حاكم “المركزي السوري” يغيّر سياسة سلفه.. ويملأ الخزينة

camera iconحاكم المصرف المركزي السوري محمد عصام هزيمة (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – جنى العيسى

انتهج حاكم مصرف سوريا المركزي الجديد، محمد عصام هزيمة، نهجًا واضح الاختلاف في قراراته عن سلفه حازم قرفول.

وتسمح سياسة هزيمة ببعض التسهيلات التي يتبعها المصرف المركزي في التعامل بالدولار، على خلاف سياسة قرفول الذي شدد القبضة الأمنية والإجراءات المتبعة على التعامل بالقطع الأجنبي خلال فترة تسلّمه الإدارة.

وكان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أعفى حازم قرفول من منصبه كحاكم للمصرف، وعيّن محمد عصام هزيمة خلفًا له، في نيسان الماضي، بعد اتهامات غير مباشرة لقرفول بالفساد وتحميله مسؤولية ارتفاع سعر الصرف خلال عام 2020.

وبعد مرسوم بتعيينه، تداولت وسائل الإعلام المقربة من النظام، أن لهزيمة خبرة مالية ومصرفية “متميزة” تراكمت خلال عمله نائبًا لقرفول، وبرزت مؤخرًا عبر ترؤسه للجنة من الخبراء، أُحدثت خلال الأشهر التي شهدت فيها الليرة السورية تدهورًا حادًا، لضبط سعر الصرف.

السياسة الجديدة تنعش الخزينة

اعتمد قرفول على سياسة التجريم الكامل للتعامل بالدولار، وطرح عدة أسعار صرف لليرة السورية مقابل الدولار، متوازية ومتباعدة عن بعضها بحيث تحصل الحكومة على المكاسب المادية التي ستنتج عن فروقات أسعار الصرف المختلفة، بحسب ما قاله الدكتور السوري في الاقتصاد والباحث في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن كرم شعار، في حديث إلى عنب بلدي.

وأضاف شعار أن حاكم المصرف الجديد يتجه الآن إلى تقريب أسعار الصرف المختلفة لليرة السورية أمام الدولار من بعضها، ومحاولة السماح للتجار بإدخال مبالغ كبيرة من القطع الأجنبي إلى سوريا.

واعتبر كرم شعار أن للسياسة الجديدة التي يتبعها هزيمة آثارًا جيدة ستعود على حكومة النظام السوري بالفائدة، إذ ستتمكن من خلالها من الحصول على كميات أكبر من القطع الأجنبي.

وسيسهم تقريب أسعار الصرف المختلفة في ضبط التضارب الذي كان موجودًا لمحاولة الناس الاستفادة قدر الإمكان من فارق الأسعار، كما سيتشجع السوريون خارج سوريا على إرسال أموالهم إلى داخلها عبر القنوات الرسمية الحكومية لإرسال الحوالات، لا عن طريق شركات الصرافة ومكاتب التحويل التي تعمل في السوق السوداء، بحسب الباحث كرم شعار.

وتسمح القرارات الجديدة للتجار بسحب أموالهم من المصارف مع حفظ حقهم بالتصرف بها بحرية في أي بلد يختارونه، بعد أن كانت مشكلة التجار الأساسية تتمثل بالتعامل مع القطاع المصرفي في سوريا، وفقًا لشعار.

وبعد نحو عشرة أشهر من الرفع الأخير لسعر صرف الحوالات الخارجية الواردة إلى سوريا، وعدة تراجعات قياسية لليرة السورية خلال السنتين الماضيتين، رفع مصرف سوريا المركزي سعر الصرف الرسمي وسعر صرف الحوالات الخارجية بنسبة 100%، في 15 من نيسان الماضي، ليصبح 2512 ليرة سورية للدولار الواحد، بعد أن كان سعر التصريف الرسمي لها 1256 ليرة للدولار.

وعدّل المصرف نشرة “المصارف والصرافة” ليصبح سعر شراء الحوالات الخارجية الشخصية و”ويسترن يونيون”، والواردة لمصلحة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها والمنظمات والمؤسسات الدولية الإنسانية، 2500 ليرة سورية للدولار الأمريكي الواحد.

ويأتي ذلك في إطار سعي المصرف إلى “توحيد أسعار الصرف وتشجيع الحوالات الخارجية وجذبها عبر الأقنية النظامية بما يحقق موردًا إضافيًا من القطع الأجنبي يتم توجيهه لتحقيق المصلحة العامة”، بحسب ما نشره المصرف عبر صفحته في “فيس بوك“.

وقبل يوم واحد من القرار، ارتفع سعر صرف الـ100 دولار على الحدود للوافدين إلى سوريا إلى 2500 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، بدلًا من السعر الثابت للمصرف المركزي المحدد بـ1256 ليرة.

كما سمح النظام السوري لشركات الصرافة المرخصة في مناطق سيطرته بتسليم حوالات التجار والصناعيين بالدولار، وسمح للمواطنين بتسلّم حوالاتهم بسعر 2825 ليرة سورية، وهو سعر يقارب سعر الصرف في السوق السوداء.

ويهدف القرار، بحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، إلى توفير القطع الأجنبي في السوق المحلية وخاصة لدى التجار والصناعيين الذين يعملون على تلبية احتياجاتهم من المواد الأولية وغيرها عبر الاستيراد، وعدم حاجتهم إلى التوجه للسوق الموازية لتأمين احتياجاتهم وعدم حدوث ضغط وزيادة في الطلب على القطع الأجنبي.

واعتبرت الصحيفة أن هذا الإجراء أو غيره ضمن سلة الإجراءات التي تعمل عليها حكومة النظام، لدعم سعر صرف الليرة السورية وتعزيز قيمتها أمام العملات الأجنبية.

شركات الواجهات تأخذ بيد المستثمرين

يرى الباحث في الاقتصاد كرم شعار، أن من أبرز القرارات التي ارتبطت بفترة تسلّم محمد عصام هزيمة حاكمًا لمصرف سوريا المركزي، إصدار مجلس الوزراء في حكومة النظام السوري القرار رقم “36”، الذي سمح بموجبه بتأسيس “مصرف إسلامي خاص”، على شكل شركة مساهمة مغفلة عامة، تحت اسم “البنك الوطني الإسلامي”، ومقره الرئيس دمشق.

وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في 7 من أيار الحالي، يبلغ رأسمال المصرف 25 مليار ليرة سورية (ثمانية ملايين دولار تقريبًا) موزعة على 250 مليون سهم، وتبلغ قيمة السهم 100 ليرة.

وتسهم في رأسمال المصرف شركة “نيوجنرايشن” القابضة اللبنانية بنسبة 49%، وشركة “الاستثمار للنقل والحلول اللوجستية” محدودة المسؤولية، سورية الجنسية، بنسبة 1%.

وبحسب شعار، فإن شركات الواجهات تفيد المستثمرين السوريين لتجنب العقوبات الغربية، من خلال وضع الذراع اللبنانية من الشركة في الواجهة مع العالم الخارجي، وكذلك تفيد أيضًا في تجنب الضرائب.

وتمثل شركة “نيوجنرايشن” القابضة الشريك الأكبر في البنك، وتبيّن وثائق السجل التجاري اللبناني أن مالكَي الشركة سوريّا الجنسية، وأحدهما من عائلة “غزال حموي”، وذات اسم العائلة يتكرر في قرار تأسيس البنك على أنه أحد الأفراد السوريين المساهمين بنسبة 4% وهو مصطفى غزال حموي، ورجح شعار أن تجمع علاقة قرابة كلا الشخصين.

هل تلغي السياسة الجديدة مراسيم التجريم؟

أوضح الدكتور كرم شعار ألا علاقة للسياسة التي يتبعها المصرف بإلغاء المراسيم التي تُجرم التعامل بالدولار، موضحًا أن المراسيم بعيدة جدًا عن قرار الإلغاء، ولكنها تُفرق فقط بين الحيازة والتعامل بالقطع الأجنبي.

وفي 20 من أيار الحالي، قال حاكم مصرف سوريا المركزي، محمد عصام هزيمة، إن للتجار حقًا قانونيًا بحيازة القطع الأجنبي أو إيداعه وسحبه من حساباتهم المصرفية، ولا يمكن لأحد محاسبتهم على مصدره.

ولفت هزيمة إلى أن قصد المرسوم من منع التعامل بالقطع الأجنبي هو التداول لا الحيازة، مبينًا أن عدم توضيح المقصود للتجار “كان خوفًا من تهريب الدولار عبر الحدود”.

ووعد هزيمة بفتح السقف لإدخال القطع الأجنبي قريبًا إلى سوريا، مشيرًا إلى أنه للسماح بالتعامل بالدولار يجب أن يكون أحد أطراف العلاقة أجنبيًا أو عربيًا غير مقيم في سوريا.

وكانت “هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية” اقترحت، في 23 من شباط الماضي، تعديل المرسوم الخاص بتجريم المتعاملين بالدولار في مناطق سيطرة النظام، وإيجاد الآلية المناسبة والقانونية لتأمين ما يحتاج إليه السوريون من القطع الأجنبي، من دون مخالفة المرسوم والأنظمة النقدية والمالية.

وفي 18 من كانون الثاني 2020، أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، المرسومين “3” و”4″، ويقضيان بتشديد العقوبات على المتعاملين بغير الليرة.

وفي ظل وجود العوامل المختلفة التي قد تؤثر على استقرار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، اعتبر شعار أن من الصعب التنبؤ بمستقبل الليرة، إلا أن السياسة المتبعة في العودة التدريجية لضخ الدولار في السوق، تُشكّل عامل استقرار مهمًا يمكن أن يؤثر على سعر صرف الليرة.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة