عائلات الرقة تقنّن احتياجاتها الأساسية في مواجهة ارتفاع الأسعار

camera iconشارع الوادي في مدينة الرقة- 22 من آب 2021 (عنب بلدي/ حسام العمر )

tag icon ع ع ع

لم يستطع علي حجو (51 عامًا)، من سكان حي الفرات بمدينة الرقة، شراء صفيحة (تنكة) زيت الزيتون كما اعتاد في كل عام في موسم الزيتون، بعد أن اقترب ثمنها من الـ170 ألف ليرة سورية (48 دولارًا) في أسواق مدينة الرقة.

ومع غياب آلية ضبط الأسعار، فإن ارتفاع أسعار المواد الأساسية دفعت علي حجو وآخرين من سكان المدينة إلى تخليهم عن معظم السلع الغذائية، مثل مادة السكر والمعلبات التي كانت العوائل تعتمد عليها بشكل أساسي، وفق ما قاله علي لعنب بلدي.

هموم الرجل الخمسيني، الذي يعمل سائقًا لسيارة أجرة، تكاد تنحصر خلال فصل الشتاء في سد احتياجات عائلته من مادة المازوت لتأمين التدفئة اللازمة.

يتذكر علي حجو جيدًا كيف كان قبل سنوات يتبضع من أسواق الرقة احتياجات عائلته وبكميات تكفي لأشهر على حد قوله، لكنه اضطر إلى التخلي عنها في الوقت الحالي.

ومنذ تأسيسها في عام 2014، لم تكتفِ “الإدارة الذاتية” العاملة في مدينة الرقة بفرض سيطرتها في المجال الأمني والعسكري على المدينة، بل امتدت سيطرتها لتشمل القطاع الاقتصادي والمالي وإدارة الثروات الموجودة في المناطق الخاضعة لها.

ورغم التنوع والغنى بالثروات الذي تتميز به المنطقة، فإن عوائل في مدينة الرقة تتجه لتقنين احتياجاتها الأساسية والمواد الغذائية، مثل الزيت، والسكر، والبقوليات، والخضار، فضلًا عن التقليل منها، أو حتى التخلي عن بعضها لتردي الوضع المعيشي في المدينة.

فوضى في التوزيع

يمتلك محمد الطعان (34 عامًا) محلًا لبيع المواد الغذائية والخضار في حي الفرات بمدينة الرقة، يصف صاحب “البقالية” بعض زبائنه بـ”زبائن الحبة والحبتين” بعد ارتفاع أسعار أغلب البضائع في محله.

وتحدث محمد الطعان عن أن نسبة مبيع المواد الغذائية والأساسية لأغلب العائلات انخفضت كثيرًا خلال العام الحالي، الذي تجاوز فيه سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد 3500 ليرة سورية.

ويواجه التجار في المدينة معاناة توفير بعض المواد الغذائية، منها الزيت النباتي، بسبب “الفوضى في التوزيع”، واحتكار بعض المعابر التي تمر من خلالها المواد الغذائية الأساسية، دون وجود أي آلية لحل هذه المشكلات.

وتعتمد “الإدارة الذاتية” على التجارة الخارجية مع العراق وتبادل السلع مع مناطق نفوذ قوات النظام السوري ومناطق سيطرة المعارضة، عبر عدد كبير من المعابر الرسمية وغير الرسمية، كمورد اقتصادي أساسي.

ويربط “الإدارة الذاتية” بالعراق معبرا “سيمالكا” الواقع على الحدود الشمالية الشرقية لسوريا، و”اليعربية” الواقع شمال بلدة اليعربية.

وفي كانون الثاني 2020، استبعدت الأمم المتحدة معبر “اليعربية” مع العراق من المعابر المفوض لها إيصال المساعدات دون الرجوع إلى حكومة النظام السوري، واقترحت بدل ذلك إمكانية استخدام معبر “تل أبيض” الحدودي بين سوريا وتركيا، لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين شمال شرقي سوريا.

وبحسب تقرير صادر عن معهد “واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، في 23 من نيسان الماضي، فإن النزاع تسبب بتراجع كبير في الروابط التقليدية بين المراكز الاقتصادية المحلية، فالتجارة عبر النهر كانت “مزدهرة” في مدن شمال شرقي سوريا، لكنها الآن في حدها الأدنى.

ضعف القدرة الشرائية

لا يرى أحد أعضاء “مكتب حماية المستهلك” في “اللجنة الاقتصادية” لـ”مجلس الرقة المدني” أن الأزمة المعيشية لسكان المنطقة مرتبطة فقط بارتفاع الأسعار، وإنما بتغيّر العادات الاستهلاكية للسكان أيضًا.

وأشار عضو “اللجنة الاقتصادية”، الذي تحفظ على ذكر اسمه كونه لا يملك تصريحًا بالحديث إلى الإعلام، إلى ضعف القدرة الشرائية للسكان خلال السنوات الأخيرة واقترانه بهبوط قيمة العملة السورية.

والقدرة الشرائية هي كمية السلع والخدمات التي يمكن شراؤها باستخدام وحدة نقدية واحدة، إذ ترتبط القدرة الشرائية بسعر صرف العملة، فترتفع بارتفاع سعر العملة وتنخفض بانخفاضها.

وتهاوت القدرة الشرائية للسوريين خلال العقد الأخير، متأثرة بانخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية ومن بينها الدولار، العملة الرئيسة في التداولات المالية العالمية.

تخفيض الضرائب.. حلول ممكنة

في أواخر أيلول الماضي، قال الرئيس المشترك لغرفة التجارة في مدينة الرقة، مروان حمادة، إن تخفيض الضرائب الجمركية أو إلغاءها على البضائع الواردة إلى شمال شرقي سوريا يدعم القدرة الشرائية للسكان.

وأشار رئيس غرفة التجارة إلى ضرورة تسهيل الإجراءات الخاصة باستيراد المواد الغذائية، وبالأخص تلك التي تدخل بالاحتياجات الأساسية للسكان.

وفي تموز الماضي، ذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة أن حوالي 90% من العائلات السورية تتبع استراتيجيات وأساليب تأقلم سلبية للبقاء على قيد الحياة، إذ تلجأ هذه النسبة من السوريين إلى تقليل كمية الطعام الذي يتناولونه، وشراء كميات قليلة مما يحتاجون إليه، واتباع أسلوب الاستدانة، أي الاقتراض لشراء حاجاتهم الأساسية.

مستوى انعدام الأمن الغذائي في سوريا 2021




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة