كفرنبل.. عام على دخول النظام السوري إلى مدينة اللافتات

camera iconأمراة بين ركام منزلها بعد قصفه بغارة روسية في كفرنبل بريف إدلب - 20 من أيار 2019 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

بين أشجار التين والزيتون، تحتضن تلال جبل الزاوية جنوبي إدلب مدينة كفرنبل، التي تعتبر بوابته الاستراتيجية، حيث تصله مع ريف حماة الشمالي، وتبعد نحو 13 كيلومترًا عن مدينة معرة النعمان.

ومع بداية الاحتجاجات السلمية في سوريا، “لبّت كفرنبل نداء درعا”، حسب حديث الناشط بهاء سويد (من أبناء المدينة) لعنب بلدي، وشاركت في الحراك السلمي متميزة بلافتاتها وما تحمله من كتابات ورسوم لها رسائل سياسية للداخل والخارج.

أُطلق على كفرنبل ألقاب عدة هي “رمز الثورة السورية” و”أيقونة الثورة” و”مدينة اللافتات”.

لكن في 25 من شباط 2020، سيطرت قوات النظام على المدينة، بعد سيطرة قوات المعارضة عليها لنحو ثماني سنوات (منذ آب 2012).

كيف سيطرت قوات النظام على البلدة عسكريًا

أوضح القائد العسكري في “جيش إدلب الحر” أحمد الحسيني، في حديث إلى عنب بلدي، أنه مع بداية شباط 2020، وبعد سقوط الريف الجنوبي لإدلب بالكامل وصولًا إلى معرزيتا وجبال معرة حرمة، كثّف النظام وروسيا من طلعات طيران الاستطلاع والقصف المدفعي على كفرنبل.

“صار أي شيء يتحرك في المدينة تحت متناول القصف، ما أضعف وصعّب عمليات الرصد وتنظيم خطوط التماس من توزيع العناصر والتدشيم”، بحسب الحسيني.

وبقيت مجموعات مقاتلة توزعت في أحياء المدينة للدفاع عنها في حال قررت قوات النظام اقتحامها.

وتزامنًا مع ازدياد القصف ومحاولات التقدم، كثّفت قوات المعارضة من عمليات الرصد ونصب الكمائن في المحاور التي من المتوقع تقدم قوات النظام إليها، حسب القيادي أحمد الحسيني.

ويوم سيطرة النظام على كفرنبل، وُزع المقاتلون المتبقون على محاور القتال، ودارت اشتباكات “عنيفة” على محاور التماس من جهة قرى حاس وبسقلا شرقي المدينة، وحزارين غربها.

لكن قوات النظام استطاعت التقدم من أحد المحاور في محاولة للالتفاف وتطويق المقاتلين الموجودين من أبناء المنطقة والمتطوعين للدفاع عن المدينة، نتيجة عدم توازن القوى على الأرض والقصف الشديد، حسب القيادي.

وأُعيد انتشار وتوزيع المقاتلين ضمن أحياء المدينة مع اشتداد وتيرة الاشتباكات، بحسب القيادي، ومع عدم تكافؤ القوة على الأرض وكسر جميع الخطوط، بدأت القوات المهاجمة بالدخول إلى المدينة من ثلاثة محاور هي معرزيتا، وبسقلا، وحاس.

وبعدها، جرى تأمين انسحاب أغلب المقاتلين إلى مناطق جبل الزاوية الأخرى للحفاظ على حياتهم.

ومع حلول مساء 25 من شباط 2020، كان القيادي من بين آخر 17 مقاتلًا انسحبوا من المدينة، مشيرًا إلى أن المدينة لم تشهد قتال شوارع، لكن المعارك كانت على أطرافها.

ومنذ شباط 2019 حتى 5 من آذار 2020، تاريخ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في موسكو بين روسيا وتركيا، تقدمت قوات النظام بدعم روسي على حساب المعارضة، واستولت على مدن وبلدات استراتيجية، خارقة بذلك اتفاق “خفض التصعيد”.

مجازر سابقة.. النزوح مصير محتوم

بحسب الناشط بهاء سويدان، أُفرغت المدينة من المدنيين قبل سيطرة النظام عليها نتيجة القصف، ونزح أهلها إلى المناطق الأكثر أمنًا شمالي إدلب وحلب.

وبلغ عدد المخيمات على الشريط الحدودي مع تركيا في ريفي إدلب وحلب نحو 1300 مخيم، بينها 400 مخيم عشوائي، ويقطنها أكثر من مليون نازح داخليًا.

وتفتقد المخيمات للبنية التحتية الأساسية، كالطرقات وشبكات الصرف الصحي، الأمر الذي أدى إلى تكرر مأساة النازحين فيها في كل فصل شتاء بسبب الأمطار التي تغرق الخيام.

وشهدت المدينة عدة مجازر نتيجة قصف النظام، أعنفها في آب 2012، إذ قُتل 18 مدنيًا بينهم امرأتان، وجرح عشرات المدنيين بقصف الطيران الحربي منازل المدنيين وكراج المدينة، بحسب ما وثقته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“.

وفي 4 من كانون الأول 2016، قُتل نتيجة قصف النظام بالطيران الحربي والصورايخ والبراميل المتفجرة مدن وأرياف إدلب 67 شخصًا بينهم أطفال ونساء، معظمهم في مدينة كفرنبل وبلدة التمانعة ومعرة النعمان، بحسب “الدفاع المدني السوري”.

وقُتل، في نيسان 2016، 12 مدنيًا وأُصيب عشرات آخرون في كفرنبل، بحسب “الدفاع المدني”.

رموز كفرنبل ما زالت حاضرة

نالت كفرنبل منذ انضمامها إلى المظاهرات شهرة واسعة، بسبب لافتاتها التي عبر الناشطون من خلالها عن مطالبهم بالحرية، قبل أن تتحول هذه اللافتات إلى أفكار ورسائل ضد ما يصفه المتظاهرون بتخاذل الدول العربية والمجتمع الدولي.

ولفتت شعارات كفرنبل أنظار العالم، بسبب جرأتها وسخريتها في آن واحد من النظام السوري والمعارضة والفصائل والدول الضامنة والمجتمع الدولي، كون “الكل يقتلنا ويتفنن”، وفق ما تقوله إحدى لافتات المدينة، وكأن المدنيين “يهددون أمن غذاء العالم، ويتنفسون أكثر من تهريب ثقب الأوزون”، بحسب ما تضمنته لافتة أخرى، في 29 من آب 2015.

ولم تكن لافتات كفرنبل عبارة عن لوحات فقط، وإنما حملت أبعادًا سياسية وأوصلت رسائل عبر شرح الواقع السوري، ووصف مجريات الأحداث وتخاذل المجتمع الدولي بطريقة ساخرة وفكاهية، إلى جانب رسوم الكاريكاتير.

ولم تستثنِ لافتات كفرنبل أي طرف من الأطراف، وتنوعت في انتقادها، إذ هاجمت تركيا بطريقة ساخرة عندما قالت “اسطنبول خط أحمر”، كما هاجمت الجامعة العربية وصمتها جراء ما يجري، وقالت “إلى الجامعة العربية، اعترفوا بفشلكم ولا تكونوا شركاء في الجريمة”.

ومن أشهر الناشطين الإعلاميين السلميين رائد فارس، الذي عُرف بـ”مهندس اللافتات” وصديقه حمود جنيد، اللذان اغتيلا معًا على يد ملثمين وسط المدينة في تشرين الثاني 2018.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة