بعد إغلاق المستشفى..

أهالي تل شهاب يغامرون بأمنهم لإسعاف مرضاهم

مشفى تل شهاب في ريف درعا -1 شباط 2019- (خاص عنب بلدي)

camera iconمشفى تل شهاب في ريف درعا -1 شباط 2019- (خاص عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

درعا- حليم محمد

حالة والدته الصحية، أجبرت عبد الكريم (35 عامًا) على المخاطرة بإسعافها بنفسه ليلًا من بلدة تل شهاب بريف درعا الغربي باتجاه مدينة طفس، مع احتمالات المخاطر الأمنية العالية للطريق، في حين تشهد المحافظة تصاعدًا في الاغتيالات.

قال عبد الكريم، الذي طلب من عنب بلدي عدم ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، إنه اضطر إلى المخاطرة بعد أن فقدت بلدة تل شهاب خدمات المستشفى الوحيد الذي كان يعمل على مدار 24 ساعة في أثناء سيطرة المعارضة المسلحة.

وتابع أن مستشفى “تل شهاب” كان يعمل على مدار الساعة، ويجري عمليات في جميع الاختصاصات، ولم يكن يُخدّم سكان البلدة فقط، وإنما سكان المنطقة الجنوبية، بالإضافة إلى عيادات خارجية يناوب فيها الأطباء.

وبعد “التسوية” التي أفضت إلى سيطرة قوات النظام السوري على محافظتي درعا والقنيطرة، أغلقت مديرية الصحة في المدينة المستشفى، وحوّلته إلى مركز أمومة وتلقي لقاحات للأطفال فقط.

وصار مرضى تل شهاب يتجهون إلى مستشفيات مدينة درعا، أو مستشفى “طفس” الحكومي لمعالجة حالاتهم الإسعافية.

التل دون خدمات طبية

ممرض كان يعمل في مستشفى “تل شهاب”، قال لعنب بلدي، إن الكادر الطبي كان داخل المستشفى يعمل على مدار الساعة، وكانت تُجرى فيه العمليات الطبية المعقدة، وفيه أجهزة حديثة، وكادر مؤهل، وكان مدعومًا من منظمة “أطباء بلا حدود”.

وأضاف الممرض الثلاثيني، الذي تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن السكان تعودوا تلقي الخدمات الطبية خلال سنوات سيطرة المعارضة بشكل مجاني، وأنهم اليوم من دون أي خدمات طبية بنفس المستوى المطلوب، تستطيع علاج حالاتهم الإسعافية، بالإضافة إلى تكاليف العلاج، سواء في المستشفيات الحكومية أو الخاصة.

وأوضح الممرض أنه ورغم الواقع الأمني الذي كان يفرضه النظام السوري من خلال التخوف من قصف قواته للمستشفى، فإنه كان من المستشفيات المهمة في المنطقة، وكان بديلًا للسكان بعد أن أغلق النظام مستشفياته بوجه معارضيه، الذين كانوا يتخوفون من الاعتقال في حال ذهابهم إليها.

ونشرت صفحات محلية تهتم بنقل أخبار البلدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن الحالات الإسعافية تتجه إلى مستشفيات درعا ومستشفى “طفس” الحكومي، وأن بعض الحالات بحاجة إلى إجراء إسعافي مباشر، وهذا غير متوفر بالبلدة.

واقترحت تلك الصفحات التي تضم ناشطين من البلدة حلولًا لمعالجة هذه المشكلة، منها إعادة تفعيل النقطة الطبية الموجودة بالبلدة على أن يكون فيها طبيب مناوب وممرض على مدار 24 ساعة.

وفي حال تعذر تفعيل النقطة الطبية تلك، فمن الممكن، بحسب الاقتراحات عبر “فيس بوك، تنظيم جدول مناوبات للأطباء الموجودين بالبلدة بالإضافة إلى صيدلية مناوبة على مدار اليوم.

أخطار طريق الإسعاف

“تعطلت السيارة في طريقنا لمستشفى (طفس)، وصرنا في خوف على المريض، وخوفنا كان أشد من التشليح بعد فقدان الأمان في المنطقة”، يشكو عبد الكريم مخاوفه من الخطف أو السرقة في أثناء ذهابه إلى المستشفيات خارج بلدة تل شهاب، وسط توتر الوضع الأمني في مدينة درعا عمومًا.

وأضاف عبد الكريم أن حوادث الاغتيال والسرقة تدفع سائقي السيارات العامة لتجنب الخروج ليلًا، الأمر الذي يعوق وصول أهالي البلدة إلى مستشفى “طفس” في أثناء الليل بالحالات الإسعافية.

بينما قال مهند (اسم مستعار) من سكان البلدة، إن مالكي السيارات يستغلون حاجتك الليلية للإسعاف، متذرعين بالمخاطرة الأمنية، ولا تقل أجرة السيارة ليلًا عن 50 ألف ليرة سورية (14 دولارًا).

وأضاف مهند (30 عامًا)، تحفظت عنب بلدي عن ذكر اسمه الحقيقي لأسباب أمنية، أن الحل الوحيد يكمن في إعادة تفعيل مستشفى “تل شهاب” بكادر أطباء مقيمين كل يوم، و”لا مبرر لإغلاقه من قبل مديرية الصحة، فالبناء مؤهل ليكون مستشفى”.

عبد الكريم بدوره قال إنه وفي ظل تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، ورغم الحملات الأهلية في توزيع أسطوانات الأكسجين، “نجد الكل يعمل بالبلدة إلا النقطة الطبية، التي يفترض أن تكون هي المحرك الرئيس لعلاج هذا الوباء والحد منه”.

ظلام الليل وتردي الواقع الطبي بعد إهمال مديرية الصحة لتشغيل المستشفى، وضع سكان البلدة بين قرارات حكومة النظام وحوادث السرقة اليومية، وليس من الغريب أن يموت فرد من عائلات البلدة وهم ينتظرون الصباح لإسعافه إلى مستشفى “طفس” أو درعا المدينة.

وتقع تل شهاب على الحدود السورية- الأردنية، باتجاه الغرب من مركز محافظة درعا، ويبلغ عدد سكانها 15 ألف نسمة.

وخضعت البلدة لسيطرة المعارضة المسلحة منذ عام 2012، وكان لها دور في إسعاف الجرحى إلى الأردن عبر معبر “نصيب” الحدودي، كما كانت مركز عبور للمواد الغذائية والطبية والطحين من الأردن إلى مدينة درعا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة