بعد الهطولات المطرية..

مزارعو الحسكة يستبشرون الخير بمحاصيلهم في العام الحالي

camera iconمزرعة في ريف الحسكة - نيسان 2019 (جمعية أيادي الرحمة الإنسانية)

tag icon ع ع ع

الحسكة – مجد السالم

بعد نزول هطولات مطرية “جيدة”، بداية كانون الثاني الحالي، عقب انحباس للأمطار دام شهرين من موسم الهطول نهاية عام 2020، سادت حالة من الارتياح بين مزارعي الحسكة، في الشمال الشرقي من سوريا.

يعتمد المزارعون، في المنطقة التي تعد خزانًا للمحاصيل الاستراتيجية في سوريا، على مياه الأمطار بالدرجة الأولى لري أراضيهم المزروعة بمختلف المحاصيل، خصوصًا القمح والشعير.

انحباس يعني الخسارة

استأجر إبراهيم، أحد مزارعي ناحية القحطانية، تحفظ على ذكر اسمه الكامل، مساحات “كبيرة” في العام الحالي، بالريف الجنوبي للمنطقة، وزرعها بعلًا بمحاصيل القمح والشعير، “كلفتني الزراعة نحو 45 مليون ليرة سورية (نحو 15 ألف دولار) والكثير من الوقت والجهد، وكان عدم هطول الأمطار يعني ضياع كل ذلك”، حسبما قال لعنب بلدي.

عاش المزارعون في المنطقة “قلقًا حقيقيًا” كما قال إبراهيم، مشيرًا إلى خشية ضياع المحصول، الذي أنقذته الهطولات المطرية، بعد أن اضطر بعض المزارعين لحرث أراضيهم وإعادة زرعها، خصوصًا في أقصى ريف القامشلي الجنوبي.

بدوره، أوضح المزارع محمد المصبح لعنب بلدي أن سعر كيلو البذار يبلغ نحو 600 ليرة سورية بالنسبة للقمح (0.2 دولار)، ونحو 450 ليرة بالنسبة للشعير، وتكلفة زراعة الهكتار الواحد، مع أجور العمال والفلاحة وغيرها، “نحو 185 ألف ليرة سورية” (61 دولارًا).

لا دعم للمزارعين

ويشكل غياب الدعم الحقيقي للمزارعين في محافظة الحسكة، وضعف التعويضات التي تقدمها كل من مديرية الزراعة التابعة للنظام في المحافظة، أو تلك التي تتبع لـ”الإدارة الذاتية”، عن الحوادث والكوارث الطبيعية التي قد تصيب المحاصيل بشكل مفاجئ، كالفيضانات والحرائق والآفات الحشرية، إحدى أبرز المشاكل التي يواجهها المزارعون، ما يترك اعتمادهم في الزراعة على الأمطار بشكل رئيس، مضطرين للعيش بحالة من القلق، من مرحلة البذار وحتى جني المحصول وبيعه.

وهو ما أكده مهندس زراعي موظف في مديرية الزراعة التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، تحفظ على ذكر اسمه، لعنب بلدي، وقال “لايوجد إلى الآن صندوق كوارث يعنى بتعويض المزارعين المتضررين من أي كارثة أو جائحة قد تصيب محصولهم خلال أي مرحلة من مراحل نموه، والأمر إن حصل فهو يعتمد بشكل كبير على ما يجود به فاعلو الخير، كما حصل خلال موسم عام 2018، بعد أن أهلكت الحرائق آلاف الهكتارات من محاصيل القمح والشعير”.

ورغم وجود صندوق بمسمى “صندوق الكوارث” في مديرية الزراعة التابعة للنظام، فإنه لا يعوض سوى “5%” من تكلفة الإنتاج، ولا يعوض على أساس الإنتاجية المتوقعة من كل هكتار، حسبما أوضح المهندس الزراعي.

وبحسب نشرة وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي التابعة للنظام، بلغت كمية الهطولات المطرية في أهم مناطق الحسكة خلال الموسم الحالي، حتى 21 من كانون الثاني الحالي، 91 ميلمترًا في مركز المدينة، و172 ميلمترًا في المالكية، و98.5 ميلمتر في القحطانية، وفي القامشلي 94.4 ميلمتر، واليعربية 100 ميلمتر، والدرباسية 113.5 ميلمتر، والجوادية 87 ميلمترًا.

في حين كانت كمية الهطولات المطرية خلال الفترة نفسها من عام 2020، 135.5 ميلمتر في مدينة الحسكة، و304 ميلمترات في مدينة المالكية، و230.7 ميلمتر في القحطانية، والقامشلي 200.1 ميلمتر، واليعربية 163.5 ميلمتر، والدرباسية 285 ميلمترًا، والجوادية 191 ميلمترًا.

وفي تصريح لموقع “أثر برس”، في 19 من كانون الثاني الحالي، قال مدير زراعة الحسكة، المهندس رجب السلامة، إن نسبة زراعة القمح المروي بلغت 42% من الخطة الزراعية، إذ زُرع 125 ألف هكتار من أصل ما يزيد على 301 ألف هكتار، ونسبة زراعة القمح البعلي 88%، بعد زراعة 389 ألف هكتار من أصل ما يزيد على 443 ألف هكتار، والمساحة المزروعة بالشعير المروي بلغت 20 ألف هكتار، والشعير البعلي 424 ألف هكتار.

وتعتبر محافظة الحسكة المصدر الأهم لزراعة القمح والشعير والقطن والعدس، وبعض المحاصيل المهمة الأخرى، التي تقسم زراعيًا، وفق معدلات الهطول، إلى خمس مناطق استقرار، حسبما أوضح المهندس الزراعي حارث البليبل لعنب بلدي.

وتبدأ تلك المناطق من الشمال، بمنطقة الاستقرار الأولى، التي يبلغ معدل الهطول السنوي فيها نحو 400 ميلمتر، ثم الثانية والثالثة والرابعة والخامسة باتجاه الجنوب، ويكون معدل الهطول في آخر منطقة للاستقرار وأكثرها ضعفًا 150 ميلمترًا.

وأكد البليبل أن الهطولات المطرية خلال كانون الثاني الحالي تعتبر “حاسمة” في مستقبل الموسم الزراعي، لأن مرحلة الإنبات من أهم المراحل التي تحتاج إلى الري المناسب، وفي أوقات معيّنة، لتكون النباتات الناتجة “قوية”.

وفي حال عودة انحباس الأمطار، يتوقع المهندس الزراعي جفاف التربة وموت المجموع الجذري الهش للمحاصيل، وبالتالي “خسارة الموسم”.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة