التجّار يعرضون مبالغ لا توازي سعرها

بيوت حلب المتضررة.. الهدم أو البيع لـ”قاطرجي” و”خضر”  

camera iconأبينة مهدمة في مدينة حلب - 2021 (shutterstock)

tag icon ع ع ع

حلب- صابر الحلبي

موجة الغضب والاستياء التي بدت على وجه عبد الكريم الحسن (49 عامًا)، كانت كافية للتعبير عن حجم المعاناة التي يعيشها من تبقى من سكان حلب تحت سيطرة النظام وميليشياته، فبعد قيامه بترميم غرفتين وبناء طابق جديد فوق منزله بحي الشعار، حضر عمال مجلس مدينة حلب وهدموا ما بناه خلال شهر آب ونصف شهر أيلول الماضيين.

خلال حديث إلى عنب بلدي، قال عبد الكريم إنه اقترض مبلغ ثلاثة ملايين ونصف المليون ليرة سورية (حوالي ألف دولار)، بالإضافة إلى وجود مبلغ مليوني ليرة كان بحوزته، لترميم الغرفتين بعد تعرضهما لدمار جزئي، وبناء طابق جديد لتزويج ابنه.

“تفاجأتُ بمجيئهم (عمال مجلس مدينة حلب)، حيث هدموا ما قمت ببنائه، حاولتُ أن أدفع لهم مبلغًا من المال، ولكنهم رفضوا، وحتى إنني أظهرتُ رخصة البناء والترميم، ولكن لم يعترفوا بها”، بحسب ما قاله الرجل الأربعيني.

وأضاف، “تواصلت مع واسطات، ولكن علمت أن المنطقة التي أسكن فيها بيعت معظم منازلها لمصلحة رجل الأعمال السوري حسام قاطرجي”، مشيرًا إلى أن الهدم سببه “عدم بيعي لمنزلي قبل فترة سنة ونصف عندما عُرض عليَّ بيعه بمبلغ قليل”.

هدم ممنهج لبناء مخططات جديدة

على الرغم من منح رخص الترميم أو بناء طوابق جديدة ضمن المنازل العربية، فإن هناك عمليات هدم تحدث باستمرار على اعتبار الأبنية الواقعة ضمن عمليات الهدم مخالفات، لكن تلك الأحياء “ستتم إعادة تأهيلها لمخطط بناء جديد”، بحسب ما قاله موظف في مجلس مدينة حلب لعنب بلدي.

وأضاف الموظف أن هناك مخططات لبناء مجمعات سكنية في أغلب أحياء مدينة حلب، خصوصًا المدمرة، وهناك بعض العقود لم تكتمل لإزالة الأبنية السكنية المدمرة، والبدء بهدم الأبنية السكنية المكوّنة من طابقين أو ثلاثة طوابق، وهي تعتبر ضمن المناطق العشوائية، وتدخل ضمن ملف إعادة الإعمار.

ولذلك هناك تشديد على كل من يقوم بترميم نسبة 60% وما فوق من منزله في بعض أحياء حلب، وإذا كان البناء مدمرًا ومستوى خطورة سقوطه يتجاوز 30% ستشمله عمليات الهدم، حتى وإن أُجريت عملية الترميم، وفق ما قاله الموظف الذي تحفظت عنب بلدي عن ذكر اسمه لأسباب أمنية.

في حين قال أسعد (53 عامًا) لعنب بلدي، إن ثلاث غرف رممها بعد تعرضها للقصف تم هدمها، وإن عمال المجلس رفضوا أخذ مبلغ كبير (مليون ليرة) مقابل عدم الهدم، وقد عُرض عليه بيع منزله في حي صلاح الدين بمبلغ 25 مليون ليرة، إلا أنه رفض لأنه سيقوم بترميمه، ومع ذلك فقد تم هدم الغرف الثلاث خلال أيلول الماضي.

وهدد رئيس مجلس مدينة حلب التابع للنظام، معد المدلجي، بأنه لن يكون هناك تهاون مع المقصّرين، وشدد على تكثيف الدوريات لمراقبة ومنع تشييد أي بناء سكني أو ترميم الأبنية السكنية، وطلب تنفيذ حملات الهدم لإزالة المخالفات السكنية.

ويعلن مجلس مدينة حلب باستمرار عن هدمه لما يسميه المخالفات السكنية، وخلال تشرين الأول الحالي، هدم المجلس أكثر من 32 بناء سكنيًا مرممًا وأبنية شُيّدت من جديد.

ويكشف موظفو “لجنة السلامة العامة” التابعة لمجلس مدينة حلب على البناء قبل منح رخصة الترميم، وخلال الكشف يقوم الشخص الذي ينوي الترميم بدفع مبلغ من أجل التغاضي عنه، ما يجعل الموظف يسجل نسبة الضرر بما لا يتعدى 15%، ومن خلال الترميم يمكن السكن في البناء.

وبحسب تقرير نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب عام 2019، شهدت محافظة حلب أكبر نسبة دمار في سوريا، بوجود 4773 مبنى مدمرًا كليًا، و14680 مدمرًا بشكل بالغ، و16269 مدمرًا بشكل جزئي، ليبلغ مجموع المباني المتضررة 35722.

وتوزع الدمار في حلب على مختلف المدن والقرى التابعة لها، إذ يوجد في مدينة عفرين، بريف حلب الشمالي، 67 مبنى مدمرًا كليًا، و26 مبنى لحق بها دمار بالغ، و103 دُمرت بشكل جزئي، ليكون مجموع المباني المتضررة 196.

أموال “قاطرجي” و”أبو علي خضر” في القضية

في بداية تشرين الأول الحالي، هُدمت عشرات الأبنية السكنية المرممة، وأخرى شُيّدت مؤخرًا بسبب تضررها بنسبة كبيرة.

ورغم قيام أصحاب تلك الأبنية بدفع مبالغ كبيرة لموظفي مجلس مدينة حلب من أجل عدم هدمها، فإن الهدم تم، حتى وإن كانت الأبنية صالحة للسكن.

وحسب استطلاع أجرته عنب بلدي في أحياء الميسر، والجزماتي، وطريق الباب، والزبدية، وسيف الدولة، فإن الأبنية السكنية التي رُممت قد عُرض على أصحابها بيعها في وقت سابق خلال العامين الماضيين، ولكنهم رفضوا لأن السعر المدفوع لا يشتري لهم منزلًا مكوّنًا من غرفتين ومنافعهما.

قال محمد، وهو أحد سكان حي الميسر، لعنب بلدي، إن سماسرة عقارات عرضوا عليه بيع منزله في الحي عدة مرات ولكنه رفض، إذ “دفعوا لي مبلغ 20 مليون ليرة (ستة آلاف دولار)، وهو مبلغ قليل على منزلي المكوّن من طابقين. كانوا يقولون إن البيت معرّض للدمار، وخلال طلبهم مني البيع علمت أنهم يشترون لمصلحة قاطرجي، وبعضهم يشترون لـ(أبو علي خضر) خضر طاهر”.

محمد أكد أنه رفض البيع، مضيفًا، “قمت بتأمين مبلغ خمسة ملايين ليرة من أجل ترميمه، ولكن بعد انتهاء الترميم جاء عمال المجلس وهدموه، ومخالفتي بمبلغ مليون و145 ألف ليرة سورية”.

وبحسب موقع “الاقتصادي” المحلي، فإن “أبو علي خضر” يملك شركة “إيلا” للسياحة، بالإضافة إلى مشاركته في تأسيس شركة “الياسمين للمقاولات”، إذ يمتلك حصّة 90% من الشركة، بقيمة 22 مليونًا و500 ألف ليرة، كما يرأس مجلس إدارة “الشركة السورية للإدارة الفندقية”، وهو شريك مؤسس فيها بنسبة 66.66%، بقيمة ثلاثة ملايين و333 ألف ليرة سورية.

كما أطلق مطلع عام 2019 شركة “إيما تيل” للاتصالات، وافتتح أول صالة للشركة في أوتوستراد المزة بدمشق، وسط مخططات لافتتاح عدة أفرع في دمشق (جرمانا وأبو رمانة والشعلان) وبقية المحافظات، خصوصًا في حمص وطرطوس واللاذقية وحلب.

وفي عام 2016، فاز رجل الأعمال السوري حسام قاطرجي بمقعد داخل مجلس الشعب في الانتخابات التشريعية عن فئة قطاع العمال والفلاحين في حلب.

كما أعلن قاطرجي عن تأسيس شركة “أرفادا البترولية” في العاصمة دمشق، برأسمال يصل إلى مليار ليرة سورية، بحسب ما نقله موقع “الاقتصادي” المحلي، وتعود ملكيتها إلى كل من حسام بنسبة 34%، وأخيه محمد براء قاطرجي بنسبة 33%، وأحمد بشير بن محمد براء قاطرجي بنسبة 33%.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة