أزمة خبز في مناطق نفوذ “الإدارة” بدير الزور.. مافيات تهرّب الطحين نحو الضفة الأخرى

camera iconسيارات تحمل أكياس طحين في ريف دير الزور الخاضع لسيطرة "قسد" (المركز الإعلامي في دير الزور)

tag icon ع ع ع

أثّر التوقف المستمر منذ أيام عدة لأفران الخبز بريف دير الزور، الخاضع لسيطرة “الإدارة الذاتية”، على مخصصات الخبز اليومية للسكان، الأمر الذي تعود أسبابه لعدم توفر الطحين المدعوم، والذي كانت توزعه “لجنة الاقتصاد” في “مجلس دير الزور المدني” على الأفران.

وفاء (44 عامًا)، أم لخمسة أطفال، تجمع بعض الأخشاب بالقرب من منزلها بأطراف بلدة الشحيل، بريف دير الزور الشرقي، وبقايا شجيرات القطن، وتضعها تحت صاج معدني لتوقد نارًا تمكّنها من إعداد حاجة أسرتها اليومية من الخبز.

الصاج المعدني هو أحد الحلول للسكان، فقد توجه آخرون لـ”التنور الطيني”، إذ تحوي قرى وبلدات دير الزور على محال امتهنت صناعة الخبز وبيعه للسكان، لكن بسعر مرتفع، ولا يقوى الجميع على شراء خبز التنور، وفق مدنيين قابلتهم عنب بلدي من سكان المنطقة.

توقف الأفران زاد من حدة الأزمة المعيشية التي يعاني منها سكان المنطقة الشرقية من سوريا، وتجد عوائل في ريف دير الزور صعوبة في تأمين احتياجاتها من الطحين لفترة طويلة، وتضطر معظم تلك العوائل إلى شراء كيلوغرامات قليلة، كونها تسبب عبئًا اقتصاديًا لا تقوى كثير من العوائل على احتماله، بحسب عبد المنعم (47 عامًا).

ووصل سعر كيس الطحين في أسواق دير الزور بوزن 50 كيلوغرامًا إلى نحو 80 ألف ليرة سورية، ويتجاوز سعر كيلو الخبز في محال بيع خبز التنور والصاج 1700 ليرة سورية، في حين أن الخبز الذي كانت تنتجه الأفران كان يُباع بـ250 ليرة سورية.

وتحتاج العائلة المؤلفة من خمسة إلى سبعة أفراد إلى خمسة آلاف ليرة سورية، كحد أدنى، ثمنًا لاحتياجاتها من الخبز بشكل يومي في ريف دير الزور.

النازحون هم الأكثر تضررًا

قال سكان من ريف دير الزور الشرقي لعنب بلدي، إن النازحين الذين يقطنون مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” هم “الأشد تضررًا”، لافتقاد معظمهم مؤونة الطحين أو القمح، أو تردي وضعهم الاقتصادي.

عبد المنعم، وهو من سكان بلدة ذيبان، قال لعنب بلدي، إن “أغلبية” الأسر النازحة لا تقوى على تأمين احتياجات أطفالها من مادة الخبز أو الطحين، لذلك تضطر تلك الأسر لتخفيف عدد الوجبات، واقتصارها على وجبتي فطور وغداء.

وأضاف عبد المنعم، وهو نازح من مدينة الميادين التي تسيطر عليها قوات النظام السوري، أن النازحين هم الأكثر تضررًا في أزمة الخبز التي تمر بها المنطقة ، لقلة البدائل وضعف حالتهم المادية.

ولا تتوفر إحصائيات دقيقة لأعداد النازحين، لكن من المعروف بالنسبة إلى سكان المنطقة أن ريف دير الزور الشرقي يضم الآلاف من النازحين، أغلبيتهم قدموا من مناطق سيطرة النظام السوري في محافظة دير الزور، بينما يقيم في المنطقة بعض النازحين من أرياف حلب وإدلب، الذين قدموا إلى المنطقة خلال حكم تنظيم “الدولة الإسلامية” لها ولم يغادروها.

وتكررت التظاهرات الشعبية ضد “قسد” و”الإدارة الذاتية” في محافظة دير الزور، والتي طالب معظمها بتحسين الوضع المعيشي للسكان والقضاء على الفساد، في منطقة توجد فيها أكبر حقول النفط السورية.

الطحين.. إحدى مواد التهريب 

يتهم سكان محليون، تحدثوا لعنب بلدي، أشخاصًا نافذين في “مجلس دير الزور المدني” و”الإدارة الذاتية”، بتهريب الطحين إلى مناطق سيطرة النظام، على الضفة المقابلة لنهر “الفرات”.

وخلال حديث إلى عنب بلدي، قال مسؤول في “مجلس دير الزور المدني”، عبر مراسلة إلكترونية، إن الطحين يهرّب من مناطق سيطرة “قسد” نحو مناطق سيطرة النظام السوري، بسبب ارتفاع سعره في مناطق نفوذ النظام.

وأضاف المسؤول، الذي تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن تهريب المواد الغذائية والنفطية نحو مناطق النظام السوري، ولّد “مافيات” محلية تحتاج إلى قرار وخطة جريئة للقضاء عليها، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن سبب توقف تزويد الأفران بالطحين هو البحث عن آلية جديدة، يمكن بها تجنب تهريب الطحين نحو مناطق النظام، وإلزام الأفران بصناعة كامل المخصصات وتوزيعها على السكان.

وترتبط مناطق سيطرة “قسد” في دير الزور بحوالي عشرة معابر نهرية مع مناطق قوات النظام، وتعتبر هذه المعابر أحد المصادر الرئيسة للأسواق في مناطق نفوذ النظام في المحافظة، وخاصة بالمحروقات.

وبدأ العمل بهذه المعابر منذ سيطرة “قسد” والنظام على محافظة دير الزور، بعد انسحاب تنظيم “الدولة” منها.

وتختلف أهمية ووظيفة هذه المعابر، فبعضها متخصص بنقل المدنيين بين ضفتي النهر بزوارق صغيرة، يحمل كل واحد منها بضعة أشخاص، وبعضها يضم عبّارات كبيرة تمكّنها من نقل السيارات، وهذه تستخدم في نقل البضائع والمحروقات بين الضفتين.

وتتقاسم “قسد” مدعومة بالتحالف الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، السيطرة على محافظة دير الزور مع قوات النظام السوري، التي تقف في صفها عدة فصائل وميليشيات مدعومة من إيران، تنتشر في المحافظة، وتحكم مناطق فيها بشكل مباشر مثل مدينة البوكمال.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة