أمريكا أخفت ضربة جوية في سوريا قتلت عشرات المدنيين في 2019

camera iconعنصر من "قسد" في موقع يشرف على بلدة الباغوز الجيب الأخير لتنظيم "الدولة" شرقي سوريا (AFP)

tag icon ع ع ع

أظهر تحقيق لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إخفاء الولايات المتحدة الأمريكية لضربة جوية في سوريا عام 2019 أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين، خلال حرب “التحالف الدولي” مع تنظيم “الدولة الإسلامية” في بلدة الباغوز شرقي سوريا.

وقال التحقيق الصادر مساء أمس، السبت 13 من تشرين الثاني، إن طائرة عسكرية أمريكية من دون طيار من طراز “F-15E” حلّقت في سماء المنطقة بحثًا عن أهداف عسكرية عندما حُوصر عناصر التنظيم في حقل ترابي بجوار الباغوز بمدينة دير الزور أسقطت قنبلة بوزن 500 رطلًا (نحو 227 كيلوغرامًا) على مجموعة كبيرة من النساء والأطفال المتجمعين عند ضفة نهر.

ثم أسقطت طائرة قنبلة أخرى بوزن 2000 رطلًا (نحو 910 كيلوغرامات) على الناجين من الضربة الأولى مما أسفر عن مقتل 70 شخصًا بحسب التقييم الأولي لأضرار الهجوم، في 18 من آذار 2019.

وأضافت الصحيفة أن الغارة الأمريكية على الباغوز كانت من أكبر حوادث الضحايا المدنيين في الحرب ضد تنظيم”الدولة”، لكن الجيش الأمريكي لم يعترف بها علنًا.

وأوضحت الصحيفة أن عدد القتلى كان واضحًا على الفور للمسؤولين العسكريين، وفق التفاصيل التي تم الإبلاغ عنها لأول مرة، ووصف ضابط قانوني الغارة بأنها جريمة حرب محتملة تتطلب إجراء تحقيق.

لكن الجيش أخفى الضربة “الكارثية”، وتم التقليل من عدد القتلى، كما تم تأخير التقارير وتصنيفها، وجرفت قوات “التحالف” بقيادة الولايات المتحدة موقع الانفجار، ولم يتم إخطار كبار القادة.

ونقلت الصحيفة عن الضابط السابق في البحرية والمقيِّم الذي عمل في القضية لمكتب المفتش العام والذي أُجبر على ترك وظيفته، جين تيت، قوله إن “القيادة تبدو وكأنها عازمة على دفن هذا، لا أحد يريد أي شيء له علاقة بذلك”، منتقدًا عدم اتخاذ أي إجراء.

وأشارت الصحيفة إلى أنها جمعت تفاصيل الضربات معًا على مدى شهور من وثائق سرية ومقابلات مع الأفراد المعنيين مباشرة، والمسؤولين الذين لديهم تصاريح أمنية سرية للغاية الذين ناقشوا الحادث بشرط عدم إعلان أسمائهم.

وأوضح التحقيق أن الضربات الجوية جرت من قبل وحدة العمليات الخاصة الأمريكية السرية “فرقة 9″، التي كانت مسؤولة عن العمليات البرية في سوريا، والتي عملت في سرية تامة لدرجة أنها في بعض الأحيان لم تبلغ حتى شركاءها العسكريين عن أفعالها.

وبحسب ضابط خدم في مركز القيادة إنه لم يكن لدى قيادة القوات الجوية الأمريكية في القاعدة الأمريكية في قطر أي فكرة عن اقتراب الضربة.

وقالت الصحيفة إن القيادة المركزية الأمريكية، التي أشرفت على الحرب الجوية في سوريا، أقرت بالضربات لأول مرة، قائلة إن 80 شخصًا قتلوا لكن الضربات الجوية كانت مبررة.

ونقلت الصحيفة عن القيادة المركزية ما جاء في بيانها، أن القنابل قتلت 16 مقاتلًا وأربعة مدنيين، أما بالنسبة للقتلى الستين الآخرين، لم يتضح أنهم مدنيون، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن النساء والأطفال في تنظيم “الدولة” حملوا السلاح في بعض الأحيان.

وقال المتحدث الرئيسي باسم القيادة، النقيب بيل أوربان، في البيان، “إننا نبغض فقدان أرواح الأبرياء ونتخذ جميع الإجراءات الممكنة لمنع حدوث ذلك”، وفي هذه الحالة، أبلغنا ذاتيًا عن الغارة وحققنا فيها وفقًا لأدلتنا الخاصة ونتحمل المسؤولية الكاملة عن الخسائر غير المقصودة في الأرواح”.

معركة الباغوز

وكانت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بمساندة من قوات التحالف، قد سيطرت على معظم بلدة الباغوز مطلع شباط 2019، وحاصرت من تبقى من عناصر تنظيم “الدولة” في منطقة المخيم.

وبدأ التحالف بشن غاراته منذ آب من عام 2014، حتى آذار 2019، وكان نصيب سوريا منها قرابة 20 ألف غارة، وحوالي 12 ألف قتيل، بينهم ما يزيد على ألفي طفل وحوالي 1300 امرأة، بحسب إحصائيات موقع “الحروب الجوية” المراقب لعمليات التحالف.

كما ترجح إحصائيات الموقع وقوع حوالي ثمانية آلاف جريح، في حين يذكر أن الأعداد “المزعومة” للضحايا من التقارير المحلية تزيد على 29 ألفًا، لم تؤكد جميعها.

وكانت شركة “Airbus Intelligence”، الخاصة بأنظمة مراقبة الأرض والدفاع، نشرت في 30 من آذار 2019، صور أقمار صناعية لمنطقة الباغوز شرق الفرات، أظهرت حجم الدمار فيها جراء العمليات العسكرية والقصف الجوي.

وتعرضت البلدة لقصف مكثف من طائرات التحالف على مدى ستة أشهر قبل السيطرة عليها، في أثناء إطلاق “قسد” معركتها الأخيرة ضد التنظيم، وحوصر فيها وفي بعض القرى المحيطة بها الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات.

وسجل تقرير لـ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، صادر في 23 من أيلول 2019، مقتل 3037 مدنيًا، بينهم 924 طفلًا، و656 سيدة (أنثى بالغة) على يد قوات “التحالف الدولي”، في سوريا.

وبحسب التقرير، فإن ما لا يقل عن 172 مجزرة ارتكبتها قوات “التحالف”، وما لا يقل عن 181 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، كان بينها 25 حادثة اعتداء على مدارس، و16 على منشآت طبية، و4 على أسواق، منذ تدخلها العسكري في سوريا حتى 23 من أيلول 2019.

ومن بين الأسلحة التي استخدمها التحالف في عملياته ضد التنظيم شرق سوريا طائرتا “MQ9 Reaper”و”F-15E”، واستخدمت الأولى في حرب أفغانستان، وكان أول تحليق لها، في 2 من شباط 2001، بينما تعتبر الثانية من أبرز المقاتلات في سلاح الجو الأمريكي، ومنذ عام 2001 استخدمت بشكل حصري للدعم الجوي المباشر.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة