ميشيل كيلو.. 30 عامًا من النضال السياسي

camera iconالمعارض السوري الراحل ميشيل كيلو (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

“لن يحرّركم أي هدف غير الحرية، فتمسّكوا بها في كل كبيرة وصغيرة، ولا تتخلّوا عنها أبدًا، لأن فيها وحدها مصرع الاستبداد، فالحياة هي معنى للحرية، ولا معنى لحياة من دون حرية. هذا أكثر شيء كان شعبنا وما زال يحتاج إليه، لاستعادة ذاته، وتأكيد هويته، وتحقيق معنى لكلمة المواطنة في وطننا”. 

كلمات كتبها المعارض والسياسي السوري ميشيل كيلو، في موقع “العربي الجديد” وهو راقد على فراش المرض، قبل أكثر من أسبوع على وفاته في العاصمة الفرنسية باريس أمس، الاثنين 19 من نيسان، عن عمر ناهز 81 عامًا.

وترك كيلو خلفه مسيرة سياسية طويلة وأحلامًا متفائلة ببناء سوريا، ورسالة للشعب السوري.

من هو ميشيل كيلو

ولد كيلو عام 1940 في محافظة اللاذقية، لأب مثقف يعمل شرطيًا في بلدية المحافظة، وكان كيلو عضوًا سابقًا في الحزب “الشيوعي السوري”، كما شغل منصب رئيس مركز “حريات للدفاع عن حرية الرأي والتعبير” في سوريا.

تلقى كيلو تعليمه في اللاذقية، وعمل في وزارة الثقافة والإرشاد القومي، وينقل ميشيل كيلو عن والده أنه كان يقول، “كيف تستطيع أن تكون مجرد مسيحي فحسب في بيئة تاريخية أعطتك ثقافتك ولغتك وحضارتك وجزءًا مهمًا من هويتك”.

بعد وفاة رئيس النظام السوري السابق، حافظ الأسد، وتقلّد ابنه بشار منصب الحكم، أُغري المعارضون السوريون وفي مقدمتهم ميشيل كيلو، للقيام بنشاط سياسي ضمن ما سمّي حينها بـ”ربيع دمشق” الذي شهد ظهور المنتديات السياسية، و”لجان إحياء المجتمع المدني”.

ونشط كيلو عام 2000 بكتابة المقالات التي كانت تنشر في صحف لبنانية عدة، شرّح فيها الفساد السياسي والاقتصادي، بعد أكثر من 30 عامًا من حكم استبدادي أمني قمعي.

وكان كيلو ناشطًا في “لجان إحياء المجتمع المدني”، وأحد المشاركين في صياغة “إعلان دمشق” عام 2006، الذي طالب بإصلاحات سياسية في أثناء ما عُرف آنذاك بـ”ربيع دمشق”.

لم يدم “ربيع دمشق” طويلًا، إذ ألغت الأجهزة الأمنية كل المنتديات السياسية، واعتقلت الكثير من المعارضين، من بينهم ميشيل كيلو، وحكمت عليه بالسجن ثلاث سنوات.

كيلو والثورة

ومع انطلاق الاحتجاجات ضد النظام عام 2011، أيّد كيلو المظاهرات السلمية المطالبة بالحرية والديمقراطية منذ انطلاقها، ما عرّضه لمضايقات غادر على إثرها سوريا.

وانخرط كيلو في الحراك السياسي للثورة، وكان عضوًا بارزًا في “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، ومثّل فيه التيار الليبرالي، قبل أن يغادره عام 2016 إثر خلافات.

وتعرض كيلو لانتقادات حادة عام 2013، بسبب تصريحاته، لوكالة “الأناضول” التركية، حول “جبهة النصرة” التي قال فيها، “إن (جبهة النصرة) لا تشكل تهديدًا على الساحة السياسية في سوريا”.

وفي العام 2013، انضم كيلو ذو التوجه الليبرالي إلى “الائتلاف الوطني السوري”، لينسحب منه لاحقًا، ومن المشهد السياسي بعد ذلك، ويستقر في باريس، حيث تفرغ للكتابة حتى رحيله، لتشريح ما جرى خلال عقد كامل من عمر الثورة.

وفي لقاء أجراه ميشيل كيلو مع عنب بلدي في شباط 2020، قال إن الشعب السوري يحتاج إلى بناء كيان سياسي جديد، يشعرهم أن تمثيلهم “معزز”، ويدفع العالم إلى أخذ مصالح السوريين بالحسبان، واصفًا الممثلين الحاليين بـ”فاقدي الاعتراف”.

ولم يرَ كيلو أن هذا الكيان الجديد يجب أن يمر بالضرورة على “جثة الائتلاف وهيئة التفاوض”، ولكنه يمكن أن يلعب دور “سدّ النقص” في الهيئات السياسية الموجودة، ويزيل “العجز” من أدائها.

إلا أن فرص نجاح كيان مماثل بالصفات المطلوبة “ليست قريبة”، بحسب ما يعتقده كيلو، “رغم كثرة الذين قرروا بناء بديل”.

ومع ذلك، لا يرفض رئيس تيار “اتحاد الديمقراطيين السوريين” إشراك تياره بأي جهد “لا يفتّت ما هو قائم من إرادة شعبية ضد النظام وروسيا وإيران، ويسهم في تعزيز القضية السورية وعدالتها”.

نشاط لا ينقطع

ترجم كيلو بعضًا من كتب الفكر السياسي إلى العربية، ومنها كتاب “الإمبريالية وإعادة الإنتاج”، و”لغة السياسة” لجورج كلاوس، وكذلك كتاب “الوعي الاجتماعي”، وكتاب “السياسة في الحرب العالمية” لماكس فيبر، و”نظرية الدولة” لنيكوس بولانتزاس.

وصدر له مؤخرًا كتاب “من الأمة إلى الطائفة”، وهو عبارة عن دراسة نقدية لحكم “البعث” والعسكر في سوريا، درس فيها الكاتب المرحلة نقديًا على ثلاث فترات، امتدت أولاها من عام تأسيس حزب “البعث العربي” عام 1947 إلى العام 1966، سنة الانقلاب.

والثانية من انقلاب 23 من شباط 1966 إلى 16 من تشرين الثاني 1970، عام انفراد الفريق حافظ الأسد (1930- 2000) بالسلطة، والثالثة من العام 1970 إلى قيام الثورة السورية في 15 من آذار 2011.

ورغم الخلافات الحادة التي تعاني منها الساحة السياسية السورية، فإن العديد من الناشطين والسياسيين تفاعلوا على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع خبر وفاة كيلو.

وكتب الكاتب والصحفي السوري قتيبة ياسين، في “تويتر“، “إن حب السوريين لميشيل كيلو، وكرههم لبدر الدين حسون، دليل كافٍ على أن الشعب السوري لم يكن يومًا شعبًا طائفيًا”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة