النظام يستغل “حياد” سلطنة عمان قبيل الانتخابات

camera iconوزير الخارجية العماني يوسف بن علوي يلتقي برئيس النظام السوري بشار الأسد في دمشق - 7 من تموز 2019 (AP /SANA)

tag icon ع ع ع

كثّف النظام السوري اجتماعاته خلال الأسابيع القليلة الماضية مع حكومات دول عربية حافظت على علاقاتها السياسية والاقتصادية معه خلال السنوات الماضية، أبرزها سلطنة عمان.

ويأتي ذلك في إطار “تعزيز علاقاته السياسة والاقتصادية وبحث سبل التعاون”، بحسب وسائل إعلام رسمية ومقربة من النظام.

في 7 من شباط الحالي، اجتمع وزير الاتصالات والتقانة في حكومة النظام السوري، إياد الخطيب، مع وزير النقل والاتصالات في سلطنة عمان، سعيد المعولي، افتراضيًا عبر منصة “Zoom”، بحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية.

وذكرت الصحيفة أن الوزيرين أكدا في الاجتماع على “متانة” العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين، وتعزيز علاقات التعاون في مجال الاتصالات والتقانة، وتبادل الخبرات والزيارات، ولا سيما في مجالات تطوير استراتيجية التحول الرقمي وناقل الخدمات الحكومي الرقمي.

وأضافت أن مشاريع ومجالات التعاون الممكنة لدى الطرفين طُرحت بـ”شفافية” وبشكل مفصل، واُتفق على الكيفية التي سيتم العمل بها لتنفيذ النقاط التي نُوقشت، وكذلك كيفية فتح أبواب جديدة للتعاون بين البلدين.

وفي 21 من كانون الثاني الماضي، التقى وزير المالية في حكومة النظام، كنان ياغي، بسفير سلطنة عمان في دمشق، تركي بن محمود البوسعيدي، لبحث إمكانية تعزيز التعاون بين البلدين.

وقالت وزارة المالية في بيان نشرته عبر “فيس بوك”، إن ياغي التقى بسفير سلطنة عمان، وتم الحديث عن “الموقف الثابت والمتضامن للسلطنة” مع النظام السوري، و”العلاقات الأخوية التي تجمع بين البلدين الشقيقين”.

وفي 4 من تشرين الأول 2020، تسلم وزير الخارجية السابق، وليد المعلم، أوراق اعتماد السفير العُماني، بحسب وكالة الأنباء العُمانية.

والسفير العُماني أول سفير خليجي يعود إلى دمشق بعد أن خفضت أو سحبت دول الخليج تمثيلها في سوريا، على الرغم من أن السلطنة حافظت على علاقاتها مع سوريا ولم تغلق سفارتها أبدًا.

تحركات قبل الانتخابات

يلجأ النظام السوري إلى تعزيز علاقاته مع سلطنة عمان لسببين، هما سياسة “الحياد” التي تتبعها السلطنة، والأهداف التي يرغب النظام السوري بالحصول عليها، بحسب أستاذ القانون الدولي في كلية “واشنطن” بالجامعة “الأمريكية” ضياء الرويشدي.

وقال الرويشدي، في حديث إلى عنب بلدي، إن سلطنة عمان بحد ذاتها كدولة تضع نفسها أمام العالم العربي على أنها دولة “حياد”، لا تتدخل في المشاكل التي تقع بين الدول العربية وفي شؤونها الداخلية.

كما تبرز نفسها على أنها دولة حياد بين الدول العربية وخلافاتها مع إيران، إذ تسعى إلى إبقاء العلاقات جيدة مع إيران، وبالتالي يسهل هذا الأمر على كل الأنظمة العربية التعامل معها، لعدم رفضها أي نظام عربي.

وأضاف الرويشدي أن النظام يحاول تعزيز علاقاته مع السلطنة لأهدافه التي يريد الحصول عليها، والتي تتمثل في فك العزلة عنه ووجود شرعية سياسية، من خلال إثبات أن لديه عملًا وعلاقات سياسية على الصعيد العربي، خاصة في هذا الوقت الذي يقبل فيه على انتخابات رئاسية.

فمن “المهم جدًا” من الناحية السياسية، برأي الرويشدي، عندما تهنئ دولة أو عدة دول سوريا لاحقًا بنتيجة الانتخابات، بينما ترفض دول أخرى التهنئة أو الاعتراف بها.

وأشار الرويشدي إلى أن السلطنة تدعي الحيادية مع إيران والخليج العربي بشكل كامل، ما يضعها محل “ثقة” بالنسبة للنظام، لكون إيران حليفته، ولربما تكون عُمان الدولة التي تتوسط مع الدول الأخرى لإيجاد حل أو رسم خارطة طريق لإعادة إدماج سوريا في محيطها الإقليمي.

فوائد متبادلة.. هل تتنبه عُمان للعقوبات؟

و”تمارس سلطنة عمان تأثيرًا مطّردًا في سوريا، ما قد يجعل منها لاعبًا دبلوماسيًا ذا أهمية متزايدة هناك، ولكن يتعيّن على السلطنة التنبه جيدًا لخطواتها”، بحسب تقرير لمؤسسة “كارينغي للسلام الدولي” في تشرين الأول 2020.

وتحدث التقرير عن استراتيجية السلطنة القائمة على الحفاظ على علاقات دبلوماسية مع بلدان الشرق الأوسط خلال مراحل العزل النسبي التي تمر بها تلك البلدان، والتي تندرج في إطار الأعراف والشخصية الوطنية العُمانية التي تركّز على الحاجة إلى الحفاظ على حوار سليم وعلاقات دبلوماسية مع جميع الحكومات.

وقال التقرير إن مسقط كانت واضحة بأن كل ما تريده هو الاضطلاع بأدوار إنسانية ودبلوماسية في سوريا، لا إرسال الأسلحة والدعم المادي إلى الفصائل المعارضة للنظام، مثلما فعلت قطر والسعودية.

وأضاف أن دمشق تترقب أيضًا تحقيق منافع اقتصادية من خلال الشراكة الدبلوماسية مع سلطنة عمان التي يمكن أن تؤدّي دور القناة الخلفية التي تربط بين دمشق ودول مجلس التعاون الخليجي.

ففي الوقت الذي يفتقر الحليفان الرئيسان للنظام، روسيا وإيران، إلى الموارد المالية اللازمة لمساعدة سوريا في عملية إعادة الأعمار، ترى دمشق أن الدول الخليجية الثرية، مثل الإمارات والسعودية، تمتلك الموارد الضرورية للاستثمار في إعادة إعمار البلاد.

وأشار إلى أن ما تقوم به عُمان من تعزيز نشاطها في سوريا ليس مؤشرًا فقط على مصالحها هناك، المتمثلة بالفرص الاستثمارية التي تتيح للسلطنة تأكيد نفوذها من خلال القوة الناعمة عن طريق أدائها دور الجسر الدبلوماسي في منطقة شديدة الاستقطاب، بل هو أيضًا مؤشر على مجموعة الشراكات الأوسع التي تُقيمها السلطنة في منطقة الشرق الأوسط وخارجها.

ولكن قد يشكل قانون عقوبات “قيصر” المفروض من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على النظام السوري تحديًا لعُمان، فيما تسعى إلى المساعدة في إعادة الإعمار والتطوير في سوريا، بحسب التقرير.

إذ ينص قانون “قيصر” على فرض عقوبات على الكيانات التي تنتفع من النزاع السوري من خلال المشاركة في أنشطة إعادة الإعمار في سوريا، وتطال العقوبات جميع المتعاملين مع النظام السوري أو قطاعات الاقتصاد التابعة له.

واعتبر التقرير أن عُمان ستقيس خطواتها “بحذر” في سوريا، تجنبًا لانتهاك بنود العقوبات المنصوص عليها في قانون “قيصر”.

لكن أستاذ القانون الدولي ضياء الرويشدي، يرى أن عُمان لن تقع تحت طائلة العقوبات إلا إذا أُثبت أنها تدعم بشكل دائم ومباشر العمليات العسكرية وقتل المدنيين، أي في حال أقدمت على دعم قوات عسكرية أو إنشاء ميليشيات، أما لعب دورها السياسي فلن يعرضها للعقوبات، وهذا ما يجعل السلطنة “مرتاحة” في تعاملها مع النظام.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة