رسائل تركية في سماء شرق الفرات.. ميدان لا تتقنه “قسد”

camera iconطائرة مسيرة تركية (الأناضول)

tag icon ع ع ع

كثّف الجيش التركي من عمليات استهداف “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المسيطرة على شمال شرقي سوريا، والمدعومة من التحالف الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية.

وتخضع مناطق شمال شرقي سوريا، منذ تشرين الأول 2019، لاتفاق روسي- تركي، نص على إخلاء مقاتلي “قسد” الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا بعمق 30 كيلومترًا، وتسيير دوريات روسية- تركية.

وركز الأتراك في استهدافهم منذ منتصف آب الحالي على قياديين من “قسد” عبر الطائرات المسيّرة التركية.

إذ وجه الجيش التركي، في 19 من آب، ضربتين ضد قياديين في “قسد”، الأولى أدت إلى مقتل القيادي في “وحدات حماية الشعب” (الكردية) ريناس روج، أما الثانية فاستهدفت مقر العلاقات العسكرية لـ”مجلس تل تمر العسكري” شمالي الحسكة.

وأعلنت “قسد”، في 20 من آب الحالي، مقتل أربعة عناصر بقصف تركي استهدف مقر العلاقات العسكرية لـ”مجلس تل تمر العسكري”، والقتلى هم: سوسن بيرهات عضو المجلس العسكري لـ”وحدات حماية المرأة” (YPJ) والمجلس العسكري لـ”قسد”، وعكيد كركي لكي القيادي في “مجلس تل تمر العسكري”، والمقاتلان روبار حسكة وسيف الله أحمد.

كما استهدف الطيران التركي، في 22 من آب، سيارة عسكرية بريف القامشلي الغربي، إلا أنه لم يعلن عن أسماء القتلى، وذلك بعد ساعات من استهداف مماثل في مدينة كوباني (عين العرب) شمال شرقي حلب.

المدفعية التركية زادت من قصفها على مناطق سيطرة “قسد”، في ذات التوقيت، مستهدفة مدن وبلدات تل تمر ومنبج وعين عيسى.

وذكر مركز “جسور للدراسات” في تقرير صدر أمس، الجمعة 27 من آب، أن القيادة العسكرية التركية أشرفت على تنظيم انتشار فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا على طول خط التماس مع “قسد” الممتد من مدينة عفرين شمال غربي حلب وصولًا إلى مدينتي الباب وجرابلس شرقي حلب.

وأسست كتائب عسكرية من فصائل “الجيش الوطني”، وكل كتيبة مسؤولة عن حراسة خط محدد، مع تقديم دعم عسكري يتيح للمقاتلين القيام بمهامهم، مع وجود دراسة لإمكانية صهر تلك الفصائل في لواءين عسكريين، حسب تقرير “جسور”.

وتعتبر تركيا “قسد” المدعومة من واشنطن، امتدادًا لحزب “العمال الكردستاني”، المحظور والمصنف إرهابيًا، وهو ما تنفيه “قسد” رغم إقرارها بوجود مقاتلين من الحزب تحت رايتها، وشغلهم مناصب قيادية.

لماذا الآن؟

خلال السنوات الثلاث الأخيرة، اعتمدت تركيا على الطائرات المسيّرة لضرب “قسد” وحزب “العمال الكردستاني”، أو في عمليات الرصد والمراقبة.

الباحث في الشؤون الكردية وشرق الفرات عبد الرحيم سعيد تخوبي قال، في حديث لعنب بلدي، إن عمليات استهداف قادة “قسد” خارج أوقات الحرب والمعارك، أسلوب غير جديد.

إذ استهدفت سابقًا طائرات تركية مسيّرة منزلًا في قرية حلنج بكوباني، وسيارات لقادة “قسد” في مناطق متفرقة، لكن وتيرة هذه العمليات ازدادت مؤخرًا تزامنًا مع التصعيد في مناطق التماس بين الطرفين في الحسكة وريف حلب، وهو ما لم يكن موجودًا خلال جميع عمليات التصعيد العسكرية السابقة والتوتر بين الطرفين منذ توقف المعارك في مدينتي رأس العين شمال غربي الحسكة وتل أبيض شمالي الرقة في تشرين الأول 2019.

ويرى تخوبي أن سبب هذه الزيادة هي رغبة تركيا بإيصال رسالة مفادها أن التصعيد العسكري لن يقتصر على العمليات البرية، وسينتقل إلى مجال الضربات الجوية، وهي ضربات وعمليات استخباراتية وعسكرية في نفس الوقت، فالضربات تنفذ بعد الحصول على معلومات دقيقة حول تحركات المستهدفين.

وهذا الأسلوب جزء من اعتماد معظم الجيوش على هذه التقنية والاهتمام بتطويرها خلال السنوات الماضية.

والاستهداف عبر المسيّرات إشارة خطيرة لـ”قسد”، حسب الباحث عبد الرحيم تخوبي، لأن تتبع قياداتها ومعرفة تحركاتهم، يعني أن هناك من يشارك هذه المعلومات مع تركيا ضمن “قسد” على الأرض، ويرسل معلومات دقيقة حول تحركاتهم.

قصف وحشود.. دون عمل عسكري

استبعد الباحث عبد الرحيم تخوبي أن يكون الاستهداف الأخير والترتيبات العسكرية على خطوط التماس، إشارة إلى بدء عملية عسكرية تركية جديدة، لكنها ستكون أسلوبًا جديدًا في حربها ضد “قسد”.

ورجح الباحث استمرار العمليات وزيادتها في أوقات التصعيد العسكري بمناطق التماس بين الطرفين، و”ستستخدمها تركيا كنقطة ضغط على (قسد) لتتجنب الأخيرة افتعال عمليات التصعيد”، كما تتهمها تركيا.

ولا تتقن “قسد” حرب المسيّرات “وهو ميدان خاسر لها”، وتعد من أكثر الأسلحة التي عانت منها “قسد” خلال معاركها في عفرين ولاحقًا في رأس العين وتل أبيض وحاليًا.

ولا تستطيع “قسد” التعامل مع هذه التقنية سوى عن طريق تكتيكات بدائية كالتخفي، وتغيير المواقع باستمرار، وعدم استخدام قادتها نفس الآليات والسيارات وتغييرها باستمرار، حسب الباحث.

لكن هذه الآليات الدفاعية ستصطدم أيضًا بأن تركيا تعتمد عادة على معلومات استخباراتية من ضمن “قسد”، لذلك يمكن القول إن خيارات “قسد” للتصدي لهذه العمليات حتى الآن ضيقة ومحدودة جدًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة