لماذا تراجع القصف الروسي شمال غربي سوريا؟.. محللون: إيهام بتهدئة ضمن استراتيجية “القضم”

camera iconآثار قصف الطائرات الروسية على مزرعة لتربية الدواجن على أطراف مدينة كفرتخاريم شمال غربي إدلب- 3 من كانون الثاني 2022 (الدفاع المدني)

tag icon ع ع ع

انخفضت وتيرة القصف الروسي على مناطق سيطرة الفصائل السورية المعارضة، شمال غربي سوريا، بعد تصعيد كبير شهدته المنطقة خلال الأسبوع الأول من كانون الثاني الحالي.

وبحسب رصد عنب بلدي، انخفضت استهدافات سلاح الجو الروسي، بعد أن استهدفت غاراته الحربية شمال غربي سوريا، أبنية مدنية ومنشآت حيوية، بالتزامن مع استهداف النظام السوري المنطقة بقذائف “كراسنبول” الموجهة ليزريًا، موقعة أضرارًا في الأرواح والممتلكات.

اتصال تركي- روسي

الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية محمود علوش، يرى أن تهدئة التصعيد العسكري من قبل روسيا والنظام على مناطق وبلدات شمال غربي سوريا، جاء بعد الاتصال الهاتفي الأخير بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

وكان الرئيس التركي بحث مع نظيره الروسي العلاقات الثنائية، وعددًا من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، في اتصال هاتفي بينهما، في 2 من كانون الثاني الحالي، وفق بيان صادر عن رئاسة دائرة الاتصال في الرئاسة التركية.

وأوضح البيان أن أردوغان وبوتين تناولا في الاتصال الهاتفي، الخطوات الواجب اتخاذها لتعزيز العلاقات بين البلدين، وبحثا آخر المستجدات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها سوريا وليبيا ومنطقة القوقاز.

وتجري مفاوضات منذ فترة بين أنقرة وموسكو بخصوص الوضع في شمالي سوريا، إذ يستخدم الروس إدلب كورقة للضغط على الحكومة التركية، لذلك ستبقى إدلب تشكّل منطقة ضغط على التفاهمات التركية- الروسية، بحسب الباحث.

التهدئة لا تلغي التصعيد

وأوضح علوش أن التهدئة لا تعني الاتفاق، فرغم التوافق الروسي- التركي على استمرار الهدنة في مناطق سيطرة المعارضة، لا تزال الخلافات قائمة بخصوص بعض النقاط المهمة للجانبين.

وأضاف أن التهدئة لا تلغي التصعيد مجددًا شمال غربي سوريا، إذ إن الجانبين الروسي والتركي لم يتوصلا إلى حل للمسائل العالقة، التي تتجلى بحجة أن روسيا ترى أن الأتراك لم يلتزموا بفصل “جبهة النصرة” عن المعارضة، والأتراك يقولون إن روسيا لم تفِ بتعهداتها لتركيا إزاء “الوحدات الكردية”، إذ يعارض الروس رغبة تركيا في شنّ عملية عسكرية جديدة على مناطق “الوحدات”، بحسب الباحث.

وازدادت وتيرة الغارات الجوية الروسية قبل الهدوء الأخير، مستهدفة مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربي سوريا منذ أواخر كانون الأول 2021، على الرغم من استمرار سريان ما يُعرف باتفاق “موسكو”، أو اتفاق “وقف إطلاق النار”، الموقّع بين روسيا وتركيا في 5 من آذار عام 2020.

وقُتل طفلان وامرأة، وأُصيب 17 مدنيًا بينهم ثمانية أطفال، في شمال غربي سوريا، خلال الأسبوع الأول من العام الحالي، نتيجة 32 غارة جوية روسية، بحسب بيان لـ”الدفاع المدني السوري”، وخلّفت الغارات أضرارًا مادية كبيرة، إثر استهدافها منازل المدنيين، ومنشآت حيوية مثل محطة لضخ المياه قرب مدينة إدلب، ومزارع لتربية الدواجن، ومعملًا لإنتاج المواد الغذائية.

امتصاص السخط ورسائل تذكير

من جهته، الباحث والمحلل السياسي حسن النيفي، قال لعنب بلدي، إن التصعيد العسكري الروسي وخفضه يجري ضمن استراتيجية “القضم” التي يعتمدها الروس والنظام السوري، لتحقيق تقدم على الأرض، أما ما يتوهمه البعض بأنه تهدئة روسية في الأيام الماضية فهو ليس إلا محاولة لامتصاص السخط الدولي على العدوان الروسي، ثم يعود الروس بعد ذلك إلى نهجهم “العدواني”.

وتتكرر استهدافات روسيا والنظام لمناطق سيطرة المعارضة دون اعتماد أو ثبات على وتيرة معيّنة، وبحسب رصد عنب بلدي، تشهد المنطقة استهدافًا وقصفًا بحدة عالية لأيام، لتنخفض الوتيرة في أيام أخرى.

الرسائل الروسية إلى تركيا لم تنقطع، وهي مستمرة من خلال القصف المستمر على قرى وبلدات جبل الزاوية، إذ يحرص الروس على تذكير الأتراك بأن وجود أنقرة (القوات التركية) غير شرعي في المنطقة، بحسب الباحث النيفي.

وأضاف النيفي أن القصف بالتصعيد أو التهدئة هو تذكير بأن نظام بشار الأسد له أحقية في الوجود على امتداد الجغرافيا السورية، فضلًا عن تذرّع الروس المستمر بوجود “هيئة تحرير الشام” والفصائل الإسلامية الأخرى، كدافع لاستمرار الحرب على السوريين.

القصف مستمر رغم التهدئة

هدوء حدة الاستهداف والقصف في المنطقة مقارنة بالأيام الماضية، لا يلغي تعرضها للقصف وإلحاق الأضرار بالأرواح والممتلكات.

في 8 من كانون الثاني الحالي، أُصيبت امرأة وطفلتها بجروح، جراء قصف مدفعي لقوات النظام وروسيا، استهدف منازل للمدنيين في بلدة كنصفرة جنوبي إدلب، وأسعفت فرق “الدفاع المدني” الأم وطفلتها إلى المستشفى لتلقي العلاج.

وبحسب رصد عنب بلدي، فإن الطيران الحربي للنظام وروسيا، قبل التصعيد الأخير، كان ينفذ غارات بشكل شبه يومي على مناطق سيطرة المعارضة، وتعتبر قذائف “كراسنبول” الموجهة ليزريًا والمستخدَمة من قبل النظام خلال الأشهر الأخيرة، أبرز الأسلحة التي أوقعت ضحايا في صفوف المدنيين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة