التضخم "الجامح" أبرزها..

ما انعكاسات طرح ورقة 5000 ليرة على الاقتصاد السوري

عملة سورية من فئة 5000 ليرة (مصرف سوريا المركزي)

camera iconعملة سورية من فئة 5000 ليرة (مصرف سوريا المركزي)

tag icon ع ع ع

“لتسهيل المعاملات النقدية وتخفيض تكاليفها ومساهمتها بمواجهة آثار التضخم التي حدثت خلال السنوات الماضية”، تحت هذه الذرائع طرح مصرف سوريا المركزي ورقة نقدية جديدة من فئة خمسة آلاف ليرة سورية للتداول اعتبارًا من اليوم، بعدما أعلن عن طباعتها منذ سنتين.

وذكر بيان للمصرف اليوم، الأحد 24 من كانون الثاني، أن “الوقت أصبح ملائمًا وفق المتغيرات الاقتصادية الحالية لطرح الفئة النقدية الجديدة”، للتخفيض من كثافة التعامل بالأوراق النقدية، بسبب ارتفاع الأسعار والتخلص التدريجي من الأوراق النقدية التالفة، لا سيما أن الاهتراء قد تزايد خلال الآونة الأخيرة.

وكان المصرف طبع أوراقًا نقدية من فئة 2000 في عام 2015، ووُضعت في التداول في النصف الثاني من عام 2017.

لا تبديل على المعروض النقدي

في تصريح لإذاعة “شام إف إم” المحلية اليوم، قال مدير الخزينة في مصرف سوريا المركزي، إياد بلال، إن الورقة النقدية الجديدة من فئة خمسة آلاف ليرة سورية ستطرح للمواطنين من خلال رواتبهم في الشهر الحالي.

وأضاف أنه سيجري العمل على سحب الأوراق النقدية التالفة من التداول، وأن كمية الأوراق النقدية من الفئة الجديدة تساوي كمية الفئات النقدية التالفة التي ستسحب من التداول، ولن يكون هناك عرض نقدي أكبر من العرض النقدي الحالي.

واعتبر أن “كل ما يشاع عن مخاوف حول انهيار العملة غير صحيح”، وطرح الفئة الجديدة يحقق الوفر للاقتصاد الوطني من خلال توفير تكاليف الطباعة للأوراق النقدية، إضافة إلى تسهيل التداول بين المواطنين وسهولة التخزين، بحسب تعبيره.

استبدال لا ضخ

ودعا الخبير والباحث الاقتصادي في الشؤون المالية والمصرفية سامر أبو عمار إلى جعل الحد الأدنى للتداول 100 ليرة سورية، مع طرح أوراق تصل إلى 25 ألف ليرة سورية.

ولفت الباحث في حديثه إلى إذاعة “ميلودي إف إم”، السبت 23 من كانون الثاني، إلى ضرورة سحب الفئات النقدية الدنيا القديمة غير الكفء للتداول، وطرح فئات بقيمة عليا استنادًا إلى قيمة ما جرى سحبه، لأن أي طرح لفئة نقدية جديدة دون ذلك يعتبر “تمويلًا بالعجز” وسيزيد التضخم.

وبحسب سامر أبو عمار، يجب مواكبة الدخل مع الأسعار عند طرح فئات جديدة، لأن المشكلة بالدخل، كما يجب ملاحظة حجم القوة الشرائية للنقد، مع إصلاح سياسة الدخول، لأن الأسعار عالميًا متقاربة لكن الدخول هي التي تختلف، وهو ما يخلق التبادل غير المتكافئ.

وعن إمكانية وجود أثر لسحب فئات وطرح فئات أعلى وحتى لو كان أثرًا نفسيًا، قال الباحث، إن العامل النفسي مهم جدًا لكنه لا يستمر إلا لفترة قصيرة، “طالما هناك شيء محكم على أرض الواقع فلن يؤثر العامل النفسي بشكل دائم”.

وهذا يعني أنه من الممكن أن تنخفض قيمة الليرة السورية مؤقتًا بسبب عوامل نفسية، ثم تستقر من جديد.

وأكد الباحث أن موضوع سحب عملة من السوق، أي سحب عملة وإدخال ما يعادل نفس القيمة، لا يؤثر على سعر الصرف، لأن سعر الصرف هو المعادل لقيمة العملة مقابل العملات الأخرى، وسعر الصرف له علاقة بحجم الإنتاج والميزان التجاري وميزان المدفوعات.

هل نجا النظام من التمويل بالعجز؟

يؤكد مسؤولو النظام السوري من خلال تصريحاتهم أن المصرف المركزي لم يلجأ إلى التمويل بالعجز، وإنما طرح الورقة النقدية الجديدة سيجري مع استبدال العملة المتداولة المهترئة.

وتطبع الحكومات عملة جديدة إما لنقص الأوراق النقدية في السوق بسبب اهترائها، ما يدفعها إلى استبدال العملة المتداولة المهترئة بطباعة أوراق نقدية، وهذا أمر يحصل في كثير من الدول دون زيادة العرض النقدي، وإما للتمويل بالعجز، فإذا وجد عجز في الدولة تطبع أوراقًا نقدية دون توفر أي رصيد أو إنتاج مقابل هذه العملة.

وبعد اعتماد رئاسة مجلس الوزراء السوري مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2021 في تشرين الأول 2020 بمبلغ ثمانية آلاف و500 مليار ليرة سورية، قدرت الحكومة العجز للسنة المالية نفسها بنحو ثلاثة تريليونات و484 مليار ليرة سورية.

ونقلت صحيفة “الوطن“، المقربة من النظام، أن عجز الميزانية في العام الحالي بلغ ألفًا و455 مليار ليرة، ويقدر العجز في العام المقبل بنحو ثلاثة آلاف و484 مليار ليرة سورية، ما يعني أن العجز زاد بنسبة تقدر بـ71%.

التضخم “الجامح”

تؤدي طباعة الدولة المزيد من الأموال في حين تكون الميزانية العامة بحالة عجز، أي عندما تتجاوز فيها النفقات حجم الإيرادات خلال فترة زمنية محددة بحيث يكون إنفاق الفرد أو الحكومة أكثر من الإيرادات المتاحة، إلى التضخم “الجامح”.

إذ يحدد مقدار ما تملكه الدولة من احتياطي ذهب أو فضة أو عملة أجنبية صعبة أو نفط أو غير ذلك من الثروات العالية القيمة أو سلع وخدمات تُنتج في المجتمع، الحصة المسموح لها بطباعتها من النقود، إذ لا قيمة للأموال المطبوعة في حال قيام الدولة بطباعة أموال تفوق ما تملكه من الاحتياطي.

والتضخم “الجامح” أو التضخم “المفرط” هو حالة من التضخم الحاد المتمثل في ارتفاعات متتالية وشديدة في الأسعار.

وهو أحد أنواع التضخم الذي يحدث نتيجة لزيادة عرض النقد في السوق، أي زيادة الكمية المتاحة منها، ما يتسبب في تقلص القيمة الحقيقية لعملة البلد بنسب مقلقة، وانخفاض قيمتها الشرائية، ومن الصعب أن تحده الحكومة أو تعالجه.

ويدفع التضخم “الجامح” الأفراد إلى سحب مدخراتهم من المصارف، واللجوء إلى السوق الموازية للعملة وتحويلها إلى الدولار للتخلص منها، ما يسبب ارتفاعًا أكبر في سعر الدولار وتدهورًا أكبر بقيمة العملة المحلية.

زيادة مطردة في الأسعار

الدكتور السوري في الاقتصاد والباحث في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن كرم شعار، توقع في حديث سابق إلى عنب بلدي، أن تزيد وتيرة طباعة النقود للعام الحالي، وأن تنخفض الوتيرة النسبية للاقتراض الحكومي (شهادات الإيداع، سندات الخزينة، وما شابهها).

وعزا ذلك إلى امتناع كثيرين عن إقراض الحكومة كنتيجة للتدهور الاقتصادي المتسارع منذ نهاية عام 2019.

وقال شعار، إن حكومة النظام السوري اعتمدت، خلال السنوات العشر الأخيرة، على طباعة النقد بشكل أكبر بكثير من اعتمادها على الاقتراض، ما أدى إلى زيادة مطردة في الأسعار.

وأضاف أن عجز الموازنة لا يؤدي بالضرورة إلى آثار تضخمية، إذ إن التأثير على الأسعار يعتمد على آلية تمويل هذا العجز، ففي حال مول العجز من خلال طباعة المزيد من النقود، فإن الآثار التضخمية تبدأ بالظهور.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة