لبنان يمارس سياسة ممنهجة لدفعهم إلى المغادرة

“هيومن رايتس”: اللاجئون العائدون إلى سوريا “حياة أشبه بالموت”

camera iconصورة تعبيرية للاجئين عادوا إلى سوريا(منظمة هيومن رايتس_2021)

tag icon ع ع ع

أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرًا يوثق الانتهاكات التي واجهها اللاجئون الذين عادوا إلى سوريا بين عامي 2017 و2021.

وخلُص تقرير “حياة أشبه بالموت”، الصادر اليوم الأربعاء 20 من تشرين الأول، إلى أن سوريا لا تزال غير آمنة لعودة اللاجئين، إثر إجراء مقابلات مع 65 شخصًا تعرضوا للانتهاكات، من بينهم 21 حالة اعتقال واحتجاز تعسفي، و13 حالة تعذيب، وثلاث عمليات اختطاف، وخمس حالات قتل خارج نطاق القضاء، و17 حالة اختفاء قسري، وحالة عنف جنسي.

يشكّل اللاجئون السوريون 25% من إجمالي اللاجئين حول العالم، ويتركز العدد الأكبر منهم في تركيا، بينما يستضيف لبنان والأردن أكبر نسبة لاجئين مقارنة بعدد السكان على المستوى العالمي، بحسب التقرير الذي ركّز على اللاجئين العائدين من لبنان والأردن.

A bar graph showing the top 10 asylum countries for Syrian refugees

ويتعرض اللاجئون في لبنان لضغوطات مستمرة، وفق سياسة ممنهجة صُمّمت لضمان عدم اندماج اللاجئين السوريين، ودفعهم إلى الاعتقاد بأنه ليس أمامهم أي خيار سوى العودة إلى سوريا.

وتتمتع البلديات والسلطات المحلية في لبنان بحرية اعتماد سياسات واستراتيجيات مختلفة، إذ إن لبنان ليس طرفًا في “اتفاقية اللاجئين” لعام 1951، ولا يتبنى سياسة موحدة أو مركزية تجاه اللاجئين السوريين، ويرفض الاعتراف بالسوريين كلاجئين.

وفي أيار 2019، أعلن المجلس الأعلى للدفاع اللبناني، أنه سيتم ترحيل جميع السوريين الذين دخلوا لبنان بشكل غير نظامي بعد 24 من نيسان 2019، وتسليمهم مباشرة إلى السلطات السورية، وجرى إثر القرار ترحيل ستة آلاف و345 سوريًا بين نيسان 2019 وأيلول الماضي، وثقت المنظمة اعتقال ثلاثة منهم على الأقل.

في حين اعتبر التقرير أن الأردن تبنّى نهجًا أفضل، إذ منح اللاجئين حق الحصول على شهادة طالب لجوء من خلال التسجيل لدى “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين”، لكن السلطات الأردنية أغلقت المعابر الحدودية غير الرسمية قرب المراكز السكانية، لتقييد تدفق اللاجئين السوريين إلى أراضيها.

وأرجع اللاجئون عودتهم إلى سوريا، لعدم وجود فرص لكسب الرزق، وتدهور الأوضاع الاقتصادية إثر جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وصعوبة الحصول على رعاية صحية في لبنان والأردن، والرغبة في استعادة أراضيهم ومنازلهم في سوريا، إلى جانب الاعتقاد بأن الوضع الأمني قد تحسّن في المنطقة التي سيعودون إليها.

وفي الحديث عن المعلومات “المضللة” التي أثّرت على قرار العودة، اعتمد اللاجئون على معلومات من وسائل إعلام، أو من أقارب وأصدقاء عادوا قبلهم، كما تلقوا وعودًا بالحماية من قبل الأمن اللبناني، بحسب ما قاله أحد العائدين الذين تعرضوا للاعتقال بعد عودتهم من لبنان، ياسر (32 عامًا) من حمص.

وتضمّن التقرير توثيقًا للانتهاكات التي يمارسها النظام السوري في مراكز الاحتجاز، مشيرًا إلى أن أجهزة المخابرات التابعة للحكومة السورية اعتقلت عشرات آلاف الأشخاص بطريقة غير قانونية، لا تزال أماكن وجود معظمهم مجهولة وغير معترف بها من قبل الدولة.

ويجري السوريون قبل عودتهم إلى بلادهم مجموعة إجراءات تحت مسمى “المصالحة” و”التصاريح الأمنية”، بالإضافة إلى التحقق من أسمائهم على قوائم المطلوبين، ورغم خضوع معظم الأشخاص الذين أُجريت معهم المقابلات لأحد أو كل هذه الإجراءات، فإنهم تعرضوا لانتهاكات حقوق الإنسان عند عودتهم.

وركّز التقرير على شكل الحياة داخل سوريا، إذ تشهد البلاد أوضاعًا اقتصادية متردية، ودمارًا بالممتلكات والبنية التحتية، كما يتعرض السوريون للابتزاز من قبل الجهات الأمنية، لإجراء العديد من المعاملات، أو الحصول على معلومات حول ذويهم المفقودين، وفق التقرير.

وحذّر الأشخاص الذين تعرضوا لانتهاكات بعد عودتهم من خيار العودة بالنسبة للاجئين مهما كانت ظروفهم، مشيرين إلى أن الأمان في سوريا ما زال مرهونًا بمنع الأجهزة الأمنية من ترويع الناس واعتقالهم.

واختتم التقرير بمطالبات من المنظمة لحكومة النظام السوري، وجميع الدول المضيفة للاجئين، والمنظمات الدولية، بحماية اللاجئين وعدم انتهاك حقوقهم، وعدم تشجيع أو تسهيل العودة الطوعية للاجئين السوريين.

جاء التقرير بعد يومين من إعادة طرح قضية إعادة اللاجئين السوريين من قبل “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين” التابعة للأمم المتحدة، من خلال مناقشات أجراها المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو جراندي، مع وزير الإدارة المحلية والبيئة، حسين مخلوف، ونائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، لمعالجة مخاوف اللاجئين، وتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية في البلاد، بما في ذلك المساعدات المقدمة للأشخاص الذين اختاروا العودة إلى ديارهم بعد أعوام من النزوح داخل بلدهم وخارجها.

وصدرت خلال الأشهر الماضية العديد من التقارير الأممية التي حذّرت من عودة اللاجئين السوريين، باعتبار سوريا لا تزال غير آمنة.

إذ أصدرت منظمة العفو الدولية، في 7 من أيلول الماضي، تقريرًا بعنوان “أنت ذاهب للموت“، وثّق انتهاكات ارتكبها ضباط المخابرات السورية بحق 66 عائدًا، بينهم 13 طفلًا بين منتصف 2017 وربيع 2021.

كما أعلنت “لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا”، أن الحرب في سوريا ما زالت مستمرة، ومن غير المناسب عودة اللاجئين إليها، وفق بيان أصدرته في 23 من أيلول الماضي.

من جهتها، تواصل حكومة النظام السوري وحليفتها الرئيسة روسيا دعوة اللاجئين علنًا للعودة، وتوجه اتهامات للدول الغربية بتثبيطها بزعم أن سوريا لا تزال غير آمنة.

ويقدّر عدد اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم خمس من دول الجوار بنحو 5.5 مليون شخص، وتتحمل تلك الدول مسؤولية حمايتهم، بحسب اتفاقية “جنيف” التي تفرض على جميع الدول، حتى التي لم توقع على الاتفاقية، الالتزام بمعايير الحماية الأساسية التي تعتبر جزءًا من القانون الدولي العام، وعليه لا يمكن أن تعيد أي لاجئ إلى أراضٍ تتعرض فيها حريته أو حياته للتهديد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة