“حذاء أزرق”.. مجموعة قصصية بطلاها المكان والأسلوب

camera iconكتاب حذاء أزرق

tag icon ع ع ع

بدأت الكاتبة كندة السوادي مجموعتها القصصية “حذاء أزرق” كما ختمتها، إذ افتتحت بقصة حملت اسم “مقام الخلوة”، وختمت المجموعة برسائل إلى أمها.

وتتشارك هاتان القصتان بنوع المشاعر وإصرارها على الظهور من خلف لثام اللغة، فالشوق والكفر بالوحدة كانا سيّدي الموقف، وإن كان هذا الشوق حالة مختلفة الطريق والغاية في كل من القصتين، لكنه نفور الإنسان من وحدته التي تبرز ضعفه حين تُفرض عليه، ولا يختارها بمحض إرادته.

وتتابع السوادي مجموعتها بفتح أبواب الأسئلة دون إغلاقها، عبر حوار قصير مفترض، أو مونولوجات (حوارات داخلية) متقطعة، لا تنفك تطرح الأسئلة دون أن تتبنى أجوبتها، فأجوبة الكاتبة في هذه الحالة أجوبة عنصر قصصي وغير مصممة للاقتداء بها.

وشكّلت لغة النص في المجموعة عنصر قوة ناعمة ميّز القصص التي كونتها، فجاءت اللغة قريبة من الناس ومصطلحات يومهم، متفادية الوقوع في فخ التعالي واستعراض العضلات اللغوية، فعلى العكس تمامًا، كُتبت القصص بلغة مغرية ويُبنى عليها الكثير، فللغة سحرها وقدرتها على رسم مصير النص بين يدي القارئ.

ولا تخلو نصوص “حذاء أزرق” من الرمزية وطرح الرسائل بقالب ساخر، وبدا ذلك بوضوح في قصة “الذبابة”، التي انتقدت السوادي من خلالها مسؤول السلطة البدين الفاسد، الذي تطارده ذبابة وتنغص لحظته، بوصفه نوعًا من أنواع القذارات التي تستهوي الذباب، ورغم أناقة ملبسه واستعانته بالعطور، لا يتمكن من خداع هذه الحشرة التي تعافه فيما بعد من تلقاء نفسها، لتجري جولات مكوكية فوق رأس امرأة تستعيد ذكرى غرامياتها التي ضيعتها، في انتقاد غير مباشر لبنية المجتمع، والمفاهيم الأخلاقية.

وفي قصتها “رسالة إلى حبيبي السابق” ترسم السوادي مزيجًا من أدب المراسلات وأدب الاعتراف، فإلى جانب الجرأة في الطرح، والخروج عن نمطية الرسائل التي تُكتب للتعبير عن ذكريات عاطفية، جاءت هذه الرسالة مفعمة بالبوح الذي يوحي بالشوق، حين يكون هذا البوح عن بُعد.

ويبدو كرم اللغة، أو الكرم الذي أسبغته السوادي على بطلتها، في قصة “انتهاك الملكة البلاغة في زيارتها الأخيرة”، ويتجلى الكرم هنا عند توظيف اللغة لتكذب على لسان صاحبها.

ومن أبرز أبطال “حذاء أزرق” المكان الذي شكّل مسرح أحداث هذه القصص، فكل ما جاء في هذه القصص تدور أحداثه بين وكالة “سانا” في منطقة البرامكة، وشارع الأمين في دمشق، ما جعل القصص أكثر واقعية وحضورًا في الذهن كصور حيّة.

تتكون المجموعة من 111 صفحة، قدمت خلالها السوادي 15 قصة قصيرة السرد، غنية المعاني، وصدرت المجموعة في سوريا، عام 2011.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة