فيلم رسائل الكرز.. بكاء متأخر على الجولان الضائع

camera iconمشهد من فيلم رسائل الكرز

tag icon ع ع ع

يتناول فيلم “رسائل الكرز” لمخرجته سلاف فواخرجي قضية عتيقة، تشبه كثيرًا التشديد على “الثوابت الوطنية” التي يتحدث عنها النظام السوري.

وتدور أحداث الفيلم، الذي يعتمد أسلوب “الخطف خلفًا”، في الجولان السوري المحتل، من خلال قصة حب تجمع شابًا ولد يوم جلاء القوات الفرنسية عن سوريا، بفتاة يبتعد عنها ليلتحق بحرب حزيران 1967.

وإذا كانت حالة الفوضى التي تعيشها المنطقة جراء وحشية الحكومات المستبدة بطلة في الدراما والسينما المعاصرة المحكومة بالزمن، فقد ذهبت فواخرجي، ومؤلف عملها نضال قوشحة، إلى البعيد من الزمن، في حين تُلح الأوضاع الاقتصادية والحاجة إلى الأمان (وليس الأمن) والاستقرار، على أولويات المواطن السوري المتعب، فالعمل مؤدلج لتوجيه الأنظار إلى جنوبي البلاد، وغض النظر عن الوضع المأساوي الذي يسببه النظام في شمالها.

الفيلم يحمل طابع التباكي أو الخذلان، وفي الوقت نفسه يسعى لاستمالة العاطفة عبر تمرير رسائله بقالب قصة عاطفية بريئة بين شاب وفتاة ينتميان لنفس المنطقة والحي، وبدأ الحب بينهما في وقت مبكر.

وفي هذه المرحلة، حين يزهر الحب وينتظر تتويجه بالزواج، تدق طبول حرب 1967، طبعًا مع مرور ضروري على حرب 1948، وتجسيد النكبة والخسارة بشخصية عطا الحيفاوي، وهو رجل كهل من حيفا، اضطر للنزوح إلى الجولان إثر ضياع أرضه، وراح يعبر عن حالة الهزيمة والخسران بالسير وحيدًا في الطرقات بصحبة موسيقا الناي الحزينة التي يعزفها.

يصرّ العمل على المباشرة، وتقديم الفكرة بوضوح فج، إذ لا دور للرمز في العمل مطلقًا، اللهم ما لم نقل إن شجرة الكرز ترمز لبحث الإنسان عن ذاته، كما جاء في الفيلم.

تأخذ هذه الحرب، رغم تصوير حالة النصر الافتراضية في حرب تشرين 1973، وقت الفيلم وفكرته، فضياع الجولان دفع الحبيبين للعزوف عن فكرة الزواج، إلى أن مشى بهما الزمن لعام 2013، فكان حنينهما سيد المشهد، ولكن من دون قدرة على التغيير، إن لم يكن على شرف التحرير، فعلى شرف الحب على الأقل.

واحتلت إسرائيل ثلثي مساحة هضبة الجولان في حرب 1967، ثم احتلت في 1973 جيبًا تبلغ مساحته نحو 510 كيلومترات مربعة، ثم ضمت في 1981 نحو 1200 كيلومتر مربع من مرتفعات الجولان المتاخمة للبنان والأردن.

وطوى النظام السوري آخر صفحات صراعه العسكري مع إسرائيل في 1973، وفي حزيران 1974 احتفل باستعادة القنيطرة، واقتصر الكفاح بعدها لأكثر من 53 عامًا على الخطابات والشعارات التي تنادي بعروبة الجولان وانتمائه لسوريا.

يغيب النص عن مساحات طويلة من الفيلم، وتُستبدل به الموسيقى، والشعر وحتى الزجل، ما أعطى قصة الحب هذه وجهًا تقليديًا ومستهلكًا بصورته الفنية.

أُنتج العمل في 2015، وهو من بطولة محمود نصر ودانا مارديني، وغسان مسعود الذي حقق أداء مقنعًا ومتمكنًا في شخصية عطا الريحاوي.

نال “رسائل الكرز” العديد من الجوائز السينمائية العربية، ومنها جائزة “الجمهور” في مهرجان “عنابة للفيلم المتوسطي” في الجزائر 2015، وجائزة “الأرزة اللبنانية” من المهرجان “اللبناني” للسينما في بيروت 2016.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة