مخاوف حقوقية بعد حكم قضائي قد يجعل فرنسا “ملاذًا آمنًا لمجرمي نظام الأسد”

camera iconمحكمة فرنسا الجنائية (أ ف ب)

tag icon ع ع ع

في 24 من تشرين الثاني الحالي، قررت محكمة النقض الفرنسية أن المحاكم المحلية غير مختصة بما يرتبط بمحاكمة عنصر سابق في المخابرات السورية، بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية.

أثار هذا القرار مخاوف شخصيات عدة من المجتمع الحقوقي السوري، فهو لا يعني بالضرورة براءة المتهم من هذه الجريمة، إنما فقط الحكم بعدم اختصاص المحاكم بالنظر في هذه القضية، ما يحمل خطورة على العدالة للسوريين وعلى “الولاية القضائية العالمية”، التي تعد المبدأ الذي تعتمده المنظمات المعنية لمحاسبة مرتكبي هذا النوع من الجرائم في سوريا.

وبحسب ما نشره الحقوقي السوري منصور العمري، عبر صفحته في “فيس بوك”، “اعتمدت محكمة النقض في قرارها على المادة 11/689 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي، الذي يمنح الاختصاص للمحاكم الفرنسية من أجل محاكمة الجرائم الواردة في نظام روما الأساسي، كالجرائم ضد الإنسانية بشرط أن تكون الجرائم ضد الإنسانية معاقبة في قانون الدولة التي ارتكبت فيها الجريمة، أو التي يحمل المرتكب جنسيتها، أو أن سوريا طرفًا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.

وفي 18 من شباط الماضي، قررت غرفة التحقيق بمحكمة الاستئناف بأن المحاكم الفرنسية لديها الاختصاص في محاكمة المتهم عبد الحميد شعبان، اعتمادًا على المادة “11/689” من قانون الإجراءات الجنائية.

إلا أن محكمة النقض قالت في قرارها، إن محكمة الاستئناف لم تقدم تعليلًا قانونيًا بما يتعلق باختصاص المحاكم الفرنسية في محاكمة عبد الحميد.

وترى محكمة النقض أن المحاكم الفرنسية ليس لديها الاختصاص بهذه المحاكمة، بسبب عدم الإشارة إلى الجرائم ضد الإنسانية صراحة في قانون العقوبات السوري، بالإضافة إلى المرسوم التشريعي رقم “61” لعام 1950، الذي يمنح الحصانة لعناصر المخابرات من المحاكمة على جرائمهم في أثناء أداء عملهم.

كما أن سوريا إلى الآن لم تصدّق على نظام روما الأساسي، ولذلك، أبطلت محكمة النقض قرار محكمة الاستئناف، وأعلنت أن المحاكم الفرنسية ليس لديها اختصاص في محاكمة عبد الحميد.

وبموجب قانون العقوبات السوري، فإن الأفعال الواقعة على الأشخاص التي خصص لها المشرّع نصوصًا تجرّمها هي القتل، والأعمال الهمجية، والاغتصاب، والعنف، إلا أنه لم يجرّم الجرائم ضد الإنسانية.

خطر على مسار العدالة

اعتبر الحقوقي السوري منصور العمري، في حديث إلى عنب بلدي، أن هذا القرار يمكن أن يجعل من فرنسا “ملاذًا آمنًا لمجرمي نظام الأسد”.

وسبب هذا الاعتبار يرجع، بحسب ما أوضحه الحقوقي العمري، إلى أن مثل هذه القرارات تُؤخذ بعين الاعتبار كي تشكّل سوابق قضائية، تُبنى عليها أحكام قضائية في المستقبل.

وطالما أن هذا القرار صدر عن أعلى محكمة فرنسية، فلهذا الاعتبار يأخذ القرار أهميته بالنسبة إلى جهود تحقيق العدالة السورية لضحايا النزاع المسلح، “لكن بكل الأحوال كل قضية لها ظروفها”.

والسوابق القضائية تعني حكمًا في قضية صدر من محكمة مختصة يعتبر مثالًا أو مرجعًا لقضية مماثلة تنشأ فيما بعد.

والسوابق القضائية في حقيقتها ما هي إلا استقرار للمحاكم واطرادها في السير على قاعدة معيّنة في قضية من القضايا، وبعبارة أخرى، هي مجموعة من الأحكام صدرت من محاكم عليا كمحاكم الاستئناف أو النقض، بحيث تصبح تلك الأحكام ملزمة للقاضي في المحكمة الدنيا.

وبالتالي، فإن مصدر السوابق القضائية هو الحكم القضائي.

وبحسب ما نشره منصور العمري، عبر “تويتر”، يستثني النظام القانوني الفرنسي من اختصاصه الجرائم الدولية التي تُرتكب في أو من قبل مواطني جميع الدول غير الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، والتي لا تُجرّم الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، معتبرًا أن ذلك من شأنه أن “يحوّل واجب فرنسا في مقاضاة الجرائم الدولية إلى مطالبة فارغة”.

من هو المتهم؟

اعتقل عبد الحميد في 2019، ضمن عملية فرنسية- ألمانية مشتركة كانت كفيلة باعتقال المتهم أنور رسلان، بالإضافة إلى المُدان بارتكاب جرائم ضد الإنسانية إياد الغريب.

وعمل عبد الحميد (31 عامًا) بين عامي 2011 و2013 في “أمن الدولة”، وهو متهم بالتواطؤ في ارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة ضد المدنيين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة