عشرات المدارس خارج الدعم بمخيمات إدلب

الخيمة المدرسة.. تبرعات الأهالي والمعلمين لنجاة الأطفال من الجهل

camera iconطلاب أحد المدارس غير المدعومة في مخيمات إدلب (عنب بلدي_2021)

tag icon ع ع ع

بأجسادٍ ترتجف بردًا، وخطواتٍ تعيقها الأرض الطينية، يتوجه مئات الطلاب يوميًا نحو خيمٍ حولتها رغبة الأهالي والمعلمين باستمرار العملية التعليمية لصفوفٍ دراسية، ضمن عشرات المدارس التي نشأت في مخيمات إدلب، دون أي دعم من قبل الحكومة أو المنظمات، وفي ظروف أجبرت المعلمين على العمل لسنواتٍ دون مقابلٍ مادي، ووضعت الطلاب في بيئة غير مؤهلةٍ للتعليم.

للسنة الثانية تكمل مدرسة مخيم الفردوس الابتدائية العملية التعليمية معتمدةً على تبرعات الأهالي والمعلمين لشراء القرطاسية، وتأمين المازوت لتدفئة الطلاب، إذ إن الدعم اقتصر على بضعة خيامٍ قدمتها منظمة “بنفسج” بعد افتتاح المدرسة في عام 2020، وفق ما قاله مدير المدرسة، عبدالستار عيد الأحمد (33 عامًا) في حديثٍ لعنب بلدي.

وذكر الأحمد، أن الأهالي والمعلمين داخل المخيم لجأوا للتعليم تحت شجر الزيتون قبل إنشاء المدرسة، مؤكدًا خوف جميع سكّان المخيم من أن ينشأ جيل أميّ، وسعيهم الدائم لتأمين أبسط مقومات التعليم لأطفالهم.

من جهته، قال عمر عيد الأحمد (42 سنة)، أحد أهالي الطلاب في المدرسة لعنب بلدي، إن الأهالي لا يملكون خيارًا آخر لتعليم أبنائهم سوى مدرسة المخيم، إذ إن أقرب مدرسة مدعومة تبعد نحو 3 كيلومترات، ويتطلب التسجيل فيها تأمين مواصلاتٍ للطلاب بتكلفةٍ أكبر من قدرة الأهالي.

وأضاف أن ابنه انقطع لسنواتٍ عن التعليم خلال رحلات نزوحهم المتكررة، معتبرًا مدرسة المخيم الطريقة الوحيدة لينجو ابنه ومئات الأطفال الآخرين من الجهل.

معلمون دون رواتب

خلال أربع سنوات من العمل دون راتب في مدرسة الريان بأحد مخيمات إدلب، اضطر حسن الحسين (28 عامًا) لقطع مسافات طويلة لجمع الحطب واستخدام بعضه لتدفئة خيمته، بينما يبيع ما تبقى منه بمبلغ بالكاد يكفيه ليطعم عائلته، وفق ما قاله لعنب بلدي.

ويرفض حسين ترك المدرسة والبحث عن وظيفة في أحد المدراس المدعومة، معتبرًا استمرار العملية التعليمية في المدرسة جزءًا من إيمانه بأن التعليم رسالة يجب ان تستمر مهما كانت الظروف.

وأوضح الحسين أن ارتباطه بمدرسة المخيم جاء نتيجة الظروف التي يعيشها الأطفال هناك، إذ إنه يعتبر طلاب المدرسة بمثابة أبنائه الذين أجبرتهم الظروف على الانقطاع عن التعليم، ومحاولة تأمين فرصةٍ لتعليمهم واجب على الجميع.

كما أكد محمد الحمد، أحد المعلمين في مداس المخيمات غير المدعومة، أن غياب الدعم يقلل من قدرة المعلمين، ويؤثر على مستوى الطلاب التعليمي بشكل سلبي، مشيرًا إلى أن معظم المعلمين مضطرون للبحث عن عملٍ إضافي لتأمين احتياجاتهم اليومية.

ويهدد استمرار غياب الدعم عن مدارس المخيمات بعرقلة العملية التعليمية، وحرمان مئات الطلاب من حق التعليم، إذ إنه يدفع المدرسين للبحث عن مصدر دخلٍ لتأمين متطلبات الحياة اليومية.

مستوى التعليم في إدلب

اعتبر معظم المعلمين الذين تحدثت إليهم عنب بلدي، أن مستوى التعليم في الشمال السوري في تدهورٍ مستمر، في ظل عدم وجود ميزانية ثابتة لدعم قطاع التعليم، بينما أكدّ آخرون على أن هناك توجهًا من قبل المنظمات والحكومة لدعم قطاع التعليم مؤخرًا، لكنّ التعليم لم يرقَ للمستوى المطلوب بعد.

ويعدّ المبنى المدرسي البيئة التعليمية الأهم ضمن الخدمات التعليمية التي تُقدم للطلاب، لكنّ معظم المدارس العامة في الشمال تنقسم إلى مدارس غير مدعومة تقدم التعليم داخل خيم غير مؤهلة لذلك، ومدارس خارج المخيمات بمبانٍ متهالكة وصفوفٍ مكتظة.

وقال وزير التربية والتعليم في حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، بسام صهيوني، في حديث سابق إلى عنب بلدي. إن “التهجير القسري الممنهج” في مناطق عدة باتجاه الشمال السوري، نتج عنه وجود أعداد كبيرة من الطلاب، الأمر الذي يتطلب بنية مدرسية كافية لاستيعاب هذه الأعداد.

وأضاف صهيوني أن لدى الوزارة خططًا لتطوير التعليم، من خلال تشكيل لجان تربوية ومجلس تخطيط استشاري، لبحث الأسس والوسائل التي تسهم في تطوير التعليم والاستفادة من الخبرات العالمية والمحلية الأكاديمية.


ساهم في إعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في إدلب: إياد عبد الجواد




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة