فلتان الأمن يعزّز الخوف بعد خطف واختفاء أطفال في درعا

camera iconسوق شعبية في مدينة درعا- 15 من آذار 2019 (وكالة سانا)

tag icon ع ع ع

يمسك يوسف ابنه من يده ليوصله إلى المدرسة صباحًا، وعند انتهاء الدوام ينتظره أمام المدرسة للعودة به للمنزل، إثر حالة من الخوف تخيّم على معظم مدن وبلدات محافظة درعا، في ظل فلتان أمني مستمر، وتكرار حالات خطف الأطفال في الشوارع.

ككثيرين، بدأ يوسف يتخوف على ابنه بعد أن تكررت عمليات خطف الأطفال، بعضها طلب الخاطفون فدية من ذوي الطفل مقابل إطلاقه، وبعضها بقي فيها مصير المخطوف مجهولًا، ما دفع بيوسف للشك بوجود من يخطف الأطفال “بهدف تجارة الأعضاء”، بحسب ما قاله خلال حديثه لعنب بلدي، وهو أمر يصعب نفيه أو التأكد منه دون دلائل.

في مطلع تشرين الثاني الماضي، اختطف مجهولون الطفل محمد فواز القطيفان من سكان بلدة إبطع في أثناء عودته من المدرسة، وبعد بحث أسرته الذي استمر لنحو شهر، أرسل لهم الخاطفون تسجيلًا مصوّرًا، اطلعت عليه عنب بلدي، طمأن أهل الطفل أنه على قيد الحياة.

وبعد عدة أيام، طلب الخاطفون مبلغ 140 ألف دولار من أسرة الطفل، وهو المبلغ الذي لا تملكه الأسرة، ما دفعهم لإطلاق نداء استغاثة لجمع المبلغ المطلوب، بحسب ما قاله أحد أقارب الطفل المخطوف لعنب بلدي، بينما لم يُفرج عن الطفل حتى اليوم.

وقال يوسف (35 عامًا) لعنب بلدي، إنه يضطر إلى الخروج من عمله في تقليم الأشجار يوميًا، لمرافقة ابنه في أثناء ذهابه إلى المدرسة، وهو ما صار نظامًا يوميًا تتبعه معظم العائلات في درعا.

وفي حديثها لعنب بلدي، قالت معلّمة في إحدى مدارس المرحلة الابتدائية بدرعا، تحفظت عنب بلدي على اسمها لأسباب أمنية، إنها دائمًا ما تحذّر التلاميذ من التعامل مع الغرباء، أو الاستجابة لهم، أو حتى الاقتراب منهم.

وأضافت أن ظاهرة خطف الأطفال سببها الفلتان الأمني، وهي تضع “تجارة الأعضاء من قبل عصابات” كأحد احتمالات انتشار ظاهرة الخطف.

مصير مجهول

ما زالت عائلة الطفلة سلام الخلف من بلدة الطيبة بريف درعا الشرقي تنتظر عودة ابنتها ذات العشر سنوات، التي اختفت بطريق عودتها من المدرسة في آذار 2020، إذ عثر أهالي البلدة بعد أيام من خطفها على حقيبتها وملابسها في السهول المحيطة بالبلدة، بينما لم يبادر الخاطفون بالتواصل مع الأسرة حتى اليوم.

ووضع أهل الطفلة مكافأة مالية قدرها 20 مليون ليرة سورية (5500 دولار أمريكي) لمن يدلي بأي معلومة عن مصيرها، إلا أن العائلة لم تحصل على أي نتيجة إيجابية، بحسب ما قاله أحد أقارب الطفلة لعنب بلدي.

“الظاهرة المقلقة”، كما وصفها يوسف، أصبحت تؤرّق السكان في درعا، وخاصة في المناطق التي تبعد المدارس فيها عن الأحياء السكنية، والتي يجب على الأطفال قطع مسافة طويلة للوصول إليها، الأمر الذي يعرضهم للخطر.

وأضاف يوسف أن من الصعب ضبط حركة الشوارع لمعرفة الخاطفين من غيرهم، لذلك تبقى مرافقة الأطفال الحل الوحيد للمحافظة على أمان الأطفال.

وميّز عضو مكتب “توثيق الشهداء والمعتقلين في درعا” عمر الحريري بين الخطف والاختفاء، وقال لعنب بلدي، في حديث سابق، إن مصطلح الخطف “يطلق على المختفي الذي يُعرف مصيره، والجهة الخاطفة له، وأهدافها من وراء خطفه”.

أما الحالات المجهولة التي لا تُطلب فيها فدية، فيمكن أن يطلق عليها مصطلح “اختفاء”، كحال الطفلة سلام والطفل ميار لمجهولية مصيرهما.

ونفى الحريري تزايد ظاهرة الخطف في العامين الماضيين، مشيرًا إلى أنها كانت موجودة قبل سيطرة النظام على المنطقة، في تموز من عام 2018، ولكن “التركيز الإعلامي أصبح أكبر عليها بعد سيطرة النظام”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة