ما مشروع قناة “اسطنبول” التي غضب أردوغان لأجلها؟ (خريطة)

camera iconالرئيس التركي رجب طيب أردوغان (الأناضول)

tag icon ع ع ع

أثار بيان موقّع من 103 أميرالات أتراك، ينتقد إصرار الحكومة التركية على تنفيذ مشروع قناة “اسطنبول” البديلة لمضيق “البوسفور”، غضب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وناقش ذلك مع مجلس وزرائه واللجنة التنفيذية المركزية لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم.

رد الفعل الأول جاء، بحسب ما نقلت وكالة “الأناضول” اليوم، الاثنين 5 من نيسان، باعتقال عشرة مشتبه بهم وتبليغ أربعة بمراجعة الشرطة خلال ثلاثة أيام، في إطار تحقيقات النيابة العامة بالعاصمة أنقرة، حول بيان أصدره ضباط متقاعدون برتبة أميرال ليلة الأحد، حول قناة “اسطنبول” المخطط شقها بموازاة مضيق “البوسفور”.

وقال أردوغان، في تصريحات بعد الاجتماع، إن بيان الضباط المتقاعدين ناجم عن “نوايا سيئة”.

الباحث بالشأن التركي والمقرب من الحكومة التركية طه عودة أوغلو، تحدث في تصريحات لوسائل إعلام عربية، نشرها عبر صفحته عبر “فيس بوك“، أن غير المعلن من بيان الضباط الأتراك، هو رابط بين الوضع في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا وما صدر عن الضباط المتقاعدين حول إلغاء اتفاقية “مونترو” الذي سيضر بالروس ويعزز موقف الأمريكيين.

البيان أغضب مسؤولين أتراكًا آخرين، إذ انتقدته وزارة الدفاع، بينما اعتبره وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أسلوبًا يستحضر الانقلاب.

اقرأ المزيد: اعتقال جنرالات أتراك شاركوا ببيان “يستحضر الانقلاب”.. أردوغان يدعو إلى اجتماع طارئ

وأضاف تشاووش أوغلو في تصريحات لقناة “ahaber” التركية، نقلتها “الأناضول“، أن “قناة (اسطنبول) المائية التي تعتزم تركيا فتحها، لا تؤثر على اتفاقية مونترو (الخاصة بحركة السفن عبر المضائق التركية)”، وأن الاتفاقية ليس لها تأثير كذلك على مشروع القناة.

فما المشروع الذي يصر أردوغان على تنفيذه؟

تعتزم تركيا شق قناة “اسطنبول المائية” في الجانب الأوروبي من المدينة، بعد أن تحول مضيق “البوسفور” في اسطنبول إلى أحد أكثر المضائق البحرية حساسية بالنسبة لسفن شحن البضائع، نتيجة الازدحام المروري الحاصل فيه.

في عام 2017 وحده، مرت من خلال مضيق “البوسفور” 53 ألف سفينة مدنية وعسكرية، مقارنة بـ17 ألف سفينة مرت عبر قناة “السويس”، و12 ألف سفينة مرت في قناة “بنما”.

بينما عبرته خلال 2020 أكثر من 38 ألف سفينة، ويفسر الانخفاض بالجائحة التي سببها فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).

أعلن أردوغان، في 2011، عندما كان رئيسًا للوزراء، مجموعة من “المشروعات العملاقة” هدفها زيادة إجمالي الناتج المحلي للبلاد ليصل إلى تريليوني دولار بحلول الذكرى المئة لإعلان الجمهورية، في عام 2023.

تتضمن المشروعات مطار “اسطنبول” الجديد، الذي افتُتحت المرحلة الأولى منه في نيسان 2019، ومن المقرر افتتاحه بشكل كامل عام 2025.

والمشروع الثاني هو مد طريق بري بطول الغابات الواقعة على ساحل البحر الأسود، وصولًا إلى المطار الجديد، لنقل البضائع من أوروبا وآسيا.

أما المشروع الأضخم فهو قناة “اسطنبول”، الذي تعتزم الحكومة التركية العمل به قريبًا.

تفاصيل عن مشروع القناة

تربط القناة البحر الأسود شمال اسطنبول ببحر مرمرة جنوبًا، وتقسم الجزء الأوروبي من المدينة إلى قسمين، ليكون الجزء الشرقي من القسم الأوروبي جزيرة وسط قارتي آسيا وأوروبا.

طول القناة 30 كيلومترًا منه في اتجاه الغرب، وتقدر التكلفة المبدئية للمشروع بحوالي 15 مليار دولار.

وتتيح القناة الجديدة عبور السفن بين البحر المتوسط والبحر الأسود من دون المرور بمضائق خاضعة لبنود اتفاقية “مونترو”، التي تنص على حرية الملاحة في مضائق البحر الأسود، ومن بينها “البوسفور”.

وتمتد القناة في غرب البلاد لتربط البحر الأسود في الشمال ببحر مرمرة في الجنوب، بطول 45 كيلومترًا، وعمق 25 مترًا. ويبلغ عرضها حوالي 400 متر، ويصل في إحدى النقاط إلى كيلومتر واحد.

وتبدأ القناة من بحيرة “كوتشوك شكمجه”، وهي بحيرة طبيعية في بحر مرمرة، إلى الغرب من اسطنبول، وتمتد شمالًا إلى سد “سازليديري”، ثم قرية شاملار، وصولًا إلى البحر الأسود، وتعتزم وزارة النقل التركي بناء عشرة جسور ضمن مشروع القناة.

وأثرت خطط المشروع على أسعار الأراضي المحيطة بالقناة، خاصة أن 30% منها مملوكة لأفراد.

وارتفع سعر المتر المربع من الأرض في قرية شاملار من 6.5 إلى 184 دولارًا، وفي مناطق أخرى وصل سعر المتر المربع إلى 800 دولار بعد أن كان بـ25 دولارًا.

وتريد الحكومة التركية وفق خططها كسب ثمانية مليارات دولار سنويًا، مقابل الرسوم التي تدفعها السفن للمرور عبرها، في ظل عدم خضوعها لاتفاقية “مونترو”.

وترجع الاتفاقية لعام 1936، ووقعت عليها تركيا والاتحاد السوفييتي السابق وبريطانيا وفرنسا واليونان وبلغاريا ورومانيا ويوغسلافيا واليابان وأستراليا.

الاتفاقية تسمح للسفن التابعة للدول المطلة على البحر الأسود بحرية المرور والوجود في حوض البحر الأسود، أما السفن التابعة لدول خارج حوض البحر الأسود، فيُسمح لها بالوجود لمدة ثلاثة أسابيع.

خبراء تحدثوا أن قناة “اسطنبول” تثير مخاوف موسكو بشأن استخدامها لأغراض عسكرية، “وقد تفتح الباب لوجود السفن الحربية الأمريكية في البحر الأسود”، حسبما نقلت وكالة “رويترز” عن الدبلوماسي التركي السابق سنان أولغين.

خريطة توضح مكان قناة اسطنبول الجديدة (تعديل عنب بلدي)

ماذا يقول معارضو المشروع؟

ترفض المعارضة التركية المشروع، وتتحدث عن تغيرات تهدد النظام البيئي والمناطق الأثرية حول القناة.

ورغم أن الحكومة التركية تقول إن القناة الجديدة ستخفف من العبء الملاحي عن مضيق “البوسفور”، وتقلل من الانبعاثات والمخلفات التي قد تضر بالمناطق الأثرية والتراثية المحيطة، ترى المعارضة أن القناة ستعزل المنطقة الأثرية في اسطنبول وتحولها إلى جزيرة.

ويعارض رئيس بلدة اسطنبول، أكرم إمام أوغلو، من “الحزب الجمهوري” (المعارض)، خطط حفر القناة، ووصفها بأنها “مشروع كارثي سيتسبب في مجزرة بيئية”.

وتشير الخطط إلى أن عملية الحفر ستزيل 2.5 مليار متر مكعب من التربة، تخطط الحكومة استخدامها لبناء ثلاث جزر صناعية في بحر مرمرة.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس بلدية اسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو من “الحزب الجمهوري” المعارض (الأناضول)

أين وصل مشروع القناة؟

الأحد 4 من نيسان، أعلن وزير النقل والبنى التحتية التركي، عادل قره إسماعيل أوغلو، أن وزارته تواصل التحضيرات لطرح مناقصة إنشاء قناة “اسطنبول” المائية، معتبرًا أنها ستجعل من اسطنبول مركزًا تجاريًا عالميًا.

وأضاف في تصريحات لوكالة “الأناضول“، أن القناة “مشروع يمثّل رؤية تركيا”، وأنها أحد أكبر المشاريع حول العالم.

وأشار إلى موافقة بلاده مؤخرًا على خطط تطوير القناة، لافتًا إلى اكتمال تحضيرات المشروع من الناحية المعمارية.

وأوضح أن التحضيرات متواصلة لطرح مناقصة القناة، مؤكدًا نية البدء بها “قريبًا جدًا”، دون الكشف عن تفاصيل أكثر.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة