“DNA”.. التسلية على حساب منطقية الأحداث

camera iconمعتصم النهار ودانييلا رحمة من أحد مشاهد مسلسل "DNA"

tag icon ع ع ع

يقدّم مسلسل “DNA” موضوعًا معقدًا وبسيطًا في نفس الوقت، إذ يروي تعقيدات الروابط العائلية لدى العائلات الغنية، والطريقة التي تتعامل بها مع ما يواجهها من مشكلات آخذة بعين الاعتبار وجود صحافة تترصد أخبارهم.

والعقدة التي يبدأ بها العمل هي أن عائلة الحفار فقدت ابنها “كريم” قبل 14 عامًا، لكن شخصًا وجده عاملو النظافة فوق أحد مكبات القمامة، مصابًا بثلاث رصاصات، ادعى حين عاد من الموت بعد العلاج والاستجواب أنه الابن المفقود للعائلة المرموقة.

ورغم تعرّف العائلة على ابنها الضال بمجرد رؤيته، ودون التحقق عبر فحص الحمض النووي “DNA” من صدق ادعائه، أصر المحقق “إياد بركات” على مواصلة البحث في القضية، خاصة مع ظهور مؤشرات تعكس عدم صدق الشاب الذي ادعى أنه الابن “كريم الحفار”.

وفي سبيل حلحلة القضية، يلجأ المحقق لسرقة تسجيلات الجلسات النفسية التي تجريها “آية الحفار” شقيقة “كريم” في إحدى العيادات النفسية، ليتأكد بعد سماع التسجيلات أن الشاب ليس الابن، وأنه منتحل شخصية، دون فهم الأسباب التي جعلت عائلة الحفار، بمن فيها الأم، تقبل الشاب باعتباره فردًا من العائلة، وتتستر على أكاذيبه.

هنا تتصاعد الحبكة لتكشف هوية الشاب المنتحل الشخصية بشكل تدريجي، فالشاب هارب من علاقة جدية مع فتاة يحاول والدها تسخير نفوذه وسطوته لإعادته من قبرص إلى لبنان، وتزويجه ابنته، إثر علاقة مستعجلة دون أبعاد، أقامها الشابان وكشفها والد الفتاة.

أما دواعي قبول عائلة الحفار شابًا غريبًا سيحصل بعد قليل على بعض إرثهم، فهي أسباب اجتماعية بحتة تعكس رغبة عائلات من هذا النوع ببلع الألم أيًا كان حجمه، في سبيل ستره وعدم افتضاحه، بما يشوّه صورتهم أمام الرأي العام، وإن كانت نجومية الأسر الثرية واحتكاكها بالصحافة محدودين على نطاق عربي.

وتسعى الأسر الغنية العربية لإبعاد نفسها عن متناول الكاميرات، إما لأسباب طبقية تحاول خلالها الأسرة البقاء على مسافة من العامة، وإما خوفًا من الحديث عن مصادر الدخل وشرعيتها، إضافة إلى عدم امتلاك الصحافة العربية هذا الترف في تغطية أخبار عائلات محاطة بالأبهة والنفوذ، والسطوة الأمنية في بعض الأحيان بشكل مباشر أو عبر الصداقات، وهذا ما يفقد العمل ملامسته للمشاهد العادي الذي ينظر بحسرة لكثير مما تستعرضه لقطات العمل.

ويرد المسلسل أخطاء البطل لنشأته وظروفها، وينسب، في ظاهرة تتحول مع الوقت إلى نمط درامي، أخطاء اليوم إلى نشأته في “ملجأ الأيتام” بمرحلة الطفولة، في إشارة إلى انعدام ظروف الراحة والرعاية في هذه المؤسسات التي لا تدافع عن نفسها أمام التنميط الدرامي، وبنفس الوقت فإن البلدان التي تسعى لبسط قبضتها الأمنية بالقوة، لا تعير انتباهًا لكيفية نشأة الأطفال المجهولي النسب.

يعتمد العمل لتمرير حبكته التي تجود بالمصادفات المدبّرة، على مساحة كوميدية خلقتها الكاتبة وحركتها في شخصية المحقق “إياد بركات” ومساعده “رواد”، لكن توقيف شخص وإبقاءه وحيدًا طوال الليل في مكتب ضابط أمن، ثم اختراقه بيانات الداخلية ليقع نظره على اسم شاب مفقود تقود المصادفة أيضًا إلى ثراء عائلته، وحساسيتها تجاه الفضائح، كل ذلك يبعد المسلسل عن معالجة قضية معاصرة تهم شريحة واسعة من الناس، ويقربها من الإمتاع والترفيه، وهي أبرز وظائف الدراما، دون الاهتمام كثيرًا بمنطقية ما يراه المشاهد.

“دي إن إيه” مسلسل سوري- لبناني مشترك، مكوّن من عشر حلقات، وعُرض لأول مرة في 2020، عبر منصة “شاهد” التابعة لشبكة “mbc”.

ويتشارك بطولة المسلسل كل من معتصم النهار ودانييلا رحمة وعمار شلق وساشا دحدوح ووسام سعد وغيرهم.

العمل من تأليف ريم حنا وإخراج المثنى صبح، وإنتاج شركة “إيجل فيلمز”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة