رقّاويون يتخلّون عن “المونة” جراء الغلاء وضعف الدّخل

أوعية تحمل جبنة بلدية مُعدة كمؤونة شتوية في أحد منازل أهالي الرقة- 5 أيلول 2021 (عنب بلدي/حسام العمر)

camera iconأوعية تحمل جبنة بلدية مُعدة كمؤونة شتوية في أحد منازل أهالي الرقة- 5 أيلول 2021 (عنب بلدي/حسام العمر)

tag icon ع ع ع

اعتادت سعدية المحمد (40 عامًا) منذ أن تزوجت قبل 15 عامًا، إعداد المؤونة لفصل الشتاء في كل عام مع بداية الخريف.

سعدية قالت لعنب بلدي، إن عادة تحضير المؤونة الشتوية بدأت تتحول إلى شيء من الماضي، بسبب حصر أغلب العائلات مردودهم المادي في تأمين الاحتياجات اليومية، مع عجزهم عن تأمين أي مستلزمات أخرى.

وامتنعت عائلات في مدينة الرقة وريفها عن تجهيز المؤونة الشتوية في العام الحالي، بينما اضطرت أخرى لتخزين كمية أقل بكثير من الكمية التي اعتادت تخزينها في الأعوام السابقة، بسبب تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وارتفاع المستوى العام للأسعار.

وأضافت سعدية أن أسعار الكثير من مواد المؤونة تضاعفت في العام الحالي، مثل الجبنة التي تباع بسبعة آلاف ليرة سورية للكيلوغرام، بينما كان سعرها بمعدل النصف العام الماضي.

وتجاوزت أسعار الخضار التي تدخل في تجهيزات المؤونة مثل الباذنجان أو البندورة والفليفلة 1000 ليرة سورية للكيلو، بينما لم تتجاوز 500 ليرة في نفس الوقت من العام الماضي.

واضطرت سعدية إلى تخزين نصف الكمية التي خزنتها في الأعوام السابقة، تماشيًا مع دخل زوجها الذي يمتلك حافلة للنقل العام في الرقة، ويحصل على دخل يومي يصل إلى 20 ألف ليرة سورية.

غياب القدرة الشرائية

راغب السمعو (50 عامًا)، صاحب محل لبيع تجهيزات المؤونة والمواد الغذائية في الرقة، يرى أن المؤونة بوصفها عادة وثقافة شعبية قد تغيب خلال السنوات المقبلة بسبب الغلاء.

قال راغب لعنب بلدي، إن الكثير من الأسر تتخلى عن احتياجات معيشية بسبب المردود اليومي أو الشهري، خاصة في حال كان رب الأسرة أو معيلها موظفًا.

وأشار راغب إلى أن أغلب البضائع موجودة، لكن الذي يغيب هو القدرة الشرائية للسكان، التي بدأت تنهار مع الانهيارات المتواصلة لليرة السورية أمام العملات الأجنبية.

شيء من الماضي

في الماضي، كان تحضير المؤونة يحمل الكثير من الألفة والمحبة بين الأهل، بحسب ما قالته فاطمة النجرس (43 عامًا) لعنب بلدي، إذ كانت العائلات تجتمع لتحضيرها.

فاطمة أضافت أن أزمة الغلاء التي تمر بها سوريا تسهم بتغيير عادات وتقاليد سكان المنطقة وفقًا لاحتياجاتها الاقتصادية، إذ “لم يعد هنالك مال أو وقت كافٍ لتلك العادات”.

وتنتج المساحات الزراعية والثروة الحيوانية في الرقة معظم المواد المستخدمة في تجهيز المؤونة للشتاء، لكن قلة الأمطار وانخفاض منسوب نهر “الفرات” وارتفاع أسعار الأعلاف جراء الجفاف، عوامل أسهمت بارتفاع أسعار أغلب المنتجات الزراعية والحيوانية على الرغم من إنتاجها محليًا.

ويحتاج 13.4 مليون شخص إلى المساعدة في جميع أنحاء سوريا، ووصلت الاحتياجات الإنسانية لملايين السوريين إلى أعلى مستويات لها منذ بداية الحرب، بحسب أرقام أممية.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة، مارتن غريفيث، في إحاطة له بمجلس الأمن، في 24 من آب الماضي، إن “الأعمال العدائية المستمرة في سوريا، والأزمة الاقتصادية، ونقص المياه، وجائحة فيروس (كوفيد- 19)، تدفع بالاحتياجات الإنسانية لملايين الأشخاص الضعفاء بالفعل، إلى بعض أعلى المستويات منذ بداية الصراع”.

وأشار المسؤول الأممي إلى أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية وفقدان سبل العيش أجبرا مزيدًا من الأسر على تقليل وجبات الطعام.

ونتيجة نقص المياه الحاصل في نهر “الفرات”، يتوقع أن يتفاقم نقص الغذاء، إلى جانب مخاوف على الصحة العامة، وفقدان وسائل المعيشة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة