العالم يحترم الأشياء أكثر من الأشخاص.. فيلم “الرجل الذي باع ظهره”

camera iconمشهد من فيلم "الرجل الذي باع ظهره"

tag icon ع ع ع

تستوحي كوثر بن هنية، وهي كاتبة ومخرجة الفيلم التونسي “الرجل الذي باع ظهره”، قصة عملها من لوحة “الرجل الموشوم” لصاحبها الفنان تيم دلفوا، التي بيعت عام 2008.

ويتطرق العمل إلى مصاعب التنقل والسفر بالنسبة لحملة جوازات سفر بلدان لا تبادل رعاياها الاحترام.

ويبدأ الفيلم بمحاولة “سام علي” الخروج من سوريا إثر هروبه من المعتقل، وبعد مغادرته يصطدم بصعوبة التنقل بحرية، وعدم القدرة على الانتقال إلى بلجيكا، حيث تقيم حبيبته “عبير”.

وفي هذا الوقت وهذه الظروف، يظهر الرسام “جيفري جوديفروي”، الذي يعرض على “سام” إمكانية الحصول على تأشيرة “شنغن” تخوله التنقل بين دول الاتحاد الأوروبي، مقابل تحويل الشاب إلى سلعة، وبمعنى أدق تحويل ظهره إلى مساحة فنية، وأرضية للوحة ستحاكي معاناته نفسها.

وبعد موافقة “سام” يرسم “جوديفروي” على ظهر الشاب تأشيرة “شينغن”، ويطير به بين دول العالم لإقامة المعارض التي يتصدرها ظهر “سام” باعتباره “لوحة”.

ويشير الحوار الذي يدور بين الشخصيات إلى فهم حجم المعاناة التي يمر بها مواطنو بعض الدول، بسبب ضعف قيمة جوازات سفرهم، والنظرة المسبقة لهم، باعتبارهم رعايا دول لا تحظى بالاحترام الدولي والثقل الدبلوماسي.

وتقول كوثر على لسان الرسام، “نحن نعيش في عصر مظلم جدًا، فإذا كنت سوريًا أو أفغانيًا أو فلسطينيًا، فأنت شخص غير مرغوب فيه، بحيث ترتفع الجدران”.

والحل الوحيد الذي قدّمه الفيلم لمواطن ينتمي إلى دول كهذه هو تحويله إلى سلعة وبضاعة، وإخراجه من سياقه البشري، وتحويله إلى شيء، وعبّر الفيلم صراحة عن هذه الفكرة، إذ وضح الرسام أن تحويل “سام” إلى نوع من البضائع سيتيح له استعادة إنسانيته وحريته.

من حيث المبدأ فالفنان محق، لكن الحقيقة هي أن نوعية السجن فقط هي التي اختلفت، دون أن ينتفي مفعوله، ودون أن يستعيد “سام” حريته.

وإذا كان الشاب هرب من سجون النظام السوري الضيقة، فهو أمام سجن واسع من نوع آخر، سجن يعتني بصحته ويقدم له طيبات الطعام والمسكن، لكنه يتاجر به ويتعامل معه من منطلق المادة، ولا ينظر إليه باعتباره شخصًا ذا كينونة.

وإذا استطاع الفيلم معالجة قضية واقعية معاصرة وحملها إلى أبصار العالم، والتركيز على الأحكام الظالمة والنظرات المسبقة لقوميات وأعراق وجنسيات بعينها، فهو لم يسلم أيضًا من ركاكة الخاتمة وعدم ملاءمتها للمنطق، حيث يُنشر مقطع فيديو يتعرض خلاله “سام علي” للإعدام على يد عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” في مدينته الرقة، إذ يصر على العودة إلى بلاده التي يعتبرها العالم أرضًا غير آمنة، ويسعى المقيمون فيها لهجرها والهجرة منها.

ويتضح فيما بعد أن المقطع المنشور مفبرك وأن الشاب حيّ، ما يفتح الباب إما على التشكيك بأعمال القتل نفسها، وإما على محاولة واعية أو غير واعية للتقليل من حجمها، وإمكانية تزييفها.

وبلغ الفيلم القائمة القصيرة للأعمال المرشحة لنيل جائزة “أوسكار” للعام الحالي، عن فئة الأفلام غير الناطقة بالإنجليزية، كما بلغ تقييمه 7 من أصل 10 عبر موقع “IMDb”، لنقد وتقييم الأعمال السينمائية والدرامية.

وكتبت الفيلم وأخرجته التونسية كوثر بن هنية، وهو من بطولة الفرنسية ديا ليان، والإيطالية مونيكا بيلوتشي، والبلجيكي كوين دي بار، والشاب السوري- الكندي يحيى مهايني، الذي حصد جائزة أفضل ممثل في مهرجان البندقية “فينيسيا” السينمائي الدولي.

وشارك “الرجل الذي باع ظهره” في مهرجانات عديدة على الأرض وافتراضيًا، ومنها مهرجان “الجونة” في مصر.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة