“قالت لي السمراء”.. فاتحة الشعر والرفض في حياة نزار قباني

"قالت لي السمراء".. فاتحة الشعر والرفض في حياة نزار قباني

camera iconالشاعر السوري نزار قباني وديوانه "قالت لي السمراء" (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

“شراع أنا لا يطيق الوصول، ضياع أنا لا يطيق الهدى”، شكّل هذا البيت الشعري البطاقة التعريفية الأولى للشاعر السوري الفتى حينها، نزار قباني، بما يحمله البيت من رفض الشباب وعنفوانه.

وهذا ما أكّده الشاعر في شطري البيت الذي ورد في قصيدة “ورقة إلى القارئ”، وهي أولى قصائد ديوان “قالت لي السمراء”، الذي شكّل الديوان الشعري الأول في حياة نزار قباني، وفاتحة مسيرة شعرية خاضها الشاعر الدمشقي حتى رحيله.

يأتي الديوان الصادر عام 1944 على امتداد 53 صفحة، حاملًا للقارئ 28 قصيدة صبّت اهتمامها على العاطفة الفائرة للشاب الذي يعيش أولى سنوات الـ20.

ولعل الرفض الذي كرّسه البيت السابق لم يكن وليد المصادفة، مقدار ما شكّل هوية طويلة الأمد للشاعر الذي سيطغى اسمه عربيًا ضمن الساحة الشعرية المعاصرة، فآثر قباني تربية العداوات مع السلطة، لا التزلّف إليها والانخراط تحت ظل “شعراء البلاط”.

وكان لمقتل زوجته بلقيس الراوي، بتفجير السفارة العراقية في بيروت، وقع الكارثة على الزوج الشاعر، عام 1981، فرفع أصابع الاتهام بوجه الاستبداد وتكميم الأفواه، في إشارة إلى النظام السوري الذي اتُّهم حينها بالوقوف وراء الحادثة.

في “قالت لي السمراء” تتعدد الأصوات الشعرية، لكنها تخرج من حنجرة قباني فقط، فالقصائد تتراوح في خطابها بين العاشق والعاشقة، بين البغي والفتاة الضحية، بين متسول المتعة العابرة والواقع الهش الذي قد يفضي لاستجداء العاطفة.

نزار قباني الذي “جرّب ألف محبة ومحبة”، وفق ما يقوله في ديوانه “الرسم بالكلمات”، آثر الانحياز للمرأة على الانحياز للسلطة، فأعطى لديوانه الأول الدلالات الأنثوية والنسائية من عنوانه، مفتتحًا بتاء التأنيث.

وحول تطويع اللغة وتليينها وتقريبها والاقتراب بها من الشارع، قال الفنان العراقي كاظم الساهر خلال مقابلة سابقة ضمن برنامج “ضيف ومسيرة” عبر “فرانس 24″، إن الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، أكد له خلال لقاء جمعهما في إحدى الرحلات الجوية، أن قباني حوّل الشعر لما يشبه الخبز، وجعله في متناول البسطاء.

ارتبط اسم نزار قباني بتراث دمشق وهويتها الثقافية، حيث ولد في عام 1923، في حي مأذنة الشحم العريق في العاصمة السورية دمشق.

وشهد بيته اجتماعات الكتلة الوطنية المناهضة للانتداب الفرنسي على سوريا، وهو حفيد “أبو خليل القباني”، مؤسس المسرح في سوريا.

36 ديوانًا من الشعر، و12 كتابًا في النثر، بما فيها كتاب يروي السيرة الذاتية لقباني حمل اسم “من أوراقي المجهولة”، إلى جانب مسرحية بعنوان “جمهورية جنونستان”، كل ذلك كان إنتاج نزار قباني الذي تنوعت مواضيعه بين السياسة والحب والغضب والثورة والمرأة في البدء والخاتمة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة