“باسيليا ستي” لا يكترث بحقوق أهالي داريا العقارية

امرأة سورية تحمل طفلها أثناء إجلاؤها من داريا في غوطة دمشق الغربية-29 من كانون الأول 2016 (AFP)

camera iconامرأة سورية تحمل طفلها أثناء إجلاؤها من داريا في غوطة دمشق الغربية-29 من كانون الأول 2016 (AFP)

tag icon ع ع ع

في تموز الماضي، صدر المخطط التنظيمي للمنطقة التنظيمية الثانية في دمشق المعروفة باسم مشروع “باسيليا ستي”، والذي يعتبر توسعة لمدينة دمشق بموجب المرسوم رقم “66” لعام 2012.

تمتد هذه المنطقة التنظيمية من جنوب المتحلق الجنوبي، وصولًا إلى القدم والعسالي وشارع “الثلاثين”، بمساحة تبلغ 900 هكتار، أي ما يعادل تسعة ملايين متر مربع، ويشمل حوالي 4000 عقار.

ضم المخطط مساحة واسعة من العقارات في داريا الشرقية بريف دمشق، بالإضافة إلى عدد محدود من داريا القبلية (من اللوان إلى طريق الدحاديل إلى أتوستراد درعا).

وتستند هذه المنطقة التنظيمية إلى مبدأ الاستثمار وقانون التطوير العقاري، وبالتالي فبموجب هذا المشروع تحولت الملكيات العقارية المترية إلى حصص سهمية عقارية على الشيوع، وفق ما قاله المهندس السوري محمد مظهر شربجي، الذي شغل سابقًا رئيس شعبة المهندسين بريف دمشق، في حديثه إلى عنب بلدي، وهو ما يشكل خطرًا على حقوق أصحاب العقارات في حفظ حقوقهم.

ليس بوسع الناس الحفاظ على أملاكها

لم يكترث “باسيليا ستي” بالحفاظ على الحقوق العقارية لأهالي داريا المهجرين، وفق ما قاله المهندس شربجي، كونهم لا يستطيعون الوصول إلى أملاكهم من أجل الاعتراض على حصر وتوصيف العقارات التي تُنظم بضبوط مفصلة بمحتويات العقار من بناء وأشجار ومزروعات.

فأصحاب العقارات التي كانت على شكل حصص مترية، سيحصلون على حصص سهمية من القيمة التخمينية للمساحة المشغولة للعقار، مع لزوم الاعتراض شخصيًا من قبل صاحب العقار على تلك القيم، بموجب المرسوم رقم “66”، وذلك بخلاف القانون رقم “10” لعام 2018، الذي سمح لأحد الأقارب حتى الدرجة الرابعة حق الاعتراض على توزيع القيم السهمية.

وبسبب أن أغلب سكان داريا خارج سوريا أو نازحين داخليًا، بعيدين عن أملاكهم، أو لأسباب أمنية لن يستطيعوا مراجعة اللجان المختصة بالنظر إلى الاعتراضات المقدمة بشأن توزيع الحصص السهمية، سيحول ذلك دون مقدرتهم على الاعتراض على تلك القيمة السهمية، فلن يكون أمام غالبية أصحاب تلك العقارات سوى بيع حصصهم السهمية، وعدم القدرة على العودة للسكن في منطقتهم الأصلية.

ويتم اقتطاع المرافق العامة من شوارع وحدائق وبُنى تحتية من جميع الملكيات لمصلحة المرفق العام.

صورة عن المخطط التنفيذي للمنطقة التنظيمية الثانية حسب مرسوم رقم "66" لعام 2012 المسمى "باسيليا ستي"- تموز (صفحة "محافظة دمشق- المكتب الإعلامي" عبر "فيس بوك")

صورة عن المخطط التنفيذي للمنطقة التنظيمية الثانية حسب مرسوم رقم “66” لعام 2012 المسمى “باسيليا ستي”- تموز (صفحة “محافظة دمشق- المكتب الإعلامي” عبر “فيس بوك”)

تفاوت في قيمة العقار

لا يعتمد مشروع “باسيليا ستي” على أسس عادلة في تحديد قيمة العقار بعد تحويله إلى حصه سهمية، وفق ما يراه شربجي، إذ نصت المادة رقم “10” من المرسوم رقم “66” على أن يكون التعويض معادلًا للقيمة الحقيقية قبل تاريخ صدور المرسوم مباشرة، وأن يسقط من الحساب كل ارتفاع طرأ على الأسعار نتيجة صدور هذا المرسوم، أو المضاربات التجارية.

ويؤدي ذلك إلى وجود تفاوت كبير بين القيمة التقديرية والقيمة الحقيقية للعقار، والتي لن تسمح لملاك الحصص السهمية بالحصول على شقة في مشروع “باسيليا ستي”، باستثناء إمكانية الحصول على سكن بديل.

والسكن البديل هو منزل يحصل عليه من كان يملك أو يشغل منزلًا في منطقة تنفيذ المرسوم “66”، وتم إخلاؤه منه، ويحصل المالك والشاغل على أسهم إضافة إلى سكن بديل، أما إذا كان مالكًا دون إشغال، فيحصل على أسهم تنظيمية فقط، فيما يحصل الشاغل فقط على سكن بديل.

و”هناك ظلم بحق أصحاب العقارات” وفق ما نوه إليه المهندس شربجي، فيما يخص تقييم الحصة السهمية، فـ”تنفيذ مشروع (باسيليا ستي) يتم في عام 2021 أما التقييم للعقارات والأسهم فكان في عام 2012، وقيمة المتر الواحد في 2012 كانت 30 إلى 40 ألف ليرة، وقتها كان الدولار يساوي 65 ليرة، أما اليوم فالدولار يزيد عن 3725 ليرة”.

ويعادل مشروع “باسيليا ستي” أربعة أضعاف المنطقة التنظيمية الأولى، بموجب المرسوم “66”، والتي تسمى “ماروتا ستي”.

هل يحتاج أهالي المنطقة لمثل هذا المشروع الآن

في آب 2019، أعلن محافظ دمشق، عادل العلبي، البدء بمشروع “باسيليا سيتي”، وأشار إلى أن تكلفة الدراسة الفنية للمشروع تقدر بـ750 مليون ليرة، بمدة تنفيذ 480 يومًا.

ويعد المشروع أحد أهم المشاريع الاستثمارية في دمشق، وصرح رئيس الحكومة السابق، عماد خميس، أنه لن يسمح  لمشروعي “ماروتا سيتي” و”باسيليا سيتي” بالتعثر، وستذلل جميع العقبات أمام تنفيذهما.

يدخل مشروع “باسيليا ستي” ضمن نماذج الاستثمار العقاري التي تركز عليها حكومة النظام السوري قبل انتهاء النزاع، لكن هذه المشاريع تتجاهل أنظمة الملكية غير المسجلة في السجل العقاري، ومبنية على إبراز وثائق إثبات معينة، وبذلك فإن ملايين المالكين يخسرون حقوقهم في عملية إعمار عادلة ومستدامة وشاملة.

ويدفع المشروع الشركات العقارية إلى التركيز على المظاهر الخارجية دون تطوير خيارات الإسكان الجديدة لأصحاب الأملاك العقارية، بما يتناسب مع متطلبات القاطنين في هذه المنطقة.

“بالطبع نريد لمدينتنا أن تصبح حضارية، ونحن لسنا ضد هذا المشروع في حال كان قبل 2011، لا يوجد أحد لا يحب أن تكون مدينته حديثه، ولكن من الأولوية الحفاظ على حقوق وأملاك أصحاب العقارات”، وفق ما عبر عنه المهندس شربجي.

وتقطع محافظة دمشق مجانًا وفق المخطط التنظيمي العام والمخطط التنظيمي التفصيلي جميع الأراضي، لإنجاز وتنفيذ الطرق والساحات والحدائق ومواقف السيارات والمشيدات العامة والمقاسم المخصصة لمدينة دمشق لإشادة مبانٍ للمنذرين بهدم عقاراتهم.

ويتمثل الطابع المعماري العام لـ”باسيليا ستي” في ناطحات سحاب، غنية وعصرية وفاخرة، للطبقة الثرية من المجتمع، بدلًا من منازل ومتاجر وأماكن عمل كانت مخصصة للأهالي الذين أنهكهم النزاع وتبعاته من لجوء وتدمير بيوتهم وضياع حقوقهم.

صورة عن المخطط التنفيذي للمنطقة التنظيمية الثانية حسب مرسوم رقم "66" لعام 2012 المسمى "باسيليا ستي"- تموز (صفحة "محافظة دمشق- المكتب الإعلامي" عبر "فيس بوك")

صورة عن المخطط التنفيذي للمنطقة التنظيمية الثانية حسب مرسوم رقم “66” لعام 2012 المسمى “باسيليا ستي”- تموز (صفحة “محافظة دمشق- المكتب الإعلامي” عبر “فيس بوك”)




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة