المحتجزون الأجانب.. ورقة “قسد” لنيل الاعتراف السياسي

camera iconسيدات أجنبيات يسرن تحت إشراف مقاتل من "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في مخيم "الهول" بمحافظة الحسكة، 28 من آذار 2019 (GettyImages)

tag icon ع ع ع

شهدت الأشهر الماضية جهودًا دبلوماسية ومفاوضات أجرتها دول عدة مع “الإدارة الذاتية لشمالي وشرقي سوريا”، المظلة السياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، لإجلاء مواطنيها المحتجزين لديها، الأمر الذي تحاول الإدارة استثماره لتعزيز موقفها سياسيًا واكتساب اعتراف على مستوى العالم.

ومثّل مقاتلو تنظيم “الدولة” الأجانب وأفراد عوائلهم المحتجزون لدى “الإدارة”، في السنوات الماضية، قضية شائكة بالنسبة إلى كثير من الدول التي رفضت استعادتهم، متعللة بالمخاوف الأمنية، وصعوبة التحقيق في ما ارتكبوه من انتهاكات خلال فترة وجودهم في سوريا والعراق.

نشاط بعد تعثّر

سعت “الإدارة الذاتية” ومعها الولايات المتحدة، خلال السنوات الماضية، لإقناع الدول الغربية باستعادة رعاياها الذين أُسروا إثر القضاء على آخر معاقل التنظيم في الباغوز، واحتجزوا في مخيمات تشرف عليها “الإدارة”.

لم تلقَ مناشدات الطرفين آذانًا صاغية، بل أصدرت بعض الدول تشريعات لمنع عودة تلك العوائل، كما سحبت بعضها الجنسية منهم، كما فعلت بريطانيا مع شميمة بيجوم، إحدى البريطانيات الموجودات هناك.

وشهد العام الحالي تغيّر سلوك العديد من الدول التي استعادت مواطنين محتجزين لها، بعد مفاوضات أجرتها مع “الإدارة الذاتية”.

الباحث في الشؤون الكردية وشرق الفرات عبد الرحيم سعيد تخوبي، فسَّر، في حديث إلى عنب بلدي، التغيّر الحاصل بازدياد الضغوط الأمريكية بسبب تفاقم الوضع في مخيم “الهول”، ومحاولة تنظيم “الدولة” استغلال الوضع هناك لإعادة تنظيم نفسه مرة أخرى.

ودفع هذا، بحسب تخوبي، عددًا من الدول إلى استعادة مواطنيها من المخيمات، دون أن توافق حتى الآن على استعادة أولئك الموجودين منهم في سجون “قسد”، والذين قاتلوا مع التنظيم.

زيارات ولقاءات

وشهدت مناطق “الإدارة الذاتية لشمالي وشرقي سوريا”، على مدى الأشهر الماضية، زيارات لدبلوماسيين وسفراء تفاوضوا مع المسؤولين هناك.

وزار، في كانون الثاني الماضي، وفد فرنسي، برئاسة السفير الفرنسي السابق في دمشق، إيريك شوفالييه، مدينة القامشلي، وعقد لقاء مع مسؤولين في الإدارة، تلاه تسليم أطفال فرنسيين، وفق وثيقة وقّعها الطرفان.

وكذلك فعل السفير البلجيكي، إيريك دي موينك، مسؤول الملف السوري وممثل وزارة الخارجية البلجيكية، في تموز الماضي، وتبعت زيارته استعادة بلجيكا لنساء وأطفال بلجيكيين من عوائل التنظيم.

كما شهد تشرين الثاني الماضي، زيارة للسفير الجنوب إفريقي لدى النظام السوري، باري فيليب غيلدر، وزيارة للقائم بأعمال السفارة الصومالية في دمشق، فرحان جرحان، اللذين ناقشا مع مسؤولي “الإدارة” أوضاع مواطني بلديهما المحتجزين لديها.

واستعادت سويسرا طفلتين من مواطنيها بعد زيارة وفد من الخارجية السويسرية إلى مناطق “الإدارة الذاتية”، وهي المرة الأولى التي تقوم فيها سويسرا بعملية إعادة من هذا النوع، وفقًا للوزارة.

وفدان ألماني ودنماركي في مقر "للإدارة الذاتية" في القامشلي، تشرين الأول 2021 (نورث برس)

وفدان ألماني ودنماركي في مقر لـ”الإدارة الذاتية” في القامشلي، تشرين الأول 2021 (نورث برس)

استثمار سياسي

وحرصت “الإدارة الذاتية” في اللقاءات الماضية على إجراء بروتوكولات رسمية أمام وسائل الإعلام، وعلى توقيع مذكرات تسليم رسمية مع الوفود الأجنبية التي تستعيد مواطنيها، الأمر الذي قال الباحث تخوبي إنه محاولة لإضفاء طابع رسمي على هذه اللقاءات.

ويرى تخوبي أن “الإدارة الذاتية” تحاول باستمرار إضفاء طابع سياسي على هذه اللقاءات، رغم أن معظمها حصل بهدف التنسيق من أجل استعادة المواطنين الموجودين في المخيمات، وليس لها أي صبغة سياسية، باستثناء بعض الوفود الرسمية من الخارجية السويدية والفرنسية والأمريكية.

وكانت “الإدارة الذاتية” طالبت، في 2019، الدول الغربية بإنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة أسرى التنظيم، وناشدت حينها المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه عناصر التنظيم المعتقلين لدى الجهات الأمنية التابعة لها، ما اعتبره تخوبي محاولة أخرى من “الإدارة” لتحصيل اعتراف رسمي بمؤسساتها.

كما تحاول “الإدارة” باستمرار، وفقًا لتخوبي، التركيز على ضرورة تعاون المجتمع الدولي معها في إدارة السجون والمخيمات، والتلويح بأن الوضع حرج وقد يخرج عن السيطرة، في شكل آخر من محاولات الاستثمار السياسي للقضية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة