكذلك أعمال القتل والفتك والتعذيب وما شابه…العنف ضغط جسدي أو معنوي ذو طابع فردي أو جماعي ينزله الإنسان بالإنسان، أي أنه بالعموم إفراط في القوة أو إيذاء للآخر أو ضغط يوجه إلى الآخر، ويبقى القاسم المشترك بين هذه الممارسات هو جانب الإكراه”.الباحث الاجتماعي طلال مصطفى

وشهدت الملاعب السورية حالات شغب خلال مسابقة الدوري في الأشهر الماضية، وقع فيها جرحى بين الجماهير، وعناصر “حفظ النظام” بعد رشقهم بالحجارة من قبل الجماهير.

وفي 18 من كانون الأول 2020، نُقل جرحى إلى المستشفى إثر أعمال شغب بعد نهاية مباراة كرة قدم بين فريقي جبلة وتشرين المحليين في محافظة اللاذقية.

وفي أيلول 2020، اضطر حكم مباراة جمعت نادي التضامن وضيفه عفرين في اللاذقية، إلى إنهاء المباراة ضمن منافسات الدرجة الأولى في الدوري السوري، بعد انسحاب لاعبي عفرين.

في 2019 أيضًا، قُتل المشجع السوري ​عبد الحليم حوا​ (28 عامًا) بعد تعرضه لسهم ناري في المباراة الودية التي جمعت قطبي مدينة اللاذقية حطين وتشرين.

قوات “حفظ النظام” غير متخصصة

مدير مكتب رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم سابقًا، نادر الأطرش، تحدث لعنب بلدي عن تقصير الاتحاد السوري في ضبط العنف، وقال إن الاتحاد لم يضبط عمليات العنف بحزم، إذ لم يكن صاحب سلطة قوية على الأندية، ودائمًا يتعامل مع المشكلة بعلاجات مؤقتة لا تصل إل حل جذري.

وأضاف الأطرش أن السلطات الأمنية تتدخل فقط لحظة وقوع الحادثة، بينما لا توجد قوات حفظ نظام متخصصة بالمباريات، بل يُدفع عناصر من كتيبة “حفظ النظام”، معظمهم لا يعرفون سببه مجيئهم، ولا يعرفون كيف يتمركزون في الملعب، لأنها ليست مهمتهم.

وعن العقوبات بعد أعمال العنف، أضاف الأطرش أن السلطات السياسية والرياضية لم تكن تتدخل، بل تترك القضية للسلطات الأمنية لتلاحق المتورطين خلال الحوادث، ولا توجد اجتماعات طارئة لمناقشة القضية وإيجاد الحلول لها.

وأرجع أحداث الشغب إلى قلة الحشد وضعف التنظيم من جهة، وشحن الجمهور خاصة في المباريات الحساسة.

تفريغ ضغوطات

الباحث الاجتماعي طلال مصطفى، قال لعنب بلدي، إن العنف بعد 2011 في سوريا لم يعد يقتصر على الأجهزة الأمنية، بل صار ظاهرة حقيقية في الحياة الاجتماعية والسياسية، وأصبح سمة مميزة لنمط التفاعل في الحياة العادية للأفراد.

وهذا التفاعل يكشف عن أشكال متعددة من العنف تتجلى في مستويات عديدة، بدءًا من الأسرة، ومرورًا بالتفاعلات العادية في المدارس وبقية المؤسسات الاجتماعية المتعددة، بما فيها العنف الممارس في الملاعب السورية مؤخرًا.

وهذا العنف ناتج عن العنف الذي مارسه النظام السوري إثر 2011، حين واجه المتظاهرين السلميين بالرصاص، ليتجاوز مراحل استيعاب مطالب المتظاهرين، وينفذ سياساته التي اعتاد عليها طول عقود خمسة مضت، وهي العنف والبطش بالمدنيين السوريين.

ويرى مصطفى أن العنف بلغ جميع المؤسسات السورية، ومنها الملاعب الرياضية، وهذا السلوك العدواني من قبل الشباب السوري تجاه السوريين الآخرين، ناتج عن عدم تكيف معظم العدوانيين السوريين مع الوسط الاجتماعي المحيط بهم، الشيء الذي يؤدي إلى اضطراب في السلوك والأفعال، فيتمردون على سلطة يعتقدون أنهم بمنأى عن الاعتقال والمحاسبة كما حصل للمتظاهرين والمحتجين في فترة الثورة السلمية، بل يوجهون عدوانهم إلى أنفسهم أولًا، ثم إلى أصدقائهم وإلى المحيط الاجتماعي بوسائل مادية مختلفة.

أيضًا، يمكن تفسير السلوك العنفي لدى الشباب السوري في الملاعب نتيجة الإحباط، الذي يعد شعورًا ذاتيًا يمر به الفرد عندما يواجه عائقًا ما يحول دون تحقيق هدف مرغوب فيه أو نتيجة يتطلع إليها، والإحباط يؤدي إلى الغضب، ثم يؤدي في الغالب إلى العدوان.

وكذلك نتيجة تعرض الشباب السوري لمواقف حياتية معيشية ضاغطة، ما يجعله يتعامل معها بعنف وشدة ولكن في أوساط اجتماعية أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة