في موسم البيع الرئيسي.. أسواق الألبسة مأزومة في حمص وحلب

camera iconأحد أسواق الألبسة المستعملة في دير الزور- 16 تموز 2021 (SY24)

tag icon ع ع ع

يعتبر الأسبوع الذي يسبق الأعياد في سوريا من أكثر الأيام ازدحامًا التي تشهدها الأسواق السورية، وحتى مع تدهور الوضع المعيشي في سوريا خلال السنوات الخمس الأخيرة، حافظ السوريون على عادات التسوق التي تسبق عيدي الفطر والأضحى، إلا أن الحالة المعيشية التي دفعت بسوريا إلى تصدر قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم، جعلت من الأسواق راكدة حتى بالتزامن هذه المناسبات التي احتفل ويحتفل فيها السوريون بشكل مستمر.

 

محمد مهدي (43 عامًا)، هو صاحب محل البسة رجالية جديدة في سوق التلل بحلب، قال لعنب بلدي إن سوق المدينة يشهد حالة من “فقر الزبائن”، على الرغم أن الأيام التي تسبق عيد الأضحى تعتبر موسم الألبسة الأكثر ربحًا بالنسبة للتجار.

وأضاف، أن الأيام الأخيرة لم تشهد حركة تسوق تدل على وجود مناسبة قادمة، واصفًا الحركة الشرائية بأنها “منخفضة جدًا”، والزبائن لا يتقبلون الأسعار.

وعادةً ما يدخل الزبائن إلى محل محمد لشراء قطعة أو قطعتين من الملابس، إلا أن هذه العملية أصبحت تستغرق زمنًا أكثر من اللازم بكثير، لأن البائع والزبون يتفاوضان طويلًا للوصول إلى سعر يرضي الطرفين، فالأسعار “غير المعقولة” مفروضة على التجار قبل أن تكون مفروضة على الزبائن، بحسب محمد.

واعتبر صاحب المحل أن استيراد الأقمشة من دول أجنبية وارتفاع سعر آلات الخياطة، هو ما ينعكس على سعر وتكلفة القطعة الواحدة، فمثلًا يتراوح سعر البنطال بين 19 و 32 ألف ليرة سورية، وذلك بحسب نوعية القماش أو العلامة التجارية.

ومن المعروف عن الأسعار في سوق التلل أنها مرتفعة، ومع ذلك كان السوق يشهد إقبالًا شرائيًا كبيرًا خلال الأيام التي تسبق الأعياد، لكن الحركة هذا العيد باتت ضعيفة جدًا، وأحيانًا شبه معدومة، مع أن محمد كسائر التجار الآخرين ملؤوا رفوف محالهم بالبضائع بانتظار الزبائن، على أمل تعويض الخسائر، إلا أن الركود ظل مسيطرًا والحركة المنتظرة لم تأت.

إلى الأسواق الشعبية

يجد موظفو الدولة الذين يتقاضون رواتب متدنية صعوبة في شراء الألبسة، ويضطرون في الكثير من الأحيان إلى شراء الألبسة المستعملة أثناء فترة الأعياد وحتى خلال الأيام العادية.

زكي مصطفى (47 عامًا) موظف في شركة كهرباء حلب، قال لعنب بلدي إنه لم يشتر ملابس العيد لأبنائه منذ عيد الفطر الماضي، فدخله الشهري لا يكفيه سوى أيام معدودة.

“سعر البنطال للطفل يبلغ حوالي 16 ألف ليرة سورية، وأنا لدي أربعة أبناء”، قال زكي، قبل أن يكمل حسبته، “بنطال واحد لكل طفل 65 ألف ليرة، وراتبي الشهري هو 56 ألف ليرة سورية”، أي أن عليه العمل لشهرين دون أن ينفق شيئًا من راتبه حتى يتمكن من شراء ألبسة العيد لأبنائه.

وتبيع بعض المحلات في أحياء حلب الشعبية الألبسة بأسعار مقبولة، بهوامش ربح بسيطة، فمثلًا يمكن شراء البنطال ذو القماش الوطني بحوالي 12 ألف ليرة، وهو سعر يراه سكان المدينة الذين يلجؤون إلى هذه المحلات “معقولًا”، بالمقارنة مع أسعار البيع في وسط المدينة.

وكانت حكومة النظام السوري حددت عبر مرسوم رئاسي الحد الأدنى من متوسط الأجور بـ 71 ألف ليرة سورية (ما يعادل 21 دولارًا أمريكيًا)، بينما يبلغ حاليًا 37 ألف ليرة سورية (قرابة 12 دولارًا أمريكيًا)، وفقًا لبيانات موقع “Salaryexplorer“.

وتتصدر سوريا قائمة الدول الأكثر فقرًا بالعالم، بنسبة بلغت 90%، بحسب ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال ماجتيموفا.

حمص تقاسم حلب المعاناة

تقاسم أسواق الألبسة في حمص المعاناة ذاتها التي تشهدها أسواق حلب، فالمحافظة تشهد ركودًا كبيرًا مقارنة بالأعياد السابقة، ووصلت ظلال الوضع المعيشي إلى مواسم البيع الرئيسية المنتظرة كل عام.

وفي حديث أجرته عنب بلدي مع صاحب محل للألبسة في السوق المسقوف بحمص، قال إن نسبة البيع انخفضت بمقدار الثلثين تقريبًا عن العيد الماضي، وتكاد الأسواق أن تكون في حالتها الطبيعية، وكأن موسم عيد الأضحى لم يبدأ بعد.

وأوضح الرجل أنه من المعتاد أن تكون حركة الأسواق في عيد الأضحى أقل منها في عيد الفطر، لكن الوضع المعيشي للسكان هذه السنة جعل أطفالهم يرتدون ثياب الأعياد السابقة.

أم بلال، معلمة وربة أسرة من سكان مدينة الرستن، قالت لعنب بلدي، إن شراء الألبسة في مواسم الأعياد مقتصر على الأطفال إلى حد ما، كي لا يُحرموا من فرحة العيد.

أما الشباب والمراهقون، فباتوا يقدرون الوضع المعيشي الذي يعاني منه أهلهم، وأصبحوا يخففون مصاريفهم الشهرية مكتفين بالشراء مرة واحدة في أحد العيدين، وبعض العائلات صارت تقسم أفرادها إلى قسمين، قسم يشتري في عيد الفطر والآخر في عيد الأضحى، بحسب المعلمة.

وفي تقرير أصدرته “الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية“، في أيار الماضي، حول انعدام الأمن الغذائي في العالم، تصدّرت سوريا قائمة الأكثر عشر دول تضررًا عام 2020، ووفق التقرير، فإن 38% من 30.5 مليون لاجئ وطالب لجوء في العالم ينحدرون من ثلاثة بلدان تعاني من أزمة غذائية هي سوريا وأفغانستان وجنوب السودان.

واحتلت سوريا المرتبة 101 على مؤشر الأمن الغذائي التابع لمجلة “إيكونوميست” البريطانية، بحسب تقرير صادر في 25 من شباط الماضي.

ويحدد ترتيب الدول على المؤشر وفق أربعة عوامل تشمل القدرة على تحمل تكاليف الغذاء، ومدى توفره، ونوعيته، والموارد الطبيعية الخاصة بالحصول عليه.


أسهم في إعداد هذا التقرير مراسلا عنب بلدي في حمص وحلب




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة