رجل في الأخبار..

لقمان سليم.. اغتيال الذاكرة في لبنان وسوريا

الناشط السياسي اللبناني، لقمان سليم، 5 من شباط، تعديل_ عنب بلدي

camera iconالناشط السياسي اللبناني، لقمان سليم، 5 من شباط، (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عُرف الناشط والسياسي اللبناني سليم لقمان، الذي وُجد مقتولًا أمس، الخميس 4 من شباط، داخل سيارته في جنوبي لبنان، بالموثق والمدافع عن قضايا حقوق الإنسان، ولا سيما القضايا المتعلقة بانتهاكات رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وحليفه في لبنان، الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله.

ولد سليم (58 عامًا) في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، وحصل على شهادة في الفلسفة من جامعة “السوربون” في فرنسا.

وتولى إدارة مركز “أمم للتوثيق والبحث” في بيروت، وعمل على جمع ما تم توثيقه عن الحرب الأهلية في لبنان، واهتم لاحقًا بالنزاع في سوريا وتورط “حزب الله” في لبنان بدعم النظام السوري.

أنشأ سليم دار “الجديد” للنشر في مطلع التسعينيات، وأخرج مع زوجته الألمانية مونيكا بورغمان فيلمين، أحدهما وثق مجزرة “صبرا وشاتيلا” التي حدثت خلال الحرب الأهلية في لبنان، والثاني وثق ما تعرض له سجناء لبنانيون من تعذيب بسجون النظام في سوريا.

وانتقد في مقالاته ولقاءاته التلفزيونية النظام السوري وعلاقته بـ”حزب الله”، ونفوذه السياسي والعسكري الذي امتد إلى سوريا.

وحمّل سليم في آخر لقاء تلفزيوني له على قناة “العربية الحدث“، بشار الأسد مسؤولية انفجار مرفأ بيروت الذي حصل في 4 من تموز 2020.

وقال إن النظام السوري وقّع على انضمامه لمعاهدة الحد من الأسلحة الكيماوية عام 2013، لتصل بعد توقيعه بأسبوعين سفينة “روسوس” المحملة بـ”نترات الأمونيوم” إلى ميناء “بيروت”، قبل أن ترتفع وتيرة الغارات بالبراميل المتفجرة على الشعب السوري، “التي احتوت نترات الأمونيوم بما يكفي لإسقاط عشرة براميل أسبوعيًا”.

وطرح سليم عدة تساؤلات فيما يخص الجهة التي خزنت “نترات الأمونيوم”، ولمصلحة من خُزنت في مرفأ “بيروت”، وعن طريقة عبورها الحدود الدولية ليتم استخدامها ضد الشعب السوري، وسبب تذرع الحكومة اللبنانية بأن الانفجار حصل نتيجة إهمال إداري في المرفأ.

“ذكريات مثل الجنّ”

شارك سليم في مؤتمر عُقد بمدينة برن في سويسرا، عام 2016، بين مؤسستي “إيتانا” السورية و“أمم للأبحاث والتوثيق” اللبنانية، حول “المسألة السجنية” في سوريا.

ووصف سليم الحرب في سوريا بأنها “أيقظت ذكريات محلية عن الماضي والحاضر وسيصعب كبتها”، وتابع، “في نهاية المطاف، أو في نهاية الحرب، ستكون هذه الذكريات مثل جنّي، لن يكون بإمكانك إعادته إلى الزجاجة”.

وعمل سليم على جمع تاريخ النزاع، والبحث عن أسباب نشوبه، ووصف فترة عام 2000، عندما توفي حافظ الأسد وتسلم ابنه بشار السلطة، بأنها الفترة التي شهد فيها ربيع دمشق.

مشهد من فيلم تدمر من إنتاج مؤسسة "أمم" للأبحاث والتوثيق (موقع الفيلم الرسمي)

وحاول سليم جمع أشياء تتعلق بالحكومة السورية أيضًا، مثل صحف مؤيدة للنظام ومروجة له، وقال عنها، “أعتقد أن هذه هي الأشياء الأكثر هشاشة”.

وحرص سليم على مساندة السوريين، فشارك في مبادرة لمناهضة التمييز والعنصرية ضدهم في لبنان، عام 2019، أطلقتها جمعيات أهلية لبنانية.

وأعلنت المبادرة عن إقامة دعوى لدى النيابة العامة التمييزية في بيروت، من قبل سبع جمعيات، ضد سبعة أشخاص مدعى عليهم بتهم “إثارة النعرات الطائفية والعنصرية، والحض على النزاع بين عناصر الأمة”.

وشملت الدعوى كلًا من وزير الخارجية والمغتربين، جبران باسيل، ورئيس بلدية الحدث، جورج عون، والنائب والوزير السابق، إيلي ماروني، والنائب زياد أسود، والناشطين رشيد جنبلاط وجورج حايك، والمنشد علي بركات.

وأدانت “رابطة الكتاب السوريين” مقتل سليم، ووصفته بالخسارة الموجعة لكل الشرفاء في كل مكان وفي لبنان خصوصًا.

وقالت في بيان لها، إن سليم كان له “موقع دائم وثابت مع الكلمة الحرة والصادقة، ومع الشرفاء أينما كانوا، فهو لم يوفر فرصةً أو موقفًا للتعبير عن تضامنه مع السوريين في سوريا، وكذلك اللاجئين في لبنان، ضد كل أشكال العنف والتهجير والقتل التي تعرضوا لها”.

ودعت المجتمع الدولي للتأكيد على “ضرورة محاسبة القتلة الذين أسهموا بتدمير سوريا ولبنان، وأحرقوا المدن، واغتالوا خيرة شباب وشرفاء لبنان وسوريا”.

تهديدات سابقة

واتهم سليم كلًا من حسن نصر الله ورئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، عام 2019، وتحدث في بيان نشره عن تهديدات تلقاها منهما، ووصفهما بـ”الخفافيش”، وحملهما المسؤولية التامة عن أي أذى قد يمسه أو يمس أحد أفراد عائلته.

وتجمع في أثناء ذلك أفراد نسبهم سليم لجماعة الحزب، أمام منزله في حارة حريك، ووضعوا شعارات تخوين على جدران منزله، وكتبوا عليها “سليم الخائن” و”حزب الله شرف الأمة”.

من جهته، استنكر “حزب الله “في بيان له أمس، حادثة مقتل لقمان سليم، وطالب الأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية ‏المختصة “بالعمل سريعًا على كشف المرتكبين ومعاقبتهم”، بحسب ما نقلته قناة “المنار” اللبنانية.

ودعا الحزب إلى “مكافحة الجرائم المتنقلة داخل أكثر من منطقة في لبنان، وما يرافقها من استغلال سياسي وإعلامي على حساب الأمن ‏والاستقرار الداخلي”، بحسب تعبيره.

بينما استهزأ جواد نصر الله (ابن حسن نصر الله) بخبر مقتل سليم، وقال عبر حسابه في “تويتر”، أمس، إن “خسارة البعض، هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب”، وأرفق تغريدته بوسم “#بلا_أسف”، وعاد ليحذفها بعد الكم الهائل من التعليقات التي هاجمته، بحسب ما نشرته قناة “الجديد” اللبنانية.

غضب لبناني.. عودة زمن الاغتيالات؟

كان لانتماء سليم للطائفة الشيعية، ومعارضته لـ”حزب الله” الممثل للطائفة ذاتها في لبنان، وانتقاد سليم المستمر له، الأثر الكبير في خلق موجة من الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، وتصدر اسمه كأكثر الوسوم انتشارًا عليها.

وقال رئيس الحكومة اللبناني المكلف، سعد الحريري، عبر حسابه في “تويتر“، “لقمان سليم شهيد جديد على درب حرية وديمقراطية لبنان، واغتياله لا ينفصل عن سياق اغتيالات من سبقه”.

وتابع، “كان واضحًا أكثر من الجميع، ربما في تحديد جهة الخطر على الوطن، لم يهادن ولم يتراجع وقدم دمه وروحه الطاهرة عربونًا لخلاص لبنان، الشجب لم يعد كافيًا، المطلوب كشف المجرمين لوقف آلة القتل الحاقدة”.

ومن جهته، طلب الرئيس اللبناني، ميشال عون، من المدعي العام التمييزي إجراء التحقيقات اللازمة لمعرفة ملابسات اغتيال سليم، وشدّد على “ضرورة الإسراع في التحقيق لتوضيح ظروف الجريمة والجهات التي تقف وراءها”.

 

وعبر منسق مكتب الأمم المتحدة في لبنان، جان كوبيس، أمس، عن انزعاجه مما وصفه بـ”الخسارة المأساوية” لقتل سليم، وقال إنه “الصوت المستقل الصادق الشجاع”، بحسب ما نشره عبر حسابه في “تويتر“.

كما طالب السلطات اللبنانية بالتحقيق في حادثة قتله “بشكل شفاف، واستخلاص النتائج اللازمة في أقرب وقت ممكن”.

وتابع كوبيس، “يجب ألا يشبه التحقيق في مقتل سليم نمط التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، الذي ما زال بعد ستة أشهر غير حاسم ومن دون أي محاسبة”.

وتزامن مقتل سليم مع اقتراب ذكرى اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري، مع النائب اللبناني باسل فليحان، في 14 من شباط 2005.

وتبعت ذلك اغتيالات لشخصيات سياسية وإعلامية معارضة للنظام السوري و”حزب الله”، من بينها الصحفي سمير قصير، والنائب جبران تويني، وبيير الجميل، وغيرهم من السياسيين الذين عارضوا سياسة الحزب.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة