مؤسسة “نوروز”.. عصا للاحتكار أم للتدخل الإيجابي شرق الفرات؟

camera iconتجمع للمدنيين أمام أحد أفرع مؤسسة "نوروز" الاستهلاكية في الحسكة (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

شهد حي الصالحية في مدينة الحسكة، في 17 من كانون الثاني الماضي، مظاهرات استمرت يومين متتاليين لسكان الحي أمام مؤسسة “نوروز” الاستهلاكية، احتجاجًا على ارتفاع الأسعار، واحتكار السلع الغذائية، الأمر الذي تطوّر إلى أعمال شغب في محيط مبنى المؤسسة.

في حين تدخلت قوات “أسايش” التابعة لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في المنطقة لفضّ الاحتجاج، بعد محاولات المتظاهرين اقتحام صالة “نوروز”، وتحطيم نوافذ البناء وكاميرات المراقبة، بحسب شبكة “قامشلو” المحلية.

ويتهم سكان المناطق التي تسيطر عليها “قسد” مؤسسة “نوروز” الاستهلاكية بأنها تحتكر المواد الغذائية لأغراض الربح المادي، بينما تتبع المؤسسة لـ”الإدارة الذاتية” لشمالي وشرقي سوريا، وتُقدم نفسها على أنها مؤسسة حكومية.

ما هي مؤسسة “نوروز”

مع مطلع عام 2015، أعلنت “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا عن تأسيس ما صار يُعرف محليًا باسم شركة “نوروز” في مدينة القامشلي التي تركّز نشاطها فيها مع بداية انطلاقها، إلا أنها امتدت لاحقًا إلى مدن ومناطق عديدة محافظة الحسكة.

ومع توسع مناطق نفوذ “قسد” وسيطرتها على مناطق واسعة في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة وأجزاء من ريف حلب الشرقي، افتتحت “نوروز” فروعًا لها في جميع المدن التي امتد إليها نفوذ “قسد”.

وتتبع فروع شركة “نوروز” شمال شرقي سوريا لمركزها الرئيس في مدينة القامشلي، الذي يتبع بدوره لهيئة الاقتصاد بالمجلس التنفيذي في “الإدارة الذاتية”، وتمتلك الاستقلالية الإدارية والمالية عن بقية مؤسسات “الإدارة الذاتية”.

وتعمل “نوروز” الاستهلاكية على شراء البضائع المستوردة عن طريق تجار ووسطاء من مناطق سيطرة المعارضة السورية ومن إقليم كردستان العراق، في حين تنتج بعض المصانع التابعة للشركة عددًا من المواد الغذائية مثل الألبان ومشتقاتها في معمل بمدينة المالكية بريف الحسكة ومعمل الزيوت النباتية في القامشلي.

وتُتهم الشركة باحتكار المواد الغذائية الرئيسة وبيعها لتجار وأشخاص متنفذين في صفقات مشبوهة، كما تُتهم أيضًا بالتسبب بالكثير من الأزمات التي تمر بها مناطق شمال شرقي سوريا، ومن أبرزها أزمة السكّر الأخيرة.

لكن “الإدارة الذاتية” تقول إن الشركة تتدخل بالأسواق كطرف تجاري يمنع احتكار المواد من قبل التجار، وتوفير المواد في الأسواق حال نفادها عن طريق مخازن استراتيجية موجودة في مستودعات شركة “نوروز”، بحسب مقابلة أجراها موقع “روناهي” مع الإدارية في الشركة سوزان عبد الله محمد، عام 2019.

اقرأ أيضًا: طوابير السكّر.. أولى أزمات شرق الفرات بعد إغلاق “سيمالكا”

“نهج احتكاري” على اختلاف المناطق السورية

تعتبر صالة “نوروز” الاستهلاكية المسؤولة عن تخزين مادة السكر في محافظة الحسكة، في حين تعاني مناطق نفوذ “قسد” من نقص حاد في مادة السكر إثر إغلاق المعابر البرية مع كردستان العراق.

وفي ظل أزمة السكر، يتوجه المواطنون إلى مباني الشركة للاحتجاج، متجاوزين سلطات الأمر الواقع في المنطقة.

وبالتزامن مع احتجاجات السكان في محافظة الحسكة، حددت “الإدارة الذاتية” سعر السكر بـ2800 ليرة سورية، بينما كان يُباع سابقًا من قبل مؤسسات “الإدارة الذاتية” بـ2400 ليرة للكيلوغرام الواحد.

وقال الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد في “الإدارة الذاتية”، سلمان بارودو، لوكالة “نورث برس”، في 18 من كانون الثاني الماضي، إن رفع سعر السكر مقترن بسعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، وهي العملة الرئيسة في التداول التجاري.

وخلال حديث إلى عنب بلدي، قال الباحث الاقتصادي خالد تركاوي، إن سلطات الأمر الواقع في مختلف الجغرافيا السورية لديها “النهج الاحتكاري” ذاته فيما يتعلق بالسلع الاستهلاكية، وهو دائمًا ما يصب في تمويل جانب منها عبر تحقيق ربح مادي من الناس.

وأشار إلى أن القاعدة العامة التي تعتبر أساسية في معالجة قضايا الاحتكار هي أن المنافسة في التجارة تجعل الأسعار أقل، وليس حصر السلع بيد شركة أو أخرى، وهو ما يغيّب هذه المنافسات ويسهم برفع الأسعار.

وأضاف تركاوي أن “اقتصاد الحرب” الذي تقوده “قسد” يجعلها تفرض سلطتها على كل شيء في سبيل الاستفادة من مواردها بأكبر قدر ممكن.

وفي 15 من كانون الأول 2021، هاجم أعضاء في جماعة “جوانن شورشكر” (الشبيبة الثورية) معبر “سيمالكا” الحدودي، واعتدوا على موظفي المعبر من كرد العراق، ما دفع حكومة كردستان العراق إلى إغلاق المعبر أمام الحركة التجارية.


شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في الرقة حسام العمر




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة