بعد نحو عامين على الإعلان عن إنهائه..

شبح تنظيم “الدولة الإسلامية” ما زال حاضرًا في دير الزور

camera iconعلم تنظيم الدولة الإسلامية على الأرض في الباغور بريف دير الزور الشرقي - 2019 (AFP)

tag icon ع ع ع

دير الزور – حسام العمر

لم ينتهِ شعور الخوف من تنظيم “الدولة الإسلامية” لدى أهالي ريف دير الزور، حتى بعد نحو عامين من خضوع منطقتهم لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

امتنع طاهر عمر (40 عامًا) عن العمل أو حتى المشاركة في أي نشاط مدني جرى في بلدته السوسة، بريف دير الزور الشرقي، منذ خضوعها لسيطرة “قسد” مطلع عام 2019، إذ لم يمنع الإعلان عن القضاء على الوجود العسكري للتنظيم تبني خلاياه عمليات اغتيال متعددة، استهدفت موظفي “الإدارة الذاتية” وحتى بعض العاملين في المنظمات الإغاثية.

طاهر هو مهندس مدني انتقل للعيش في المناطق الخاضعة لسيطرة “قسد” منذ بداية عام 2020، بعد أن سيطرت الميليشيات الإيرانية أو التي تدعمها إيران على المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري من محافظة دير الزور، حيث كان يسكن.

إذ يتقاسم النظام والميليشيات الإيرانية مع “قسد”، المدعومة أمريكيًا، السيطرة العسكرية على المحافظة الشرقية، حيث يعتبر نهر “الفرات” الخط الفاصل بين مناطق السيطرة جغرافيًا.

قال طاهر لعنب بلدي، إن ما يمنعه من الخوض في غمار الحياة المدنية، التي بدأت تظهر في مناطق “قسد” و”الإدارة الذاتية”، هو النشاط “المفرط” لعناصر تنظيم “الدولة”، الذين صاروا “يهددون بشكل حقيقي” حياة أي شخص في المنطقة، وليس فقط الموظفين والمقاتلين.

تهاون من “قسد” أم فساد؟

ترافقت الشكاوى والخشية الأمنية من تنظيم “الدولة الإسلامية” في دير الزور مع استياء واحتجاجات ضد “قسد” على ما سماه السكان “تهميش” مناطقهم.

أحد عناصر “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) في ريف دير الزور الشرقي، تحفظ على ذكر اسمه، قال لعنب بلدي، إن السبب الرئيس لضعف القبضة الأمنية في المنطقة هو “التهاون في فرض السيطرة”.

وبحسب رأي العنصر فإن “فساد” بعض قياديّي “قسد” و”الإدارة الذاتية” سبب رئيس لعدم تقبل السكان المحليين لهم، ما يسهم بعدم القضاء على نشاط خلايا التنظيم حتى الآن، إلى جانب اعتبار أي موظف أو عسكري بمثابة هدف لتلك الخلايا.

وتبنى تنظيم “الدولة” 593 هجومًا خلال عام 2020، تركزت أغلبيتها في شرقي سوريا، موضحًا عبر بيان نشرته وكالة “أعماق” التابعة له أن عملياته أوقعت 1327 شخصًا بين قتيل وجريح، 901 منهم من “قسد”، مع تركز معظم تلك الهجمات في محافظة دير الزور.

“حسبة” و”زكاة” في أرض بلا “خلافة”

حين أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” إقامة “الخلافة” في سوريا والعراق، عام 2014، أقام شريعته الخاصة بفرض أحكام على سكان المنطقة، مثل تحديد الزي المقبول على النساء وجباية ضريبة “الزكاة”، معتمدًا القسوة سبيلًا للتطبيق والحكم.

حليمة (28 عامًا) أنهت دراستها في كلية التربية بجامعة “دمشق” منذ ثلاثة أعوام، قالت لعنب بلدي، إنها لا تزال تخشى على حياتها بعد أن تم تعيينها مدرّسة للمرحلة الابتدائية في ريف دير الزور الشرقي، “ما زلت ألتزم باللباس الشرعي الذي فرضه تنظيم (الدولة) على النساء في مناطق سيطرته، وأحيانًا أخشى الكشف عن وجهي حتى أمام طلابي الذين لم يتجاوز عمرهم التسع سنوات”.

تلتزم حليمة باللباس الأسود، الذي تراه غير متناسب مع طلابها الصغار و”يؤثر على نفسيتهم”، على حد قولها، وكان التنظيم فرض على النساء في مناطق سيطرته أو المسافرات إلى تلك المناطق الالتزام بارتداء الثياب الفضفاضة ذات اللون الأسود، التي تغطي كامل الجسم مع الوجه والكفين.

بينما تحدث محمد (45 عامًا)، أحد تجار المواد الغذائية بريف دير الزور الشرقي، عن تجول عناصر للتنظيم ليلًا لجباية “الزكاة” من تجار المنطقة.

وقال التاجر، إن “الكثير” من التجار يجبرون على دفع “الزكاة” لعناصر التنظيم، التي تقدر بقيمة 2.5% من الأموال وقيمة البضاعة الموجودة لديهم، مع جهلهم بكيفية تقدير العناصر لقيمتها، ومن يتخلف عن الدفع يخشى القتل بعد توجيه رسائل التهديد، التي تضطره لتلبية مطالبهم.

وسبّب ذاك الابتزاز انعدام الأمن بالنسبة للتجار، إذ عثر أهالي قرية البصيرة بريف دير الزور الشرقي، في 15 من كانون الأول 2020، على جثتين مقطوعتي الرأس، وبجانبهما ورقة كُتب عليها “هذا جزاء من يشلّح باسم الدولة الإسلامية”، في إشارة إلى أن الجثتين تعودان لأشخاص جمعوا “الزكاة” باسم التنظيم وهم لا ينتمون إليه أساسًا.

أحد الناشطين الإعلاميين في المنطقة، تحفظ على ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، قال لعنب بلدي، إن السكان يخشون من عواقب بقاء نشاط خلايا “الدولة”، والجميع متضرر من استمرار هذا النشاط الذي لم توقفه الحملات العسكرية والأمنية التي تطلقها “قسد”، بمعونة “التحالف الدولي” الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.

وأشار الناشط الإعلامي إلى تفضيل العديد من أهالي دير الزور الهجرة على البقاء تحت ظل تهديد “الدولة” أو فساد “قسد”، حسب رأيه.

ورغم الإعلانات المتكررة لـ”التحالف الدولي” لمحاربة التنظيم، الذي شاركت به 83 دولة، منذ عام 2014، عن حملات ملاحقة خلاياه، يذكر في موقع الرسمي أن خطر التنظيم ما زال حاضرًا و”كبيرًا”، ويتطلب جهودًا مستمرة للقضاء عليه في المنطقة.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة