نحو لبنان والشمال.. حمص عقدة للتهريب بتنسيق أمني

خريطة تعبيرية (عنب بلدي)

camera iconخريطة تعبيرية (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

حمص – عروة المنذر

تعتبر محافظة حمص وسط سوريا، الطريق الرئيس للعبور عبر الحدود إلى لبنان بشكل غير شرعي، ومحطة رئيسة لمن يريد الخروج نحو الشمال السوري، إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة، ما أدى إلى تشكل شبكات خاصة بتهريب المطلوبين أو غير المطلوبين إلى وجهاتهم، بتنسيق أمني، فهناك شبكات مرتبطة بـ”حزب الله” لمن قصدوا لبنان، وأخرى تدور في فلك أمن “الفرقة الرابعة” لمن قصدوا الشمال السوري.

يتغير سعر الطريق بحسب طبيعة من يريد المغادرة، والوجهة التي يقصدها، إذ لا تتجاوز تكلفة الدخول إلى لبنان مئة دولار أمريكي أيًا كان الشخص، أما بالنسبة للعبور باتجاه مناطق الشمال السوري فتتراوح التسعيرة ما بين 600 وألف دولار، بحسب الشخص والجهة الأمنية التي يحاول الفرار منها.

وتشهد طرقات التهريب في الوقت الحالي ازدحامًا “غير مسبوق”، حسبما قال أحد المهربين الذين تحدثت إليهم عنب بلدي، والذي تحفظ على ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، مشيرًا إلى الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، المزمع عقدها في 26 من أيار المقبل، إذ إن الانتخابات “مؤشر قوي لعدم وجود حل للأزمة السورية على المدى المنظور”، على حد تعبير شاب يطمح لمغادرة سوريا في القريب العاجل.

إلى لبنان عبر قرى القصير وتلكلخ

تعد منطقة القصير، في ريف حمص الجنوبي الغربي، البوابة غير الشرعية للبنان بالنسبة للسوريين، عن طريق القرى الشيعية على الشريط الحدودي باتجاه وادي خالد من الجهة اللبنانية، حيث تسيطر على المنطقة ميليشيات محلية مدعومة من “حزب الله” وتنتشر قوات “الهجانة”، أي حرس الحدود التابع للنظام السوري، بشكل صوري على طول الشريط الحدودي.

قال أحد سماسرة التهريب في محافظة حمص لعنب بلدي، والذي تحفظ على ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، إن تكلفة نقل الشخص من محافظة حمص إلى داخل منطقة وادي خالد داخل الحدود اللبنانية هي 50 دولارًا فقط، “أما من يريد أن ينتقل إلى طرابلس عن طريقنا فترتفع التكلفة إلى مئة دولار، و150 دولارًا إلى العاصمة بيروت”.

يتميز طريق التهريب إلى لبنان عبر القصير بـ”سهولته”، مقارنة بطريق “الصويرة” القريبة من معبر “المصنع” الحدودي في ريف دمشق، إذ تتداخل الأراضي السورية مع اللبنانية في أرياف القصير وتلكلخ، مع وجود أراضٍ لسوريين داخل الحدود اللبنانية وللبنانيين أراضٍ في سوريا.

بالنسبة لـ”أم يونس”، من مدينة تلبيسة في ريف حمص، فإن خوض طريق التهريب ليس مسارًا يُتخذ مرة واحدة، إذ دأبت على زيارة أبنائها في لبنان كلما سنحت لها الفرصة، “إن المسافة المقطوعة مشيًا على الأقدام لا تتجاوز 500 متر عند قطع نهر العاصي، وما تبقى من الطريق يكون بسيارات تابعة لمهربين، لا يتم تفتيشها لا في الأراضي السورية ولا حتى اللبنانية، ويمكن لأي شخص الدخول والخروج بصحبتهم”، حسبما قالت لعنب بلدي.

إلى الشمال عبر معرة النعمان

يقصد السوريون الشمال السوري بغية الوصول إلى تركيا، أو للهجرة إلى أوروبا، ولا يقل سعر قطع خطوط الجبهات، بين قوات النظام من جهة وفصائل المعارضة من جهة أخرى، عن سعر قطع الحدود إلى تركيا، إذ تبلغ تكلفة الطريق 600 دولار في أحسن الأحوال، وترتفع بحسب الوضع الأمني للشخص.

فيصل، طالب هندسة في جامعة “حلب”، تحفظ على ذكر اسمه الكامل، قال لعنب بلدي، إنه سيغادر مناطق سيطرة النظام بعد عيد الفطر لفقدانه الأمل بـ”حل قريب للأزمة في سوريا، بعد بدء مسرحية الانتخابات”، وأضاف أنه تواصل مع مهربين وطلبوا منه 600 دولار، لأنه غير مطلوب للأفرع الأمنية، أما للمطلوب فالسعر هو 750 دولارًا، حسبما علم من المهرب.

حسبما شرح المهرب لفيصل فإن مكان دخول مناطق الشمال هو عن طريق ريف معرة النعمان، وستكون بانتظاره سيارة على الجانب المقابل ليكمل وجهته إلى حيث يريد.

وهناك طريق آخر للتهريب شمالًا عن طريق بلدتي نبل والزهراء، لكن ترتفع أجوره أكثر وتحفه المخاطر بشكل أكبر، إذ لا تهتم الميليشيات الإيرانية واللبنانية المسيطرة هناك بسلامة من تنقلهم مقارنة بالشبكات المتعاملة مع أمن “الفرقة الرابعة” التي تحافظ على أرواح المهرَّبين نوعًا ما.

وأكد فيصل، الذي بحث مطولًا في خياراته للتهريب، أن طريق نبل والزهراء ترتفع أجوره عن طريق معرة النعمان بـ200 دولار، ويترك المهربون الشبان الذين يوصلونهم إلى أمام حقول الألغام دون أن يخبروهم بذلك، أما المتعاملون مع “الفرقة الرابعة” فينسقون مع سيارة تكمل الطريق باتجاه إدلب.

وتتميز شبكات التهريب باتجاه الشمال بتبعيتها لأمن “الفرقة الرابعة”، ولا يتم “تفييشها” أو توقيفها على الحواجز، وتوضع المبالغ عند طرف ثالث يتفق عليه الطرفان ويتم التسليم بعد الوصول إلى بر الأمان في مناطق سيطرة فصائل المعارضة، على عكس الأسلوب المتبع من قبل الشبكات المتعاملة مع الميليشيات الشيعية في نبل والزهراء.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة