قتلت المئات تحت التعذيب

“الشبكة السورية” ترصد انتهاكات “تحرير الشام” منذ تأسيس “النصرة”

camera iconتدريبات عسكرية لمقاتلين من "هيئة تحرير الشام" شمال غربي سوريا (عمر حج قدور- AFP)

tag icon ع ع ع

وثَّق تقرير لـ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان” انتهاكات “هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ شمال غربي سوريا، التي وافق تاريخ 28 من كانون الثاني الحالي مرور خمس سنوات على انطلاقها.

وأحصى التقرير مقتل ما لا يقل عن 505 مدنيين على يد “الهيئة”، بينهم 71 طفلًا و77 سيدة، و28 آخرون قُتلوا تحت التعذيب، إضافة إلى ما لا يقل عن 2327 شخصًا لا يزالون قيد “الاحتجاز التعسفي” أو الاختفاء القسري في سجونها.

وبحسب رسم بياني عرضه تقرير “الشبكة”، توزعت حصيلة القتلى، بحسب طبيعتها، إلى 371 مدنيًا، بينهم 69 طفلًا و67 سيدة، قُتلوا عبر الأعمال القتالية غير المشروعة، في حين قُتل 28 آخرون، بينهم طفلان بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية، إضافة إلى مقتل 106 آخرين، بينهم عشر سيدات، عبر الإعدام من خلال إجراءات موجزة وتعسفية.

وأشار التقرير إلى أن عام 2014 كان “الأسوأ” من حيث حصيلة ضحايا القتل خارج نطاق القانون، يليه عام 2013 و2015 بنسبة متساوية، ثم 2019.

وتوزع ضحايا القتل على يد “الهيئة” تبعًا للمحافظات التي ينتمون إليها، إذ تصدّرت محافظة إدلب الحصيلة بنحو 35% من إجمالي الضحايا المسجلين لدى “الشبكة السورية”، تلتها حمص، ثم حلب، ثم حماة.

وبحسب التقرير، فإن ما لا يقل عن 2327 شخصًا، بينهم 43 طفلًا و44 سيدة (أنثى بالغة)، لا يزالون قيد الاحتجاز التعسفي أو الاختفاء القسري لدى “الهيئة”، منذ الإعلان عن إطلاقها مطلع عام 2012 حتى كانون الأول 2021، وتحول ما لا يقل عن 2103 منهم، بينهم 19 طفلًا و28 سيدة، إلى “مختفين قسرًا”.

وظهرت “تحرير الشام” لأول مرة في سوريا نهاية 2012، تحت مسمى “جبهة النصرة لأهل الشام”، وهي فصيل تميّز بخروجه من رحمي “القاعدة” وتنظيم “الدولة الإسلامية”، أبرز الفصائل “الجهادية” على الساحة العالمية، وأعلنت لاحقًا انفصالها عن أي تنظيم، واعتبرت نفسها “قوة سورية محلية”.

“سياسة ماكرة”

أشار تقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” إلى أن “هيئة تحرير الشام” تتبع “سياسة ماكرة” قائمة على استدعاء الناشطين المعارضين والمتظاهرين، والمنتقدين لسياسة حكومة “الإنقاذ” والأخطاء التي ترتكبها، إذ يجري التحقيق معهم، بهدف احتوائهم عن طريق الترغيب أو التهديد.

وهذه المرحلة تعتبر بمثابة “إنذار وتهديد”، وتتجنب “الهيئة” من خلالها نهج “الاحتجاز المفاجئ”، وتكون بمثابة ذريعة أمام المجتمع وأمام ذوي الناشط، وتَركَّز هذا التكتيك بحق الناشطين البارزين والشخصيات الاجتماعية بشكل أساسي.

أما المدنيون العاديون الذين لا يثير اعتقالهم أي رد فعل، فيعتقلون بشكل مباشر، دون اللجوء إلى هذه المرحلة التمهيدية، التي يتخللها الطلب من الناشط التعهد بعدم تكرار ما قام به، وتقديم اعتذار عنه، وطلب الرحمة.

وغالبًا ما يرضخ الشخص المستدعى، ويدفع غرامة مالية، تترافق مع سجن بضعة أيام، وإيقاف عن مزاولة مهنته، مقابل عدم احتجازه أو إخفائه قسرًا لسنوات، بحسب “الشبكة”.

كما سجل التقرير ما لا يقل عن 273 حالة استدعاء وتهديد وجهت من قبل “الهيئة” منذ عام 2017 حتى كانون الأول 2021، وتبين أن هناك تنسيقًا بين مختلف الأجهزة الأمنية والمؤسسات المدنية والقضائية التي أنشأتها “هيئة تحرير الشام”، والتي تنكر صلتها بها، لتنفيذ هذه الاستدعاءات والتهديدات.

ويتكوّن الجهاز القضائي لدى “الهيئة” من أجهزة عديدة، تكاد تكون منفصلة عن بعضها، و”لا يوجد تنسيق بينها”، كما أنه لا يستند إلى أحكام ولوائح قضائية محددة ومعروفة، ويعتمد بشكل رئيس على التعاميم والتعليمات الوزارية، التي تعتبر بمنزلة قانون ينظم عمل المحاكم (قانون أصول المحاكمات)، بحسب “الشبكة”.

ويعتمد القانون المُطبق لدى “تحرير الشام” في كثير من المناصب الإدارية والقضائية على طلاب العلوم الدينية أو طلاب الحقوق، وهؤلاء الطلاب من المنتسبين لـ”هيئة تحرير الشام”، أو الخاضعين لها بالولاء التام، ما يعني “انعدام استقلالية وكفاءة القضاء لديها”.

التعذيب في عشرات مراكز الاحتجاز

رصد تقرير “الشبكة” ما لا يقل عن 46 مركز احتجاز دائمًا تابعًا لـ”هيئة تحرير الشام” في محافظة إدلب وريف محافظة حلب الغربي وريف اللاذقية. وقُدّر عدد المُعتقلين في هذه المراكز بنحو 2327 محتجزًا ومختفيًا قسريًا.

في حين أمضى العشرات من المعتقلين مدد احتجاز طويلة قد تصل إلى خمس سنوات، وتحولت الأغلبية العظمى منهم إلى مختفين قسرًا، كما تتعرض الأغلبية العظمى منهم لشكل من أشكال التعذيب.

كما يوجد ما لا يقل عن 116 مركزًا للاحتجاز المؤقت، تجري فيها عمليات التحقيق والاستجواب.

وطبقًا للتقرير، فإن “تحرير الشام” تستخدم “أساليب تعذيب متعددة” ضمن مراكز الاحتجاز التابعة لها، وتشابهت إلى حد ما مع أساليب التعذيب التي يمارسها النظام السوري في مراكز احتجازه، إذ عرض التقرير 22 أسلوب تعذيب ممارسًا في سجون “الهيئة”.

ووُزعت الأساليب التي تميزت بها سجون “الهيئة” على ثلاثة أصناف رئيسة هي: 13 من أساليب التعذيب الجسدي، وثمانية أساليب تعذيب نفسي، إضافة إلى أعمال السخرة.

صاحبة النفوذ الأكبر

استطاعت “تحرير الشام” بسط سيطرتها العسكرية بعد خلافات عديدة مع الفصائل الأخرى، بدأت عام 2014 بخلاف بين “تحرير الشام” (جبهة النصرة آنذاك) و”جبهة ثوار سوريا” وبعض فصائل “الجيش الحر”.

وأدت هذه الخلافات الداخلية إلى حلّ العديد من التشكيلات المنضوية تحت لواء “الجيش السوري الحر”، إذ اعتقلت “الهيئة” عددًا كبيرًا من مقاتلي هذه الفصائل، وصادرت أسلحتهم حينها، واستمرت الخلافات تدريجيًا حتى تمكّنت من بسط نفوذها على المنطقة، لتكون الجسد العسكري الوحيد المسيطر وصاحب النفوذ.

لم يقتصر نشاط “تحرير الشام” على إزاحة أو إبعاد الفصائل الأخرى المعارضة، أو إدماجها ضمن صفوف “الهيئة”، بل عملت على تدريب عناصر ضمن دورات للتدريبات العسكرية، وتخريج دفعات عديدة من هذه الدورات.

وشهد الجناح العسكري وإدارة التجنيد التابعان لـ”تحرير الشام” تزايدًا في عدد حملات الانتساب ودورات التجنيد، خلال كانون الأول 2021، بمختلف المسميات والاختصاصات، وصارت تسيطر على محافظة إدلب وجزء من أرياف حلب الغربية واللاذقية وسهل الغاب شمال غربي حماة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة