خمس بلدات في درعا مهددة بالعطش بسبب جفاف الينابيع

camera iconمضخات مياه "عيون العبد" في بلدة العجمي ريف درعا الغربي 9 آب 2021 (عنب بلدي / حليم محمد)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – درعا

تراجع منسوب مياه الينابيع السطحية في ريف درعا الغربي، بسبب الحفر العشوائي للآبار واستجرار المياه لسقاية المحاصيل الزراعية.

وأثّر هذا التراجع في القدرة على تغذية بلدات تل شهاب وزيزون والعجمي وعموريا والجعارة بمياه الشرب، ما دفع سكانها للبحث عن بدائل، إما عن طريق مياه الآبار وإما مياه الصهاريج الجوالة.

يشتري عبد الرحمن (50 عامًا)، أحد سكان بلدة تل شهاب ويعمل في تربية الأبقار، برميل المياه سعة 200 ليتر، المعبأ من مياه الآبار والينابيع، بـ1500 ليرة سورية (45 سنتًا أمريكيًا)، ويحتاج في اليوم الواحد إلى ثلاثة براميل كحد أدنى.

وأوضح لعنب بلدي أن المياه التي تشرف عليها “وحدة المياه” كانت تصل إلى البلدة ثلاث ساعات كل يومين، وكان يستطيع حينها تعبئة خزانات منزله، لكن المياه أصبحت دائمة الانقطاع هذا الصيف، وعند وجودها تكون ضعيفة جدًا.

ولا يثق عبد الرحمن بمصادر مياه الصهاريج، ويخشى على عائلته من الأمراض لعدم خضوعها لشروط التعقيم بالكلور، بحسب ما قاله.

ومياه المضخات التابعة لحكومة النظام مزوّدة بأجهزة تعقيم آلي بالكلور، والتي يؤمّنها “الهلال الأحمر السوري” لهذه المضخات.

وبسبب عدم قدرة هذه المضخات على كفاية السكان بمياه الشرب، أصبحت مياه الصهاريج الجوالة، التي تُعبأ إما من مياه الينابيع وإما من مياه الآبار الخاصة، والتي لا تخضع للتعقيم، بديلًا عن مياه المضخات.

ويبيع أصحاب الصهاريج المياه بشكل خزان كامل سعة ألف ليتر، أو بشكل براميل سعة الواحد 200 ليتر.

يوسف (30 عامًا) من سكان بلدة زيزون، اشتكى من الانقطاع المستمر لمياه الضخ التي تشرف عليها “وحدة المياه”.

وقال لعنب بلدي، إن تشغيل المضخة 24 ساعة سابقًا لم يكن يكفي لتغذية هذه البلدات، متسائلًا كيف ستكفي في حال تشغيلها ساعات محدودة باليوم فقط.

وتحدث يوسف، الذي يعمل في الزراعة، عن وجود مضخات على الينابيع تُستخدم لسقاية المشاريع الزراعية، وهي ذات قدرة عالية على الاستجرار، لكن الينابيع لم تعد قادرة على تغذية هذه المضخات.

وأوضح يوسف أن التعديات على خط الدفع والتي تستعمل للزراعة تضعف من قوة ضخ المياه، كما أن المياه توزع مباشرة على الشبكة وهي بحاجة إلى الصيانة، إذ يضمن إيصال المياه إلى الخزانات الرئيسة عدالة بالتوزيع، ويؤمّن المياه للمنازل البعيدة.

وأرجع محمود عبد الرحمن من سكان تل شهاب، أسباب تراجع مياه ينابيع “عين الساخنة” إلى حفر الآبار العشوائية، والاستجرار الكبير للزراعة.

وقال لعنب بلدي، إن البدائل المطروحة حاليًا “مياه الصهاريج ومياه الآبار والتي أغلبها كلسية، أو تحتوي على نسبة من الكبريت”، والأفضل هي مياه الينابيع كونها عذبة، وصالحة للشرب وتخضع للتعقيم الآلي.

مصدران رئيسان لمياه الشرب

تعد ينابيع “عيون العبد” و”عين الساخنة” مصدرين رئيسين لمياه الشرب، التي تغذي بلدات ريف درعا.

وتقع ينابيع “عيون العبد” في بلدة العجمي على مسافة 22 كيلومترًا غربي محافظة درعا، وكانت قبل عام 2011 تروي مدينة جاسم وإنخل والحارة وبرقا بريف درعا الشمالي، من خلال مشروع قساطل بطول 60 كيلومترًا باتجاه الشمال.

ولكن بعد كثرة التعديات على هذا الخط توقف عن العمل منتصف عام 2011.

وفي عام 2019، نفذت مديرية مياه درعا مشروع جر قساطل لإرواء بلدات زيزون وعموريا والجعارة بعد جفاف بحيرة “زيزون” العذبة، وانقطاع المياه عن البلدة بشكل كامل.

وبداية تموز الماضي، بدأت مياه “عيون العبد” بالتراجع، وانخفضت قدرتها على تغذية مضخات مياه الشرب لهذه البلدات.

وشهدت بلدة تل شهاب الحدودية مع الأردن نقصًا بمياه الشرب بعد تراجع منسوب ينابيع “عين الساخنة” في بلدة الفوار بريف درعا الغربي.

الآبار سبب رئيس للجفاف

أثر حفر الآبار العشوائية على منسوب مياه الينابيع، إذ تُعد الآبار عاملًا رئيسًا في جفافها، حسبما أوضح موظف سابق بمديرية الموارد المائية لعنب بلدي.

وقال الموظف الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن الآبار دمرت حوامل التغذية وغيرت من مجرى هذه الخطوط، وإن حفر الآبار يقطع خط التغذية عن مجراه الطبيعي باتجاه الينابيع، ما ينذر بخطورة جفاف هذه الينابيع إذا استمر الحفر لأعماق أكثر.

وأضاف أن جفاف الينابيع أخرج بحيرة “زيزون” و”المزيريب” عن الخدمة بشكل كامل، والمصير مشابه لينابيع “عيون العبد” و”الساخنة”.

وأرجع مدير الموارد المائية بدرعا، المهندس منير العودة، في حديث لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في تموز2020، جفاف بحيرة “المزيريب” إلى وجود أكثر من 100 بئر في الحرم المائي للبحيرة.

وقدّر العودة عدد الآبار المخالفة في محافظة درعا بحوالي أربعة آلاف بئر، أسهمت في جفاف 13 نبعًا في المحافظة.

وتعتمد معظم الآبار في تشغيل مضخاتها على ألواح الطاقة الشمسية، التي أسهمت في استجرار متزايد كونها لا تحتاج إلى المازوت في عملها.

ووصل سعر ليتر المازوت إلى 2500 ليرة سورية، ما شجع المزارعين على تركيب ألواح طاقة شمسية، الأمر الذي أسهم في زيادة ساعات التشغيل نهارًا وتشغيل المضخات على المازوت ليلًا.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة