من “الميدان” إلى “النورماندي” فالغزو.. الثورة الأوكرانية والتوتر مع روسيا

camera iconالعلمان الأوكراني والروسي (Srpskacafe)

tag icon ع ع ع

أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في 24 من شباط الماضي، بدء “عملية عسكرية خاصة” في إقليم دونباس الذي يضم منطقتي لوغانسك ودونيتسك، اللتين اعترف بوتين رسميًا باستقلالهما قبل أيام، الأمر الذي تسبب بإدانات دولية تبعها فرض عقوبات على روسيا.

العمليات العسكرية الروسية لم تقتصر على المنطقتين الانفصاليتين في دونباس، بل امتدت لتشمل مناطق واسعة على الأراضي الأوكرانية، وصولًا إلى العاصمة كييف.

وقال بوتين في خطاب متلفز، إن “مجمل تطورات الأحداث وتحليل المعلومات يظهر أن المواجهة بين روسيا والقوى القومية في أوكرانيا لا مفر منها. إنها مسألة وقت”، بحسب ما نقلته وكالة “سبوتنيك” الروسية.

ووفقًا لما نقلته وكالة “سبوتنيك” الروسية حينها، طلب قادة جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، دينيس بوشيلين، وليونيد باشنيك، من بوتين، “المساعدة في صدّ عدوان من القوات المسلحة الأوكرانية، لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين ومنع وقوع كارثة إنسانية في دونباس”.

وكحال جميع الحروب حول العالم، كان للحرب الأوكرانية أسبابها التي مرت بالعديد من التوترات السياسية، وبدأت مع بداية خروجها عن الوصاية الروسية مع اندلاع الثورة الأوكرانية عام 2013.

ما الثورة الأوكرانية؟

سعت الحكومات الأوكرانية المتعاقبة إلى تشكيل علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي، وكانت حكومة الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش تتفاوض على اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي منذ عام 2012.

وكان الاتفاق التجاري مع الاتحاد الأوروبي سيؤثر على الاتفاقيات التجارية الأوكرانية مع روسيا، لكونها أكبر شريك تجاري لأوكرانيا في ذلك الوقت.

وقال يانوكوفيتش حينها، إنه يعتزم دخول الاتفاقية، لكنه استمر بالتأجيل، الأمر الذي فُسر لاحقًا على أنه محاولة للتراجع عن توقيع هذه الاتفاقية، وأدى إلى موجة من الاحتجاجات صارت تُعرف بحركة “الميدان الأوروبي”، أو الثورة الأوكرانية عام 2013.

ويعود أصل المشكلة إلى ميل أوكرانيا للغرب، بعد أن كانت موالية لروسيا في فترة حكم يانوكوفيتش، إذ كانت جزءًا من الاتحاد السوفييتي الذي انهار عام 1991، ومُنحت القرم للوصاية الأوكرانية السوفييتية في منتصف القرن الـ20.

وفي عام 2013، شهدت العاصمة الأوكرانية كييف أحداثًا عُرفت بـ”أحداث الميدان”، حين تجمّع الآلاف من المؤيدين للغرب فى ميدان الاستقلال لأشهر، احتجاجًا على قرار يانوكوفيتش، وتضمنت هذه الاحتجاجات اشتباكات بين الموالين للغرب والموالين للروس.

الميدان الذي شهد الاحتجاجات في العاصمة الأوكرانية كييف (موقع إخباري أوكراني)

وبعد خروج الأمور عن السيطرة، أُجبر الرئيس آنذاك، فيكتور يانوكوفيتش، على الفرار إلى روسيا، فانقسم الشعب الأوكراني بين مؤيد للغرب ومؤيد لروسيا، وامتدت الأحداث إلى شبه جزيرة القرم ودونباس.

قرر بعدها برلمان القرم إجراء “استفتاء” على ضمّ شبه جزيرة القرم إلى روسيا، وفعلًا جرى ضمّها بعد استفتاء شعبي وتحركات عسكرية لجنود يرتدون الزي العسكري، من دون إشارات تدل على تبعيتهم، في 16 من آذار 2014، بحسب “BBC“.

عارض السكان المحليون والتتار والأوكرانيون ضمّ القرم إلى روسيا، تبعه إعلان الانفصاليين الموالين لروسيا إقامة “دولتهم” في مدن بشرق أوكرانيا، فيما صار يسمى لاحقًا بمنطقة دونباس، المستمرة اليوم بحكمها الذاتي الموالي لروسيا.

وفي شباط من 2014، هاجمت جماعات انفصالية، قوات موالية للحكومة بالأسلحة الثقيلة في منطقتي دونيتسك ولوغانسك (دونباس) التي تقطنها أغلبية من الروس، وذكرت الحكومة الأوكرانية آنذاك، أن الانفصاليين الذين استولوا على بعض الأسلحة من الجيش الأوكراني مدعومون من روسيا.

توترات اشتعلت مجددًا؟

شكّل الانفصاليون ما يسمى بحكومتين، جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية، في 11 من أيار 2014، وسط تصويت شعبي قال الانفصاليون إنهم أجروه، لتدخل بعدها الآليات العسكرية الروسية والأسلحة الثقيلة دونباس من الحدود الروسية- الأوكرانية، حيث فقدت حكومة كييف السيطرة.

وفي 9 كانون الأول 2019، عُقدت قمة رباعية تحت اسم “نورماندي” في باريس، بعد غياب دام ثلاث سنوات، وأكدت القمة التي حضرها رؤساء أوكرانيا وروسيا وألمانيا وفرنسا، على وقف إطلاق النار الكامل والالتزام باتفاقية “مينسك”، التي وُقعت سابقًا.

وسرعان ما عاد القتال للاشتعال بعد القمة بشكل أكبر من قبل، لتتوافق بعدها مجموعة الاتصال الثلاثية، المكوّنة من روسيا وأوكرانيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بشأن حل الأزمة على وقف شامل لإطلاق النار اعتبارًا من 27 من تموز 2020، واستمر وقف إطلاق النار الشامل حتى عام 2021.

ليأتي الحشد العسكري للجيش الروسي على الحدود الأوكرانية ويشعل الصراع من جديد في منطقة دونباس، وتلاه قتل الانفصاليين الموالين لروسيا أربعة جنود أوكرانيين، في 26 من آذار 2021، الأمر الذي رفع أزمة المنطقة إلى ذروتها، لتنتشر القوات العسكرية الأوكرانية والروسية على الحدود بين البلدين في القرم، على إثر التطورات الأخيرة.

وأجرت روسيا مناورات عسكرية بالقرب من الحدود الأوكرانية، وهو ما اعتبرته أوكرانيا تهديدًا لأمنها القومي، فكان رد روسيا أنها “تحرك قواتها المسلحة داخل أراضيها بناء على تقديرها، وهذا لا يجب أن يزعج أحدًا ولا يشكّل تهديدًا لأحد”، بحسب ما نقلته وكالة “سبوتنيك“.

أعلنت بعدها الولايات المتحدة اعتزامها إرسال سفينتين حربيتين إلى البحر الأسود، على خلفية التوترات الأخيرة، كما طالبت المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بإنهاء الحشد العسكري بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، بحسب ما نقلته وكالة “فرانس 24” حينها.

وردّ بعدها وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أن محاولات بدء حرب جديدة في منطقة دونباس الأوكرانية “ستدمر البلاد”.

بينما قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في 16 من نيسان 2021، إن الوقت حان لتوجيه دعوة رسمية لأوكرانيا للانضمام بشكل رسمي إلى حلف “الناتو”، بحسب ما نقلته وكالة “أوكرانيا برس” الإخبارية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة