أسعار الأدوية تعيد العطارة وطب الأعشاب إلى الواجهة في حلب

camera iconأنواع من الأعشاب في أحد محلات أسواق حلب (الجماهير)

tag icon ع ع ع

حلب – صابر الحلبي

تبحث خديجة (49 عامًا)، من سكان مدينة حلب، في محال العطارة عن أعشاب البابونج والملّيسة والأعشاب التي يُشرب منقوعها عند الإصابة بـ”الكريب” والرشح، إذ تلجأ إلى استخدامها بسبب عدم قدرتها على شراء الأدوية مع ارتفاع سعرها المستمر.

وقالت خديجة لعنب بلدي، إن الأعشاب “تبقى أقل سعرًا وفوائدها جيدة ومُجربة، كما أن أجدادنا كانوا يستخدمونها ويتداوون بها”.

وعقب ارتفاع أسعار الأدوية بنسبة 30% في حزيران الماضي، اشترت خديجة لأبنائها خافض حرارة ومسكنات لألم الظهر، وبعد حساب الزيادة وجدت أن الفاتورة وصلت إلى نحو 18 ألف ليرة سورية، وهو سعر مرتفع بالنسبة إليها.

وأضافت السيدة أنها اشترت زهور البابونج وعشبة العشرق وأوراق الصفصاف من محال العطارة، وبعد غليها وشربها انخفض ألم رأسها تدريجيًا.

سلوى (57 عامًا) من سكان حلب، تفضّل هي الأخرى الأعشاب وتتداوى بها باستمرار، لأنها من الطبيعة ولا تدخل في تركيبتها مواد كيميائية، بحسب ما قالته لعنب بلدي.

وأضافت أنها في معظم الأحيان تشرب مغلي الكمّون لعلاج النفخة، وعند الشعور بانخفاض ضغطها تتناول الثوم مع لبن الغنم، وتشرب الملّيسة لتليين المعدة والأمعاء، وتكره الأدوية لأنها تترك تأثيرات جانبية، على عكس الأعشاب التي تستفيد بعد تناولها.

ارتفاع أسعار الأدوية زاد الإقبال على الأعشاب

تنتشر محال العطارة والأعشاب في حلب القديمة بشكل كبير وخاصة قرب دوار باب الحديد ومنطقة جب القبة، وكذلك بالقرب من سوق “السويقة” و”الجامع الكبير” (جامع زكريا).

ويتردد إلى محال العطارة والأعشاب الكثير من المدنيين، ولا اختلاف بينهم من الناحية المادية، إذ أصبحوا يفضّلون الأعشاب على الأدوية بعد ارتفاع سعر الأخيرة، بحسب ما رصدته عنب بلدي.

“مصائب قوم عند قوم فوائد”، هكذا يرى عبد الرحمن (51 عامًا)، مالك محل أعشاب وعطارة في حي باب الحديد، تفضيل السكان للأعشاب على الأدوية.

وقال الخمسيني لعنب بلدي، إن العمل ببيع الأعشاب تراجع خلال السنوات السابقة، بسبب عدم القدرة على تأمين الأعشاب الطبية، وكذلك فقدان أنواع منها بسبب قطع الطرقات، إذ يُزرع بعض منها في منطقة الجزيرة شمال شرقي سوريا.

وأوضح أن قسمًا من الأعشاب ينبت من دون زراعة، وهي الأعشاب المرغوبة لدى الجميع، وخاصة أن مرضى الرشح و”الكريب” يشربون منقوعها للشفاء، وهناك أعشاب تُغلى وتُستخدم من قبل مرضى السكري، مثل الكريصة والشمر والحنظل، ويستخدم مرضى الرمل أوراق شجرة الصفصاف.

وتزداد الرغبة لدى كبار السن بشراء الأعشاب، لأنهم يفضّلونها بسبب عدم وجود تركيبات كيميائية فيها مثل الأدوية، بحسب عبد الرحمن، الذي أبدى استغرابه من لجوء بعض النساء والشباب لشراء الأعشاب والتداوي بها.

وأضاف أن النساء يشترين ورق الآس لغليه وتمشيط الشعر لمنع تساقطه، ويستخدمون بعض الأعشاب بعد خلطها، مثل ورق الغار وحبة البركة من أجل “ارتخاء الأرداف”.

وتُخلط بعض الأعشاب لتصبح مثل العجين، لعلاج النفخة وآلام المعدة، وتشمل الشمر والزيزفون والزنجبيل بعد إضافة الماء إليها ليسهل عجنها على شكل كرات صغيرة.

وأشار إلى أن الدردار الأحمر والميرمية وعشبة الشوكي أصبحت تُباع بشكل يومي بسبب “الكريب” والرشح والزكام.

الحركة في محال العطارة تنتعش

عادت محال العطارة والأعشاب لتفتح أبوابها بعد الإغلاقات المستمرة خلال السنوات الماضية، بسبب تعرض أسواق حلب القديمة للقصف والدمار، وهروب العاملين في مجال الطب العربي وطب الأعشاب، الذي يعتبره أهالي حلب من الإرث الحلبي الذي ما زال متداولًا حتى الآن.

وتشتهر عائلات حلبية بالعمل في هذا المجال، ومنها عائلة زيتوني، وقبقابة، ومستت، وزنابيلي، وخربوطلي، وتنتشر في محيط باب الحديد وباب النصر حيث تعمل عائلة الفرواتي أيضًا في مجال الأعشاب والطب العربي.

ويتردد زبائن إلى محال العطارة والأعشاب من خارج مدينة حلب لشراء الأعشاب والخلطات التي أصبحت معتمدة لدى كثير من المدنيين الذين يفضّلون شربها باستمرار أو وقت الحاجة إليها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة