التهاب القولون التقرحي.. التشخيص والعلاج

التهاب القولون التقرحي
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

التهاب القولون التقرحي هو أحد أمراض الأمعاء الالتهابية المزمنة، يصيب القولون والمستقيم، ويسبب الالتهاب والتورم والإسهال والنزيف، تظهر الأعراض على شكل هجمات، وعادة ما تبدأ الهجمة بشكل تدريجي، حيث يشعر الشخص بالحاجة إلى التبرز مع مغص خفيف في أسفل البطن وملاحظة وجود دم ومخاط في البراز، ثم يحدث إسهال شديد مخاطي مدمى مع ألم بطني وارتفاع حرارة شديد.

كيف يُشخّص التهاب القولون التقرحي

يُشتبه بوجود إصابة بالتهاب القولون التقرحي عند الأشخاص الذين يعانون من إسهال دموي متكرر مترافق مع مغص ورغبة ملحّة في التبرز، ولا سيما عند معاناة الشخص من مضاعفات أخرى، مثل التهاب المفاصل أو مشكلات في الكبد أو تاريخ لهجمات مماثلة، وعندها يوصى بإجراء ما يلي:

فحص البراز: للتحري عن الطفيليات واستبعاد حالات العدوى الجرثومية.

التنظير السيني: يؤكد تشخيص التهاب القولون التقرحي، وهو يتيح للطبيب القيام باستطلاع شدة الالتهاب مباشرة والحصول على عيّنات من المخاط أو البراز لزرعها واستئصال عينات الأنسجة (خزعات) من المناطق المصابة للفحص تحت المجهر.

صورة الأشعة السينية للبطن بعد استعمال حقنة الباريوم: قد تشير إلى شدة وانتشار المرض، ولكنها لا تُجرى خلال فترة الهجمات، وذلك بسبب خطر تسببها بحدوث انثقاب.

اختبارات دموية: لا تؤكد التشخيص ولكنها قد تكشف إصابة الشخص بفقر الدم أو وجود التهاب نَشِط، وتشمل تعدادًا كاملًا لعناصر الدم (يظهر نقص خضاب وارتفاع تعداد الكريات البيض)، ومستوى الألبومين (يكون منخفضًا)، وسرعة تثفل كريات الدم الحمر (تكون مرتفعة)، ومستوى بروتين “C” التفاعلي (مرتفع)، كما قد يجري الطبيب اختبارات لوظائف الكبد.

كيف يعالَج التهاب القولون التقرحي

التهاب القولون التقرحي غير قابل للشفاء، وتهدف المعالجة إلى ضبط الالتهاب وتقليل الأعراض، وهي تشمل: تغيير نمط الحياة، العلاج الدوائي، الجراحة.

تغيير نمط الحياة:

ينبغي على المصابين بأمراض الأمعاء الالتهابية الالتزام ببعض العادات الحياتية التي تخفف من شدة الأعراض، مثل:

  • تجنب تناول بعض الأطعمة مثل المكسرات والذرة المقشرة والفواكه والخضراوات الطازجة والأغذية العالية الألياف للحد من إصابة البطانة الملتهبة للأمعاء الغليظة.
  • كذلك ينصح بالإقلال من مشتقات الألبان لتجنب حدوث الأعراض، كالإسهال وآلام البطن والغازات.
  • الابتعاد عن المشروبات التي تحتوي على الكافيين لأنها يمكن أن تزيد من شدة المرض.
  • تجنب التدخين، والابتعاد نهائيًا عن تناول الكحول.
  • تقسيم الوجبات إلى وجبات صغيرة على مدار اليوم، أي تناول خمس أو ست وجبات صغيرة في اليوم بدلًا من وجبتين أو ثلاث وجبات كبيرة.
  • الإكثار من شرب المياه على مدار اليوم.
  • ممارسة التمارين الرياضية والأنشطة البدنية للتخلص من التوتر العصبي.

العلاج الدوائي:

يعتمد نوع الدواء على شدة الأعراض والاختلاطات، وقد تحتاج حالات المرض الوخيم والخاطف إلى دخول المستشفى وتعويض السوائل والكهارل عن طريق الوريد، علمًا أن الأدوية التي تكون فعالة مع بعض الأشخاص قد لا تكون فعالة مع أشخاص آخرين، وتشمل الأدوية:

أدوية مضادة للالتهابات:

غالبًا ما تكون الأدوية المضادة للالتهابات هي الخطوة الأولى في العلاج، وهي مناسبة لمعظم المصابين بهذا المرض، ومن هذه الأدوية:

الأمينوساليسيلات، مثل سولفاسالازين (آزولفيدين) وميسالامين (ديلزيكول) وبالسالازيد (كولازال) وأُولسالازين (ديبنتوم)، تفيد في معالجة الحالات المصحوبة بأعراض.

الكورتيكوستيرويدات، مثل بريدنيزون وبوديسونيد وهيدروكورتيزون، وتُستخدم موضعيًا على شكل تحاميل أو حقن شرجية احتباسية لعلاج الحالات الحادة، ويقتصر استخدامها فمويًا أو وريديًا على حالات التهاب القولون التقرحي التي تتراوح بين المعتدلة والشديدة ولا تستجيب للعلاجات الأخرى، ولا تؤخذ عادة لمدة طويلة لما لها من آثار جانبية على المدى الطويل.

مثبطات جهاز المناعة:

تقلل هذه الأدوية الالتهاب أيضًا، وتشمل ما يلي:

  • أزاثيوبرين (أزاسان وإيموران)، وميركابتوبيورين (بورينيثول وبوريكسان)، هذه الأدوية هي أكثر مثبطات المناعة شيوعًا لعلاج مرض الأمعاء الالتهابي. عند تناولها، تنبغي المتابعة عن كثب مع الطبيب وفحص الدم بانتظام للكشف عن الآثار الجانبية، بما في ذلك الآثار على الكبد والبنكرياس.
  • سايكلوسبورين (جينجراف، ونيورال، وسانديميون)، عادة ما يقتصر استخدام هذا الدواء على الأشخاص الذين لم يستجيبوا جيدًا للأدوية الأخرى، وهو ليس مخصصًا للاستخدام الطويل المدى.
  • توفاسيتينيب (زيليجانز)، إينفليإكسيماب (ريميكاد)، أداليموماب (هوميرا)، وغوليموماب (سيمبوني)، فيدوليزوماب (إنتيفيو)، أوستيكينوماب (ستيلارا)، هذه العقاقير مخصصة للأشخاص المصابين بالتهاب القولون التقرحي الشديد والذين لا يستجيبون للعلاجات الأخرى أو لا يستطيعون تحملها.

أدوية أخرى:

قد يتطلب العلاج استخدام أدوية للسيطرة على بعض الأعراض المصاحبة لالتهاب القولون التقرحي، منها:

  • الأدوية المضادة للإسهال، قد يكون لوبراميد (آيموديام) علاجًا فعالًا للإسهال الحاد، لكن يجب استخدامه بحذر شديد لأنه قد يزيد من خطر الإصابة بالتهاب القولون الخاطف، ويتحسن الإسهال الناتج عن انخفاض امتصاص أملاح المرارة باستعمال كوليسترامين.
  • مسكنات الألم، يوصى في حالات الألم باستخدام أسيتامينوفين (باراسيتامول)، أما مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية مثل آيبوبروفين ونابروكسين الصوديوم وديكلوفيناك الصوديوم فهي أدوية يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأعراض وزيادة حدة المرض.
  • مضادات التشنج، تستخدم خلال الهدءات للمساعدة في علاج التقلصات المؤلمة، بينما يحب عدم استعمالها في حالات الهجمات النشطة لأنها قد تسبب علوصًا شلليًا وتضخم القولون.
  • الملينات، تُستخدم لتسهيل حركة الأمعاء عندما يكون هناك التهاب مستقيم.
  • مكملات الحديد، تستخدم لعلاج فقر الدم الناتج عن فقد الدم المستمر في البراز.
  • ويجب على جميع المرضى استعمال مكملات الكالسيوم وفيتامين “د”.

الجراحة:

لن يحتاج جميع المرضى إلى الجراحة، فعادة ما يتم اللجوء للعلاج الدوائي وتغيير نمط الحياة أولًا، ثم يمكن لثلث المرضى أن يكونوا مرشحين للعلاج الجراحي لاحقًا في مرحلة ما حين تصبح العلاجات الدوائية غير فعالة وأعراض ومضاعفات التهاب القولون التقرحي شديدة، أي أن الجراحة هي خيار أخير، وعند الحاجة إلى الجراحة يتم استئصال القولون والمستقيم بالكامل، ويسمى هذا الإجراء “استئصال المستقيم”، وبعد استئصال المستقيم يحتاج المريض في معظم الحالات إلى عملية فغر اللفائفي أو المفاغرة اللفائفية الشرجية.

فغر اللفائفي:

يتم في هذه العملية تصنيع فتحة تسمح للفضلات من الأمعاء بالخروج من الجسم، عادة ما تجعل هذه الثغرة أسفل البطن، ويحتاج المريض لارتداء حقيبة خارجية (كيس الفغر أو كيس الستوما) لتجميع الفضلات بداخلها.

المفاغرة اللفائفية الشرجية:

يسمى هذا الإجراء بـ”الحقيبة J”، وفيه يصنع الجراح جَيبًا من نهاية الأمعاء الدقيقة ثم يوصله مباشرة بفتحة الشرج، وهذا يسمح للمريض بالتخلص من الفضلات بشكل طبيعي نسبيًا، ويغني هذا الإجراء عن الحاجة إلى ارتداء كيس لتجميع الفضلات كما في جراحة فغر اللفائفي.

بعد الجراحة سيبقى المريض في المستشفى من ثلاثة إلى سبعة أيام، وتتطلب فترة التعافي من أربعة إلى ستة أسابيع، وقد يحتاج مريض المفاغرة اللفائفية الشرجية إلى عدة أسابيع حتى يتعلم التحكم في الجيبة الداخلية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة