“رايتس ووتش”: مسؤولون لبنانيون كبار ضالعون في انفجار بيروت

camera iconالخسائر التي لحقت بمرفأ بيروت إثر الانفجار، 10 من كانون الأول (ctv news)

tag icon ع ع ع

أشارت أدلة جمعتها منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى ضلوع مسؤولين لبنانيين كبار في الانفجار الذي وقع في 4 من آب عام 2020 ببيروت، وقُتل فيه 218 شخصًا.

وبحسب تقرير نشرته المنظمة اليوم، الثلاثاء 3 من آب، فإن النظام القانوني والسياسي اللبناني سمح للمسؤولين بتجنب المساءلة، ويجب على “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” أن يفوض بإجراء تحقيق، وعلى الدول التي تطبق قانون “ماغنيتسكي” العالمي وأنظمة عقوبات مماثلة لحقوق الإنسان معاقبة المسؤولين.

وعرض التقرير المعنون بـ”دبحونا من جوا: تحقيق في انفجار 4 آب في بيروت” أدلة على السلوك الرسمي في سياق الفساد وسوء الإدارة منذ زمن طويل في المرفأ، الذي سمح بتخزين أطنان من “نترات الأمونيوم”، القابلة للانفجار، بطريقة عشوائية وغير آمنة لست سنوات تقريبًا.

وقالت مديرة قسم الأزمات والنزاعات في المنظمة، لما فقيه، “تُظهر الأدلة بشكل كاسح أن انفجار آب 2020 في مرفأ بيروت نتج عن أفعال كبار المسؤولين اللبنانيين وتقصيرهم، إذ لم يبلّغوا بدقة عن المخاطر التي تشكلها نترات الأمونيوم، وخزّنوا المواد عن سابق علم في ظروف غير آمنة، وتقاعسوا عن حماية الناس”.

وتابعت، “بعد مرور عام، ما زالت جراح ذلك اليوم المدمر محفورة في المدينة بينما تنتظر عائلات الضحايا الإجابات”.

واعتمدت المنظمة على مراسلات رسمية، بعضها لم ينشر من قبل، متعلقة بالسفينة “روسوس”، التي جلبت “نترات الأمونيوم” إلى المرفأ، وحمولتها، إضافة إلى مقابلات مع مسؤولين حكوميين وأمنيين وقضائيين، لتوضيح كيف وصلت المواد الخطرة وخُزّنت في المرفأ.

كما فصّلت “هيومن رايتس ووتش” ما كان يعرفه المسؤولون الحكوميون عن المواد الكيماوية، والإجراءات التي اتخذوها أو تقاعسوا عن اتخاذها لحماية السكان.

وتابعت أن الأدلة تشير أيضًا إلى أن العديد من السلطات اللبنانية كانت، بأقل تقدير، مهملة جنائيًا بموجب القانون اللبناني في تعاملها مع الشحنة، ما خلق خطرًا غير معقول على الحياة.

وأظهرت الوثائق الرسمية، بحسب ما ذكره التقرير، أن بعض المسؤولين الحكوميين توقعوا وقبلوا ضمنيًا مخاطر الوفاة التي يشكلها وجود “نترات الأمونيوم” في المرفأ، فبموجب القانون المحلي، يمكن أن يرقى هذا الفعل إلى جريمة القتل قصدًا أو القتل بغير قصد، وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإن تقاعس الدولة عن التحرك لمنع المخاطر المتوقعة على الحياة ينتهك الحق في الحياة.

وتم تحذير المسؤولين في “وزارة الأشغال العامة والنقل”، التي تشرف على المرفأ، من الخطر، لكنهم لم يبلغوا القضاء كما يجب، أو يحققوا بشكل كافٍ في طبيعة شحنة السفينة القابلة للانفجار والاحتراق، والخطر الذي تشكّله.

ثم خزّنوا “نترات الأمونيوم” عن سابق علم إلى جانب مواد أخرى قابلة للاشتعال أو متفجرة لستّ سنوات تقريبًا في عنبر غير مؤمّن وسيئ التهوية في وسط منطقة تجارية وسكنية مكتظة، ما يخالف الإرشادات الدولية للتخزين والتعامل الآمنين مع النترات. وبحسب تقارير، لم يشرفوا بشكل كافٍ على أعمال الإصلاح التي أجريت في العنبر 12، والتي ربما تسببت في الانفجار.

وأردف التقرير أن المراسلات الرسمية مع مسؤولي الجمارك، التابعين لوزارة المالية، تبين أن عددًا من مسؤولي الوزارة كانوا على دراية بالمخاطر، وأفادوا أنهم أرسلوا ما لا يقل عن ست رسائل إلى القضاء يطلبون فيها بيع أو إعادة تصدير المواد.

لكن سجلات المحكمة تظهر أن مسؤولي الجمارك أُبلغوا عدّة مرات بأن طلباتهم غير صحيحة من الناحية الإجرائية.

وصرّح مسؤولون قضائيون قابلتهم “هيومن رايتس ووتش”، أن الجمارك لا تحتاج إلى إذن قضائي لبيع، أو إعادة تصدير، أو إتلاف المواد.

ولم تعطِ قيادة الجيش اللبناني أهمية كبرى للمسألة لدى معرفتها بشأن حمولة النترات، قائلة إنها “ليست بحاجة إليها”، حتى بعد أن علمت أن نسبة النيتروجين بالمواد تجعلها بموجب القانون اللبناني من المواد المستخدمة لتصنيع المتفجرات، وتحتاج إلى موافقة من الجيش وتفتيش لكي يتم استيرادها.

إلّا أن مخابرات الجيش، المسؤولة عن جميع المسائل الأمنية المتعلقة بالذخيرة، والمخدرات، والعنف في المرفأ، لم تتخذ أي خطوات على ما يبدو لتأمين المواد أو وضع خطة استجابة طارئة أو إجراءات احترازية، وفق ما ذكره التقرير.

وقُتل في انفجار مرفأ بيروت 218 شخصًا وجرح سبعة آلاف، مسببًا إعاقة جسدية لما لا يقل عن 150 شخصًا، حسب إحصائية المنظمة.

كما تسبب بأضرار نفسية لا توصف، وألحق أضرارًا بـ77 ألف شقة، وهجّر أكثر من 300 ألف شخص.

وبحسب “البنك الدولي”، تسبب الانفجار بأضرار مادية تتراوح بين 3.8 و4.6 مليار دولار.

وتنظم الأمم المتحدة وفرنسا مؤتمرًا دوليًا دعمًا للبنان في الذكرى السنوية الأولى للانفجار، ويهدف المؤتمر إلى جمع مساعدة عاجلة بقيمة 350 مليون دولار للاستجابة لحاجات السكان، وفق ما أعلنته الرئاسة الفرنسية في 2 من آب.

وقالت الرئاسة “تقدّر الأمم المتحدة بأكثر من 350 مليون دولار الحاجات الجديدة التي يتعين الاستجابة لها في مجالات عدة، تحديدًا الغذاء والتعليم والصحة وتنقية المياه”، فيما يغرق لبنان في انهيار اقتصادي غير مسبوق، تتراجع معه قدرة المرافق العامة تدريجيًا على تقديم الخدمات الأساسية للسكان، بحسب ما نقلته وكالة “فرانس برس“.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة