اشتهاء تغيير الجنس.. الشكل الأكثر تطرفًا من عدم الرضا الجنسي

اشتهاء تغيير الجنس
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

نسمع عن أشخاص قد تحوّلوا جنسيًا من جنسهم إلى الجنس الآخر، ولعل بعض تلك الحالات كانت نتيجة ولادة الشخص بأعضاء تناسلية غامضة (غير واضحة الذكورة أو الأنوثة) أو بأعضاء تناسلية داخلية غير التي تبدو ظاهريًا، والأغلبية الساحقة لهذه التغييرات هي من مظهر الأنوثة عند الولادة لمظهر الذكورة بعد سن البلوغ، وهناك تقارير قليلة عن تحولات عكسية من الذكورة إلى الأنوثة.

ولكن هناك حالات تنطوي على تناقض كبير بين الجنس التشريحي للشخص والشعور الداخلي بالذات كمذكر، أو مؤنث، أو مختلط، أو محايد، أو شيء آخر، تُعرف هذه الحالات بعدم الرضا الجنسي أو اضطراب الهوية الجندرية (GID)، وحين يسبب هذا الشعور بالتناقض الضيقَ الشديد للشخص، أو يضعف بشكل كبير قدرة الشخص على العمل، يسمى هذا الاضطراب بـ”اشتهاء تغيير الجنس”.

ما المقصود باضطراب اشتهاء تغيير الجنس؟

اشتهاء تغيير الجنس (Transsexualism)، ويسمى أيضًا التحول الجنسي، أو العبور الجنسي، وهو الشكل الأكثر تطرفًا من عدم الرضا الجنسي أو اضطراب الهوية الجندرية، ويعرَف بأنه رغبة الشخص في العيش والقبول كفرد من الجنس الآخر، مصحوبة بشعور من الانزعاج وعدم ملاءمة الجنس التشريحي للمرء، ورغبة في إجراء جراحة وعلاج هرموني لتغيير الجنس وجعل جسد الشخص متطابقًا قدر الإمكان مع الجنس المفضل.

يعتقد الأشخاص الذين يعانون من عدم الرضا الجنسي أنهم ضحايا لحادث بيولوجي، وأنهم سُجنوا في جسم يتنافى مع شعورهم الداخلي بالذات كذكر أو أنثى أو شيء آخر (الهوية الجنسية)، فيشعر الذكور كأنهم نساء محاصرات في جسم رجل، والعكس بالعكس، علمًا أن معظم من يعانون من عدم الرضا الجنسي هم ذكور بيولوجيًا لكنهم يعرفون أنفسهم كإناث.

صار تغيير الجنس منتشرًا في العديد من دول العالم خاصة الدول الغربية في القرن الـ20 بعد الثورة الجنسية، إلا أنه ما زال يعتبر ظاهرة سلبية ومرفوضة في كثير من المجتمعات، وخاصة بتأثير كبير من القيم الدينية والثقافية للمجتمع.

ما أسباب اشتهاء تغيير الجنس؟

أغلب أسباب اشتهاء تغيير الجنس تعود إلى عدم راحة الشخص بجنسه الحالي لسبب ما، كأن تكون لديه إعاقة تسبب له قلقًا من جنسه الحالي، وهذا يولّد لديه الرغبة بأن يصبح فردًا من الجنس الآخر.

وتعتقد دراسات التوائم أن هناك أسبابًا وراثية محتملة لمغايرة الجنس، إلا أن الجينات المعنية ليست مفهومة بالكامل.

ما أعراض عدم الرضا الجنسي؟

يظهر عدم الرضا الجنسي عند الأطفال في عمر السنتين عادة، ويمكن للأطفال الذين يعانون من عدم الرضا الجنسي القيام بما يلي:

  • تفضيل ارتداء ملابس الجنس الآخر.
  • الإصرار على أنهم من الجنس الآخر.
  • تمني أن يستيقظوا وهم مثل الجنس الآخر.
  • التظاهر بالجنس الآخر عند اللعب.
  • تفضيل المشاركة في الألعاب والأنشطة المرتبطة بالجنس الآخر، والرفض القوي للدمى والألعاب والأنشطة النمطية للجنس الذي يطابق جنسَهم التشريحي.
  • لديهم مشاعر سلبية تجاه أعضائهم التناسلية، وينظرون إليها باشمئزاز، فيرغب الصبي بالتخلص من القضيب والخصيتين، ويمكن أن يجلس للتبول، وقد تصر الفتاة على أنها سوف ينمو لها قضيب وتصبح صبيًا، وقد تقف للتبول.

أما بالنسبة للمراهقين والبالغين، فعلى الرغم من أن معظمهم قد بدؤوا يعانون من أعراض الانزعاج الجنسي في مرحلة الطفولة المبكرة، فإن بعضهم لا يعترف بهذه المشاعر حتى سن ما بعد البلوغ، وتشمل الأعراض لديهم:

  • رغبة قوية في التخلص من خصائص الجنس لديهم، وخاصة بالنسبة للمراهقين الصغار لمنع تطور الصفات الجنسية الثانوية (تلك التي تحدث في أثناء سن البلوغ).
  • رغبة قوية في أن يكونوا من الجنس الآخر (أو بعض الجنس الآخر).
  • رغبة قوية في العيش أو التعامل كجنس آخر.
  • إيمان قوي بأنهم يشعرون ويتفاعلون مثل الجنس الآخر.

كيف يُشخَّص اشتهاء تغيير الجنس؟

لا يجري تقييم معظم الأطفال الذين يعانون من عدم الرضا الجنسي حتى سن ست إلى تسع سنوات، وليتم تشخيص اضطراب اشتهاء تغيير الجنس يجب أن يكون عدم التوافق بين الجنس التشريحي والهوية الجنسية كاملًا وشديدًا ومزعجًا وطويل الأمد.

وعادة ما يتم التشخيص عندما يلجأ الأشخاص (الأطفال أو البالغون) إلى القيام بما يلي:

  • يشعرون أن جنسهم التشريحي لا يتطابق مع هويتهم الجنسية، ويكونون قد شعروا بهذا الشعور لمدة ستة أشهر أو أكثر.
  • يشعرون بالضيق الشديد، أو لا يمكن أن يعملوا بشكل طبيعي بسبب هذا الشعور.
  • لديهم أعراض عدم الرضا الجنسي (حسب الفئة العمرية).

كيف يعالَج اشتهاء تغيير الجنس؟

لا يحتاج البالغون الذين يشعرون بأن جنسهم التشريحي لا يتطابق مع هويتهم الجنسية (عدم الرضا الجنسي) إلى العلاج إذا لم تكن لديهم ضائقة نفسية أو مشكلة في حياتهم مع المجتمع، ولكن عند اشتداد الحالة وتسببها بالضيق الشديد (اشتهاء تغيير الجنس) فإن العلاج يشمل:

العلاج النفسي: عادة ما تكون محاولة تغيير الهوية الجندرية إلى أخرى مناسبة للجنس التشريحي للشخص غير فعالة، ولذلك يتم التركيز على مساعدة المتحولين جنسيًا في التعامل مع صعوبات العيش في الجسم الذي لا يشعرون بالراحة معه.

إعادة تعيين الجنس: يكون بعض المتحولين جنسيًا راضين عن تغيير دورهم الجنساني من خلال العمل، والعيش، وارتداء ثياب في المجتمع كعضو من الجنس الآخر، ولا يسعى هؤلاء أبدًا إلى تغيير تشريحهم بأي شكل من الأشكال، بينما يصر بعض المتحولين جنسيًا على تغيير جنسهم تشريحيًا، وعندها يلجأ بعض الأطباء إلى إجراء علاجات تغيير الجنس، وهي تشمل إعطاء الهرمونات البديلة عند الانتقال من إناث إلى ذكور أو من ذكور إلى إناث، لتعديل الخصائص الجنسية الثانوية، وجراحة تغيير الجنس (مثل استئصال الخصية وجراحة تكبير الثدي وجراحة تأنيث الوجه أو إزالة الشعر الدائم).




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة