غرفة النوم.. كيف يؤمّن شباب درعا “مملكة الزوجة”

camera iconمعرض للأثاث المنزلي في ريف مدينة درعا الغربي- 4 من كانون الأول 2021 (عنب بلدي\ حليم محمد)

tag icon ع ع ع

درعا – حليم محمد

بدلًا من الفرحة والسعادة لقرب موعد زفافه، الذي انتظره بفارغ الصبر، عاش وليد (33 عامًا) في حيرة وقلق لعدم تمكّنه من تجهيز غرفة النوم قبل موعد زفافه.

لم يتمكّن وليد من شراء غرفة جديدة، ولجأ إلى الغرف المستعملة للتخفيف من التكاليف المرتفعة.

“عندما قررت الزواج بدأت أبحث عن غرفة نوم جديدة، ولكن تفاجأت بالأسعار، إذ لا يقل سعر أدنى غرفة نوم عن مليون ونصف مليون ليرة (حوالي 430 دولارًا)”، وفق ما قاله وليد لعنب بلدي.

لم يكن وليد، الذي طلب عدم ذكر اسمه كاملًا لأسباب أمنية، يتوقع القفزة التي طرأت على أسعار غرف النوم، فتجهيز أثاث البيت كان خارج اهتمامه قبل تفكيره بالزواج.

وبعد فشله في شراء غرفة نوم جديدة، لجأ وليد إلى تجار الغرف المستعملة، وحصل على غرفة بسعر 800 ألف ليرة (حوالي 230 دولارًا).

الغرفة المستعملة التي نجح وليد بتأمينها لاستكمال متطلبات زواجه، لم ترضَ بها عائلة خطيبة الشاب يوسف (25 عامًا)، الأمر الذي كلّفه مليونين ونصف مليون ليرة (725 دولارًا) من أجل شراء غرفة نوم جديدة.

من وجهة نظر عائلة العروس، تعتبر غرفة النوم من أساسيات الزواج، إذ إنها “مملكة الزوجة”، وفق ما عبّر عنه يوسف، لذا يجب أن تكون من الخشب الأصلي.

وأضاف يوسف أن “أغلب أطقم النوم المتوفرة في السوق الآن مصنوعة من أنواع الخشب السيئ، على الرغم من ارتفاع أسعارها بشكل كبير”.

بينما قالت إيمان (28 عامًا)، وهي متزوجة منذ ثلاثة أعوام، لعنب بلدي، إن “غرفة النوم هي غرفة للعمر كله، تعكس تشارك العروسين في الذوق”، ما يعزز من ارتباطهما أكثر.

وأكملت إيمان، التي تحفظت على ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية، “يمكن للأثاث المنزلي، ومن ضمنه غرفة النوم، أن يقتل الملل الحاصل في أي علاقة، وذلك عن طريق اختيار الأفضل بغض النظر عن الظروف المعيشية، وغرفة النوم يجب أن يتم اختيارها بعناية، لأنها تمثّل الحياة المشتركة الخاصة بين العروسين”.

إلا أن الشريكين يمكنهما الاتفاق على تأمين غرفة نوم ضمن القدرة المادية لدى العريس، بشرط تعويض ذلك في حال تحسنت الأحوال المعيشية، وذلك لا يكون، وفق رأي إيمان، “إلا في حال كان الشريكان واثقين من قوة علاقتهما”.

ندرة الصنف الجيد

“أبو عمران” نجّار متخصص في صناعة وبيع الأثاث والديكور (الموبيليا)، قال لعنب بلدي، إن “الغرف المستعملة لها مصدران، إما من التعفيش (المفروشات المسروقة من منازل المهجرين)، وهذه يكون سعرها متدنيًا، وإما أن بعض الأشخاص يرغب بتجديد غرفته فيبيع القديمة”.

وأرجع صاحب معرض الأثاث الأربعيني سبب غلاء غرف النوم الجديدة إلى ارتفاع أسعار الخشب، وندرة وجود الأصناف الجيدة.

وكانت سابقًا مدينة داريا بريف دمشق من أهم مناطق صناعة غرف النوم في المنطقة الجنوبية، وفق ما قاله صاحب معرض الأثاث، ولكن ما تعرضت له المدينة من قصف، وتهجير أبنائها، تسبب في فقدان صناعة الخشب ذي الجودة العالية.

يقوم التجار عادة بشراء الغرف المستعلمة وإصلاحها، ثم تُدهن بشكل دقيق “حتى تصبح لها لمعة تضاهي الجديدة”، حسبما قال النجار المقيم في ريف درعا الغربي.

ولجأ بعض سكان درعا، ممن لم يتمكنوا من شراء غرف نوم جديدة أو مستعملة، إلى شراء الغرفة بالقطعة، إذ يكتفون بالسرير والخزانة فقط، وذلك لتخفيض التكاليف المرتفعة بأسعار الأثاث.

ويُقسم المهر في درعا إلى مقبوض ومؤجل، ودرج العُرف في المدينة على اعتبار غرفة النوم وتجهيز منزل الزوجية من المهر المقبوض الذي يقدّمه العريس لعروسه، والذي يعتبر من حقوق الزوجة.

وتنتشر الصناعات الخشبية بمحافظة درعا في جميع التجمعات الريفية، التي كانت تدور في فلك تأمين المستلزمات الضرورية اللازمة للبيت الريفي، وتشمل هذه الصناعات، الصناديق والخزائن الخشبية.

ويعيش سكان محافظة درعا، كحال بقية السوريين، في أوضاع معيشية صعبة، خصوصًا في ظل تدني القدرة الشرائية لليرة السورية، وثبات الكتلة الأجرية لراتب الموظف في مؤسسات الدولة بحدود 60 ألف ليرة (17 دولارًا)، في الوقت الذي لا يستطيع فيه السكان ادّخار المال بما يساعد الشاب على تأمين منزل وأثاث يمكّنه من الاستقلالية عن منزل أهله، وهو ما يعد من أسباب عزوف الشباب عن الزواج.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة