تعا تفرج

“كزالك” أولاد حافظ الأسد

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

نشرت صحيفة “عنب بلدي” خبرًا مفصلًا عن قرار أصدرته القيادة الموحدة لـ”غرفة عزم”، في مناطق سيطرة “الحكومة السورية المؤقتة”، يَمنع تحرك السيارات المدنية والعسكرية، اعتبارًا من تاريخه، دون لوحات تعريف (نمر)، وأوراق ثبوتية.

هذا الإجراء التنظيمي، في الواقع، جيد جدًا، ولكن، إذا تفكرنا قليلًا، نجد أن المنع، الآن، يعني أن سيارات كثيرة كانت تمشي في تلك المناطق، سابقًا، دون نمر، أو، كما يقول أهل معرتمصرين: داشرة، وفلتانة، وتعجق في رزق عباد الله. والقرار، من جهة أخرى، ذو وجوه متعددة، فصحيح أنه يؤذي المواطنين، ويربكهم، ويعرّض حياتهم للخطر، ولكنه مفيد لصاحب السيارة، إذ يستطيع أن يغطي عينيه بـ”كزلُك” أسود (مثل كزالك أولاد حافظ الأسد، في الصورة الشهيرة التي كُتبت تحتها عبارة: هكذا تنظر الأسود)، ويضع كوعه الأيسر على الشباك، بينما صوت أبي حسين التلاوي يصدح من المسجلة بأغنية “آه منك يا معوّد”، ويشفّط على بيادر القرية، مثيرًا الغبار (فتستنفع المرحومة والدته في قبرها بكم مسبة!). وهناك جانب جميل، يتلخص في أن المطربة التي تغني “هاي سيارتك يا شويقي أنا عرفتا من النمرة” ما عاد محتملًا أن تقع في إشكالات معقدة، نتيجة عدم وجود نمر للسيارات.

بعد انطلاق الثورة، في سنة 2011، خرجت مناطق عديدة بريف إدلب عن سلطة نظام الأسد، وما عاد ممكنًا أن يذهب أصحابُها إلى دائرة النقل البري لتجديد لوحاتها، فأصبحت تُباع وتُشترى بناء على مصطلح اخترعه تجار السيارات الأشاوس، هو: لَفّة رَسَن. وكان كثير من الثوار المُطَعَّمين على حرامية يستخدمونها لأجل “التجويل”، مع أن الحري بهم أن يستخدموا مصطلح “التَبْلين” مكان “التجويل”، لأن آليته تتلخص في وضع الرجل في “تابلو” السيارة الخلفي، وإغلاقه عليه، ثم تحتدم المراهنة بين اثنين من “المجوِّلين”، فيقول أحدهما للآخر: يا حزرك من هو، وحتى نصل إلى وجهتنا، هل يبقى الجحش اللي في التابلو طيبًا أم يفطس؟ فيضحك الآخر متل باترونة محترفة ويقول: لا تاكل هَم أبو شريك، اللي له عمر ما بتقتله الشدة.

وكان الغرض من “التجويل” نبيلًا للغاية، فإذا كان الرجل “المجوّل” ثريًا، لا يفلتونه إلا ببضعة ملايين من الليرات، وإذا كان متوسط الحال يبيعه واحد لآخر، والآخرُ لثالث، حتى يجد من يعيده لأهله ببضع عشرات من الألوف، ويقول مشتكيًا لزملائه: والله يا شباب هذه الشَرية ما جابت همها! وفي كل الأحوال فإن كاميرات الموبايلات لا يمكن أن تأخذ صورة للنمرة، وأقصى ما يستطيع الشاهد أن يقوله أمام القاضي هو: والله يا شيخي، شفت رجال ملتم، وعلى عينيه كزلك متل كزالك ولاد حافظ الأسد، والسيارة ما لها نمرة.

أخيرًا: يعيد هذا القرار إلى أذهاننا دعوات كان المظلومون، على أيام حكم عصابة الأسد، يوجهونها خص نص لظالميهم، فتسمع الواحد منهم يقول، والحسرة تملأ فؤاده: إلهي، ربي، مولاي، تبعث لفلان، الظالم الغاشم اللي ما يخاف الله، سيارة “هنشل” بلا نمرة، تخبطه، وتساويه مئة شقفة، ويصير صعب كتير إنه ينعرف غريمُه!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة