أحلاها مر.. خيارات “قسد” المعقّدة لمواجهة انسحاب أمريكي محتمل

فرقة تقدم حفلًا في حقل العمر الواقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن - آذار 2019 (AP)

camera iconفرقة تقدم حفلًا في حقل "العمر" الواقع تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) المدعومة من واشنطن- آذار 2019 (AP)

tag icon ع ع ع

برنامج “مارِس” التدريبي- مهند حمود

تزداد خيارات “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) تعقيدًا في ظل كثرة التوقعات بانسحاب القوات الأمريكية من مناطق شرق الفرات التي توجد فيها.

وسيضع الانسحاب، في حال حدوثه، “قسد” في موقف صعب قد يدفعها إلى التقرب من روسيا ومعها حليفها النظام السوري، أو من قوات المعارضة المدعومة من تركيا، وهما خياران يهددان وجودها ومشروع “الإدارة الذاتية” القائم منذ أعوام.

انسحابات أمريكية تخلط الأوراق

زاد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، في أواخر آب الماضي، وإعلانها تخفيض وجودها العسكري في العراق، في أيلول الحالي، من التوقعات بخطوات مشابهة في شمال شرقي سوريا، ما جعل مسؤولين من “قسد” يعبرون عن قلقهم من ذلك.

إذ قال نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لـ”الإدارة الذاتية”، بدران جيا كرد، في حديث لصحيفة “القدس العربي”، في 1 من أيلول الحالي، إن من المؤكد أن للانسحاب الأمريكي من أفغانستان تداعيات على المنطقة برمّتها، وما حصل للحكومة الأفغانية الحليفة لأمريكا كان “كارثيًا”، حسب تعبيره.

ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط”، في 21 من أيلول الحالي، عن مصدر لم تسمّه في وزارة الخارجية الأمريكية، أن الولايات المتحدة طمأنت “قسد”، وأكدت استمرارها في قتال تنظيم “الدولة الإسلامية”، ومسببات عدم الاستقرار في المنطقة.

ورغم تأكيدها وجود هذه التطمينات، قالت ممثلة “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) في الولايات المتحدة، سنام محمد، في لقاء مع الصحيفة نفسها، إن الجميع يعلم أن “الوجود الأمريكي لن يبقى إلى الأبد”.

خطوات باتجاه موسكو

في 15 من أيلول الحالي، زار وفد من “مسد” برئاسة الرئيسة المشتركة، إلهام أحمد، العاصمة الروسية موسكو، والتقى بالمبعوث الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ميخائيل بوغدانوف.

وأشارت وزارة الخارجية الروسية في بيان حول اللقاء، إلى أنه “تم التأكيد على أهمية مواصلة الحوار بشكل فعّال بين (مجلس سوريا الديمقراطية) وحكومة دمشق، بهدف التوصل إلى اتفاقات تستجيب للتطلعات المشروعة لجميع المواطنين السوريين، وتراعي خصائص المناطق والتعددية الإثنية والثقافية للمجتمع السوري”.

الباحث في الشؤون الكردية وشرق الفرات عبد الرحيم سعيد تخوبي قال، في حديث لعنب بلدي، إن “قسد” تحاول الإبقاء على علاقتها مع روسيا، على الرغم من اتهام القوات لموسكو بعدم الالتزام بواجباتها في وقف الهجمات التركية.

ويرى تخوبي أن “قسد” تحاول بذلك الاستعداد للانسحاب الأمريكي، وتوجّه في ذات الوقت رسالة للولايات المتحدة، بأن البديل جاهز في حال انسحابها.

لا بوادر لاتفاق مع النظام

جاءت زيارة وفد “مسد” إلى موسكو، بعد يوم من زيارة رئيس النظام، بشار الأسد، إليها.

وتوقع الباحث تخوبي أن زيارة الطرفين في نفس التوقيت لها دلالات سياسية، وقد تكون هناك لقاءات بين وفديهما في موسكو برعاية روسية.

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قال، في تموز الماضي، إن موسكو مستعدة لتسهيل الحوار بين النظام السوري و”الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، بشرط أن يحافظ الجانبان على مواقف متماسكة.

وأضاف لافروف، “آمل كثيرًا أن يفهم هؤلاء الكرد المهتمون بتطبيع العلاقات مع دمشق الطبيعة الاستفزازية لأمريكا، ويروا الخطر الكبير هنا”.

يرى تخوبي أن روسيا تضغط على “قسد” للدخول في مفاوضات جدية مع النظام، وتقديم تنازلات في سبيل حصول اتفاق بين الطرفين.

لكنه استبعد أن يوافق النظام على دمج “قسد” في جيشه دون إعلانها حلّ نفسها.

ونقل الباحث عن مفاوضين من طرف “الإدارة الذاتية” قولهم، إن النظام يرفض منح أي صلاحيات عسكرية لـ”قسد”.

وأضاف تخوبي أن طروحات النظام لا تتعدى منح “الإدارة الذاتية” صلاحيات محلية ضمن القانون “107“، وأنه لا يزال يعرض عليها اتفاقات شبيهة باتفاقات المصالحات التي حصلت في مناطق أخرى من سوريا، دون أي طرح للفيدرالية أو شبه الفيدرالية.

وليست الفيدرالية أو شبه الفيدرالية خيارًا مقبولًا، لا من النظام، ولا من تركيا التي ترى أن ذلك يؤثر سلبًا على أمنها القومي، بحسب تخوبي.

وكان القائد العام لـ”قسد”، مظلوم عبدي، تحدّث عن محادثات بين وفد من “مسد” والنظام السوري، في كانون الثاني الماضي، لكنها كانت “فاشلة” هي والزيارات التي قبلها، بحسب تعبيره.

الحبال مقطوعة مع المعارضة

يبدو اتفاق “قسد” مع المعارضة السورية بعيد المنال، في ظل الصدام السياسي والعسكري الذي ساد العلاقة بينهما في السنوات الأخيرة.

وجرت مواجهات عسكرية مباشرة بين الطرفين أبرزها معركة “غصن الزيتون”، التي خاضها “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، ضد “وحدات حماية الشعب” (الكردية)، التي تشكّل عماد “قسد”، ومعركة “نبع السلام” في الرقة والحسكة، بدعم تركي أيضًا.

وطالب الرئيس السابق لـ“الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة”، نصر الحريري، في 20 من حزيران الماضي، تركيا بتدخل عسكري دولي لإخراج قوات “قسد” من مدينتي منبج وتل رفعت وبقية المناطق السورية.

في حين أدان “المجلس الوطني الكردي”، وهو أحد مكونات “الائتلاف”، تصريحات الحريري، واعتبرها استباحة لسيادة الدولة السورية، وتجاوزًا لمبادئ الثورة السورية وقيمها، وتسيء إلى العلاقات بين مكونات “الائتلاف” نفسه.

وجرى في الأيام الماضية حديث عن دور قد يلعبه “المجلس الوطني الكردي” في التقريب بين “قسد” والمعارضة.

إذ كان “المجلس” شارك في حوار كردي- كردي برعاية دولية، مع حزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي يشكّل نواة “الإدارة الذاتية”، لكن المحادثات تجمدت لاحقًا، مع تبدل الإدارة الأمريكية، ولم يتوصل الطرفان إلى اتفاق حتى الآن.

ويرى الباحث تخوبي أن “المجلس الوطني الكردي” ليس قادرًا على التقريب بين المعارضة و”قسد”، إذ إنه إلى الآن لم يتوصل إلى اتفاق مع “قسد” على النقاط المختلف عليها بينهما.

ومن جهة أخرى، فإن المعارضة لا تستطيع أن تتقارب مع “قسد” بسبب حساسية هذا بالنسبة لتركيا التي تربط “قسد” بحزب “العمال الكردستاني”، وتصنفها منظمة إرهابية، ما يجعل المعارضة غير قادرة على القيام بأي مبادرة فعلية باتجاه “قسد” دون الموافقة التركية، بحسب تخوبي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة