قياديو المعارضة: الحملة البرية "فاشلة" حتى اللحظة

الروس يقتلون أبناء اللاذقية وموجات نزوح جديدة نحو الشمال

tag icon ع ع ع

أحمد حاج بكري- ريف اللاذقية

افتتح نظام الأسد حملاته العسكرية على عدد من المدن والمحافظات السورية، من اللاذقية، ساعيًا لفرض السيطرة على الريف الشمالي وتأمين المحافظة لصالحه، ومستعينًا بمئات المقاتلين الأجانب من حزب الله وإيران وإسناد من الطيران الروسي، منفذًا عدة مجازر في ريف المحافظة، راح ضحيتها مدنيون وعسكريون، وسط نزوح كبير شهدته المدن والبلدات نحو الحدود مع تركيا.

بدء الحملة البرية

وبدأت قوات الأسد، مدعومة بعناصر من حزب الله اللبناني وميليشيات إيرانية، شن هجوم موسع على المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في ريف اللاذقية الشمالي، في الثامن من تشرين الأول، محاولة التقدم من محاور قلعة كفردلبة وقرية كفر عجوز في محيط بلدة سلمى، إضافة إلى محور قرية جب الأحمر في محيط قمة النبي يونس، مستعينة بغطاء جوي روسي، استهدف خلالها مواقع للمعارضة المسلحة، ومدنًا وبلدات مأهولة بالسكان أبرزها مصيف سلمى، تمهيدًا للهجوم البري.

وقال الملازم أول أبو رحال، القيادي في الفرقة الأولى الساحلية التابعة للجيش السوري الحر، إن الهجوم الأخير الذي شنته قوات النظام على اللاذقية هو الأعنف منذ ثلاثة أعوام، تحاول قوات النظام من خلاله السيطرة على سلسلة الجبال الفاصلة بين قرية مرج خوخة وقرية كفردلبة (القلعة)، وتعتبر الخط الدفاعي الأول عن قرى جبل الأكراد في الريف، إضافة إلى أن هذه المنطقة تشرف على بلدة سلمى الاستراتيجية، وبالتالي الزحف نحوها.

وأوضح أبو رحال، أن «الثوار» منعوا قوات النظام من التقدم، وصدوا جميع الهجمات «الشرسة» على المنطقة، بالاشتراك والتنسيق  مع عدد من الفصائل  الأخرى العاملة في ريف اللاذقية، وأضاف «لازلنا إلى الآن وبعد أكثر من 15 يومًا على انطلاق المعارك  في ثبات، رغم القصف الصاروخي والجوي العنيف والمكثف»، نافيًا جميع ما تناقله إعلام النظام والصفحات الموالية عن سيطرتهم على مواقع بالقرب من سلمى.

وأشار القيادي في الجيش الحر إلى أن فصائل المعارضة تخوض معارك في قرية جب الأحمر الواقعة على الطريق الواصل بين مصيف صلنفة في ريف اللاذقية وقرية جورين في ريف حماة، منوهًا إلى أن لهذه النقطة أهمية كبرى، تهدف قوات الأسد من خلالها لفتح طريق الإمداد إلى قواتها الموجودة في قرية جورين، مؤكدًا أن الفصائل تمكنت من صد الهجوم ومنعت تقدم القوات المهاجمة نحو القرية.

ويشرف ضباط روس وإيرانيون على عمليات القصف في ريف اللاذقية، الأمر الذي أكده دخول أسلحة جديدة يتم استخدامها في المعارك الحالية، ولا تملك قوات الأسد الخبرة الكافية لاستخدامها، بحسب أبي رحال، وأردف أن «القصف لم يتوقف ولو لـ 10 دقائق منذ بدء الهجوم، حيث يسقط على قرى جبل الاكراد ومناطق الاشتباك وخطوط التماس مع النظام  أكثر من 100 قذيفة وصاروخ في الساعة الواحدة».

في المقابل، تنفذ فصائل المعارضة عمليات نوعية لمنع قوات الأسد من التحكم بمجريات المعارك، وأهمها كان الهجوم على قرية دورين، 12 تشرين الأول، والسيطرة على القرية بشكل كامل وقتل كل العناصر المتواجدة داخلها ثم الانسحاب بعد العملية، الأمر الذي سبب إرباكًا حقيقيًا لقوات الأسد وحلفائه، بحسب أبي رحال.

التدخل الروسي لإطالة عمر النظام

وأشار علي الحفاوي، المسؤول الإعلامي لحركة أحرار الشام الإسلامية في الساحل، إلى أن معارك الساحل تأتي بالتزامن مع هجمات مماثلة تشنها قوات النظام على ريف حماة وريف حلب بعد التدخل الروسي، مؤكدًا أن هذه المحاولة «قد تكون الأخيرة لنظام الأسد المنتهي لولا التدخل الروسي الذي جاء لإطالة عمره وحماية مراكز روسيا العسكرية والاستراتجية في الساحل، لاسيما بعد انتصارات الثوار في إدلب وسهل الغاب، والحديث عن اقتراب فتح معركة في عقر دار النظام وخزانه البشري في اللاذقية».

في المقابل اعتمد النظام أسلوب «خير وسيلة  للدفاع هي الهجوم»، وأضاف الحفاوي «لأنه يريد تحديد مكان المعركة، سارع بالهجوم على قرية كفردلبة مسيطرًا عليها بعد تمهيد ناري كثيف، لنوقف تقدمهم بعد تحصين مواقعنا في جبال القلعة والمناطق القريبة منها».

واعتبر الحفاوي أن التدخل الروسي أعطى النظام ومؤيديه جرعة من الأمل والقوة بعد الخسائر الكبيرة التي لحقت به، وأردف «يسعى الأسد إلى تحقيق نصر على الأرض ليثبت لروسيا أنه قادر على التقدم على الأرض ويعيد الثقة التي فقدها من مواليه الذين تخلف قسم  كبير منهم عن حمل السلاح وقرروا الهروب والسفر عوضًا عن القتال إلى جانبه».

لكن المسؤول الإعلامي في أحرار الشام، أكد أن فصائل المعارضة سرعان ما أعادت ترتيب صفوفها في ظل المعطيات الجديدة والتدخل الروسي، موضحًا أن خسائر قوات الأسد في معارك اللاذقية تجاوز 200 قتيل ومئات الجرحى.

مجازر بحق المدنيين

لم تسلم قرى جبل الأكراد، الآمنة نسبيًا، من قصف الطيران الحربي الروسي، منفذًا مجازر عديدة، آخرها كان في قرية بشرفة، 20 تشرين الأول، وراح ضحيتها نحو 50 شهيدًا وجريحًا، بحسب عدنان أوسي، الناطق باسم اتحاد إعلاميي الساحل، معتبرًا أن قصف الطيران الروسي جاء بعد الخسائر الكبيرة لقوات النظام على جبهات القتال في الساحل، منفذًا عملية انتقامية من أهالي ريف اللاذقية.

وتحدث أوسي عن تفاصيل المجزرة، قائلًا «بعد أن نفذ الطيران أول غارة على القرية، سارع عناصر الدفاع المدني وعناصر من الجيش الحر إلى المكان لإسعاف الجرحى وإنقاذ العالقين تحت الأنقاض، ليعاود الطيران قصف المكان وتنفيذ غارات جديدة، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، بينهم قائد أركان الفرقة الأولى الساحلية النقيب باسل زمو وعدد من عناصر الفرقة».

واعتبر أوسي أن تنفيذ المجازر بحق المدنيين يهدف إلى إضعاف مقاتلي المعارضة عن طريق إشغال المشافي الميدانية وسيارات الإسعاف وفرق الإنقاذ والدفاع المدني، والتي  تقوم  بنقل الجرحى من المدنيين عوضًا عن مساعدة المقاتلين على المحاور وعلاجهم بشكل سريع، عدا عن أن معظم المدنيين الذين يسقطون بقصف الطائرات هم من أهالي قوات المعارضة والثوار المرابطين في محاور القتال.

الطيران الروسي نفذ مجازر أخرى بحق أهالي ريف اللاذقية، في قريتي الغنيمية وأرا، كما استهدف مشفى منظمة أطباء بلا حدود في قرية البرناص، الأمر الذي تسبب بموجة نزوح كبيرة في صفوف المدنيين باتجاه الحدود التركية.

أوضاع إنسانية صعبة

وتعاني مئات العائلات التي وصلت إلى مخيمات النازحين بالقرب من الحدود التركية في ريف اللاذقية الشمالي من أوضاع صعبة في ظل عدم توفر الخيم وغياب الدعم المادي بكافة أشكاله، إضافة إلى إغلاق الحدود مع تركيا ومنعهم من الدخول إلى أراضيها.

وتصف ريم الحاج، إحدى النازحات إلى المناطق الحدودية، الوضع بـ «المأساوي»، لكنه «أرحم من قصف وغارات الطيران»، التي باتت تشكل مصدر رعب لها ولأطفالها، وتنتظر حاليًا تأمين خيمة  لتقوم بنصبها والعيش فيها ريثما تنتهي المعارك، مؤكدة أن النازحين يعانون من نقص في كل المواد ويعيشون حالة من القلق مع دخول فصل الشتاء «كيف ستكون أحوالنا خلال الأيام القادمة وهل سنستطيع العيش؟».

وأوضحت الحاج، أن العائلات النازحة وبالتعاون مع عناصر الدفاع المدني، قامت بتجهيز مخيم جديد ونصب الخيم فيه، مشيرة إلى أن «القرى باتت خالية من المدنيين بشكل كامل وهذا ما سعى إليه النظام منذ أعوام وهو تهجيرهم من منازلهم ومن أراضيهم».

وقال أبو سعيد، المتطوع في الدفاع المدني، إننا نقدم المساعدات للنازحين ضمن ما يتاح لنا من إمكانيات، ويتركز عملنا في تجهيز المخيم عن طريق رصف الأرضية ونصب الخيم، إضافة إلى نقل مياه الشرب إليهم، مشيرًا إلى أن هذه الواجبات من اختصاص المنظمات والجمعيات، وللدفاع المدني أعمال أخرى يجب القيام بها.

يذكر أن مقاتلي ريف اللاذقية تمكنوا من السيطرة على أجزاء من جبلي الأكراد والتركمان منذ نحو 3 اعوام، وتحاول قوات الأسد منذ ذلك الحين استعادة المناطق التي خرجت عنها، في محاولات باءت جميعها بالفشل حتى اليوم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة