دبلوماسي أمريكي ينقل عن الأسد: مزارع شبعا سورية مهما ادعى “حزب الله”

camera iconدورية عسكرية إسرائيلية بالقرب من السياج الحدودي مع لبنان في منطقة شبعا على سفوح جبل الشيخ في نقطة التقاء الحدود السورية اللبنانية الإسرائيلية (Getty)

tag icon ع ع ع

تمسك رئيس النظام السوري، بشار الأسد، باعتبار مزارع شبعا وتلال كفر شوبا على المثلث الحدودي السوري- اللبناني- الإسرائيلي أرضًا سورية، رغم تصدير “حزب الله” قضية هذه المناطق المحتلة من إسرائيل كذريعة للإبقاء على نشاطه العسكري، بحسب ما نقله المبعوث الأمريكي إلى سوريا حينها، فريدريك هوف، عن اجتماع أجراه مع الأسد، في 28 من شباط 2011، في قصر “تشرين” بدمشق.

وأعلن هوف، في 7 من نيسان الحالي، عبر مجلة “نيو لاينز“، عن فحوى لقائه بالأسد، وقيادة هوف لمفاوضات واضحة وصريحة للسلام بين سوريا وإسرائيل.

ويأتي حديث هوف عن موقف الأسد من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا بالتزامن مع خلاف حدودي بحري بين الجانبين، اللبناني والسوري، طفا على السطح مؤخرًا، إثر منح وزارة النفط والثروة المعدنية السورية ترخيصًا لشركة “كابيتال” الروسية للتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية في البحر المتوسط، في 17 من آذار الماضي.

وكشف تعاقد النظام السوري مع الشركة الروسية عن رؤية مختلفة للحدود البحرية شكّلت شرارة لخلاف حول منطقة تقدّر بـ750 كيلومترًا ضمن “البلوك رقم 1″، في المياه الإقليمية بين الجانبين.

هوف مصدوم من الأسد

وقال هوف، بحسب ما ترجمته عنب بلدي، “صدمتني صراحة الأسد وعدم تردده في إخبار دبلوماسي أمريكي بصراحة أن الأرض المعنية التي تعتبر الأساس في مكانة (حزب الله) المزعومة كحركة (مقاومة لبنانية) هي أرض سورية، وليست لبنانية”.

وأبدى بشار الأسد، وفقًا لما نقله هوف، استعداده لحل علاقة سوريا العسكرية مع إيران، وإلزام لبنان بالتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل وإخراج “حزب الله” من نشاطات المقاومة برمته، مقابل معاهدة سلام بين سوريا وإسرائيل تستعيد سوريا بموجبها جميع الأراضي التي خسرتها في حرب حزيران 1967.

السفير فريدريك سي هوف هو دبلوماسي مقيم في كلية “بارد” بالولايات المتحدة، شغل منصب سفير ومستشار خاص للمرحلة الانتقالية في سوريا في عهد الرئيس باراك أوباما.

وبيّن هوف في حديثه أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان يرغب بالتأكد من أن الأسد نفسه ملتزم بالسلام وإعادة التوجه الاستراتيجي الإقليمي لسوريا، وذلك لأهمية السلام مع سوريا بالنسبة لإسرائيل.

وخلال مباحثات السلام بين إسرائيل وسوريا، التي بدأت عام 2009، كان وزير الخارجية السوري السابق، وليد المعلم، المحاور الرئيس في تلك المباحثات، وكان يتمتع بالثقة الكاملة من قبل الأسد.

لكن المعلم لم يكن جيدًا بما يكفي لطمأنة أمريكا وإسرائيل للقدرة على تقديم التزامات سورية، خشية من تعارض أي “نعم” يقولها المعلم مع “لا” من بشار الأسد، بالإضافة إلى التشكيك في قدرة الأسد على قطع علاقاته العسكرية مع إيران و”حزب الله” و”حماس”.

وفي أيار 2010، التقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي حينها، جون كيري، بالأسد، وكشف هذا اللقاء لكيري انسجامًا في مواقف الأسد والمعلم، إلا أن الأخير بدا أكثر حذرًا من رئيسه فيما يتعلق بالالتزامات الخطية.

وخلال اجتماع جرى في القدس أوائل عام 2011، ووسط تشكيك نتنياهو في نية الأسد والمعلم بالتوصل إلى السلام، اقترح هوف لقاء الأسد وجهًا لوجه، لطرح الأسئلة المتعلقة بالسلام مع إسرائيل بشكل مباشر، وإجراء تقييم شخصي مستقل لالتزام الأسد شخصيًا بالسلام، ثم مشاركته مع فريقه في مباحثات متقدمة، وأبدى نتنياهو ترحيبًا بالفكرة آنذاك.

وبدا الأسد خلال لقائه بهوف قاطعًا وصريحًا وغير متردد في إعلانه الاستعداد لتبادل علاقات طويلة الأمد مع إسرائيل، مقابل استعادة الأراضي المحتلة، وفق ما قاله هوف.

وتوقع الأسد أن ينخرط لبنان في معاهدة سلام مع إسرائيل إثر سلام سوريا وإسرائيل، وأن الخاسرين (إيران وحزب الله) سينسجمان بسهولة، وأن الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، سيقضي على “مقاومة” منظمته، لتتماشى مع أحكام معاهدة السلام اللبنانية- الإسرائيلية.

وأثار حديث الأسد عن مزارع شبعا وامتدادها الشمالي الشرقي المعروف باسم تلال كفر شوبا اهتمامًا أمريكيًا في تلك الفترة، فالمناطق المذكورة احتلتها إسرائيل عام 1967 كجزء من مرتفعات الجولان السورية، وهي ذات كثافة سكانية منخفضة، وتتعامل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان معها باعتبارها أراضي سورية محتلة.

محادثات مع لبنان

وسأل هوف الأسد حول مخاوف من تمسك “حزب الله” بمزارع شبعا وسعيه لنقلها رسميًا إلى لبنان، لكن الأسد أكد أنها أراضٍ سورية، وأنه بمجرد استعادة سوريا أراضيها من إسرائيل، ستدخل في محادثات مع لبنان حول التعديلات المحتملة على الحدود، بالإضافة إلى صكوك ملكية الأراضي.

ومع اقتراب الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من لبنان، وفي الفترة التي أُثير خلالها الموضوع في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، عام 1999، أطلق “حزب الله” شعار “المقاومة لم تنتهِ بعد” في إشارة إلى المطالبة بالقرى الشيعية السبع التي فُصلت في شمالي فلسطين عن المجتمعات ذات الصلة، من خلال ترسيم الحدود الأنجلو- فرنسية لفلسطين ولبنان الكبير.

وبما أن “حزب الله” توقع الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، فقد روّج لفكرة “إعادة” القرى إلى لبنان، للنظر في الاحتلال الإسرائيلي، واتفق النظام السوري، المستفيد من بقاء “حزب الله”، مع المزاعم التي أطلقها الأخير.

وحين قامت الأمم المتحدة بالتحقق من اكتمال الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في حزيران 2000، ادعى “حزب الله” أن قطعًا من الجولان تحتلها إسرائيل تتضمن عدة مزارع ومراعٍ يملكها سكان قرية “شبعا” اللبنانية، وهي أراضٍ لبنانية.

ولأن النظام السوري يريد استمرار “المقاومة”، اتفق مع رواية “حزب الله”، بحسب ما ورد في اتصال هاتفي بين وزير الخارجية السوري في ذلك الوقت، فاروق الشرع، والأمين العام للأمم المتحدة الأسبق، كوفي عنان، في 16 من أيار 2000.

وأكد المبعوث الأمريكي السابق أن جميع الخرائط تقريبًا، بما في ذلك واحدة مصورة بالعملة اللبنانية، أظهرت أن مزارع شبعا ومنحدرات جبل الشيخ خارج نطاق الولاية اللبنانية.

ولم يؤكد لبنان عام 1967 أن إسرائيل احتلت جزءًا من أراضيه المتاخمة لمرتفعات الجولان، ولم يقدم مثل هذا الادعاء إلا بعد 33 عامًا، فالمناطق المذكورة (مزارع شبعا وتلال كفر شوبا) كانت تحت سيطرة سوريا قبل أن تخسرها أمام إسرائيل عام 1967.

قتال الأسد للمتظاهرين السلميين بدلًا من السعي لتحقيق السلام مع إسرائيل أكد على الأرجح ديمومة هذه الخسارة، وفقًا لهوف.

الأسد: كل شيء يمكن التفاوض عليه

كشف وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، جون كيري، في أيلول 2019، عن رسالة “سلام” مع إسرائيل، كتبها رئيس النظام السوري، بشار الأسد، عام 2010 إلى الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما.

ووفقًا لما ذكره كيري ضمن مذكراته التي نشرتها صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، فإن الأسد وافق على السلام مقابل استعادة هضبة الجولان المحتلة.

وذكر كيري أنه عرض الرسالة على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي فوجئ بأن الأسد قدّم تنازلات مقارنة مع المفاوضات السابقة.

مباحثات السلام العلنية بين سوريا وإسرائيل (عنب بلدي)

وكشف كيري عن زيارة أجراها إلى دمشق عام 2009، ضغط خلالها على الأسد بموضوع دعم “حزب الله”، ورد الأسد بقوله، “كل شيء يمكن التفاوض عليه”، ملمحًا إلى إمكانية تغيير هذه السياسة بعد المفاوضات مع إسرائيل.

ولم تشهد محادثات السلام أي اتفاق أو تفاهمات بموضوع الجولان المحتل، رغم وصول المحادثات الأمريكية- السورية إلى مرحلة “غير مسبوقة”.

وبيّن كيري أن الرسالة جاء فيها أن “سوريا مستعدة لاتخاذ جملة من الخطوات مقابل إعادة الجولان من إسرائيل”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة