لماذا خلقت وفاة حاتم علي إجماعًا بين السوريين؟

camera iconجنازة حاتم علي في العاصمة السورية دمشق 1 من كانون الثاني 2021 (فيس بوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – روزنة

أثار رحيل المخرج السوري حاتم علي وحيدًا داخل فندق بالقاهرة، في 29 من كانون الأول 2020، حالة وجدانية جمعية بين السوريين داخل سوريا وخارجها، على مدار الأيام الماضية.

ووصل جثمان الراحل إلى دمشق، ونُقل من مستشفى “الشامي” في منطقة المالكي إلى مسجد “الحسن” بمنطقة أبو رمانة، ليدفن بعد ذلك بمقبرة “باب الصغير”.

وخرج في تشييعه الكثير من السوريين، في مشهد لم تشهد دمشق مثله منذ رحيل الشاعر السوري نزار قباني، عام 1998.

برنامج “صدى الشارع” المُذاع عبر راديو “روزنة“، ناقش حالة الحزن العامة التي وحّدت السوريين بعد وفاة المخرج السوري حاتم علي، وتساءل عن أسبابها، وعما إذا أصبحت سوريا تستقبل من خرج منها بالتوابيت؟

كما استطلع رأي شريحة من السوريين فيما لو كان الحزن أو الاحتفاء الجماعي بشخصيات عامة سورية، يسهم في توحيد السوريين؟

لماذا توحّد السوريون في الحزن على رحيل حاتم علي

الممثل السوري بسام داوود قال إن المخرج حاتم علي كان شخصًا استثنائيًا عبر فنه وأعماله التي قدمها، مشيرًا إلى أنه قدّم مستوى مختلفًا من الصناعة الفنية، ولامس الجمهور السوري، وخلق علاقة بين المتلقي والعمل الفني.

ولفت إلى أن حاتم علي دخل بيوت السوريين عبر ملامسة تفاصيل الواقع اليومي الذي يمرون به، إضافة إلى طريقة سرده للعمل الفني بشكل إنساني، موضحًا أن المخرج هو من يصنع المحتوى النهائي الذي يقدم إيقاع العمل الفني، وبالتالي هو المسؤول عن خلق العلاقة بين العمل الفني والممثلين والجمهور.

وكان حاتم علي “راويًا للنصوص المكتوبة بشكل مميز، ورسم تفاصيل حياة السوريين بشكل دقيق”، بحسب الممثل بسام داوود.

ولاقت أعمال الراحل علي صدى كبيرًا، وحالة التعاطف جزء أساسي منها مرده إلى مفاجأة الرحيل من ناحية العمر للفنان علي الذي لم يتجاوز الـ58 عامًا، وموته وحيدًا في الغربة بعيدًا عن أهله وعائلته، بحسب داوود.

واستقرأ العديد من السوريين في الخارج مصيرهم، وتوقعوا أن تكون وفاتهم تشابه وفاة حاتم علي، ما خلق حالة تماهٍ، بحسب داوود.

ووجه البرنامج استطلاعًا عبر صفحته للمستمعين، حول ما إذا كانت حالة الحزن تسهم في توحيد السوريين، وأجاب 59% من المستطلعة آراؤهم بنعم، بينما أجاب 41% منهم بلا.

إحباط عام لدى الفنانين المعارضين للنظام

الفنان بسام داوود، اعتبر أن كل فنان كان يعمل في سوريا وترك عمله وسافر، خسر الكثير بسبب صعوبة التأقلم مع البلد الجديد، وضرورة إتقان لغة البلد الجديد، ومعرفة آلية التفكير في البلد والكثير من المعوقات الأخرى.

ولفت إلى أن الجيل الجديد لديه فرص أكبر نتيجة تعلمه في الخارج، ولأنه لم يبنِ أصلًا تاريخًا في الداخل السوري.

واعتبر داوود أن عودة الفنانين إلى سوريا ستكون عبر التوابيت، “إما تابوت معنوي وإما تابوت حقيقي”.

حاتم علي

هو صاحب المسلسل الشهير “الفصول الأربعة” بجزأيه، الذي شاركت زوجته دلع الرحبي في كتابة عدة لوحات منه، وتناول المسلسل الحياة اليومية لأسرة سورية، والعلاقات الأسرية التي تربط بين أفرادها.

كما أخرج فيلم “الليل الطويل” الذي تميز بجرأته في عرض الواقع السياسي السوري، ورصد الفيلم معاناة المعارضين السياسيين من القهر والقمع.

ومن أبرز أعماله، “الغفران”، و”صلاح الدين الأيوبي”، و”صقر قريش”، و”ربيع قرطبة”، و”التغريبة الفلسطينية”، و”ملوك الطوائف”، و”الملك فاروق”، و”عمر”، و”أحلام كبيرة”.

ولد في الجولان المحتل عام 1962، بدأ حياته بكتابة النصوص المسرحية والنصوص الدرامية والقصص القصيرة، وحصل على إجازة في الفنون المسرحية من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق عام 1986 من قسم التمثيل.

مدى متابعة الأعمال الدرامية السورية

في استطلاع وجهته “روزنة” لسوريين عن مدى متابعتهم للأعمال الدرامية المُنتجة بعد عام 2011، أجمع المستطلعة آراؤهم على عدم متابعتها نتيجة عدة أسباب، منها الظروف المعيشية الصعبة التي يمرون بها، من نزوح وقصف وتهجير وانعدام التيار الكهربائي وتراجع المستوى الفني.

إضافة إلى عدم وجود الوقت الكافي للمتابعة، بحسب رأي بعضهم، وانشغال السوريين بتأمين متطلبات حياتهم اليومية، بينما اعتبر بعضهم أن الفن صار مسيسًا لمصلحة السلطة.

أما الفنان داوود فاعتبر أن “ما نعيشه في سوريا أكبر من دراما، فهو عبارة عن مزيج من التراجيديا والمأساة التي ضاهت كل فصول الدراما”.

وأضاف أنه مع تطور التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، “بتنا نرى الدمار بشكل واقعي، ونرى الأم تفقد طفلها بمشاهد واقعية نتيجة القصف، وصار الواقع يؤدي وظيفة الدراما”.

واعتبر أن المسلسلات السورية، حاليًا، صارت منفصلة عن الواقع، مشيرًا إلى حالة إحباط تام بين الناس، ودعا إلى نقل ما يجري بواقعية مع ضرورة إعطاء التوازن للطرفين الثورة والنظام، وتغطية العمل الدرامي لوجهتي نظر الطرفين دون الانحياز إلى طرف ما.

أُعدت هذه المادة ضمن اتفاقية التعاون بين صحيفة “عنب بلدي” وراديو “روزنة”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة