خالد العظم.. “المليونير الأحمر” الذي تحتاج إليه سوريا

رئيس الوزراء السوري خالد العظم (موقع "التاريخ السوري المعاصر")

camera iconرئيس الوزراء السوري خالد العظم (موقع "التاريخ السوري المعاصر")

tag icon ع ع ع

“قبل أن أكرّس جهودي للعمل في الحقل السياسي والاقتصادي العام، كنت منصرفًا إلى ناحية الاقتصاديات الخاصة، إذ اشتركت بتأسيس الشركة الوطنية لصنع (الشمينتو) (الأسمنت الحكومي) ومواد البناء، وتوليت بصفتي عضوًا في مجلس إدارتها ومديرًا عامًا لها، إنشاء معملها في دمر وإدارة شؤونها في فترة من الزمن دامت من 1930 حتى أوائل 1939”.

كتب السياسي والاقتصادي السوري خالد العظم هذه الكلمات في الجزء الثاني من مذكراته، التي اختص فيها بتوثيق تجاربه وإنجازاته الاقتصادية والخدمية التي قدمها للبلد، مسجلًا “بكل اعتزاز” أول معمل سوري قام من تلقاء نفسه باتخاذ بعض التدابير للعناية بشؤون العمّال الصحية، وبتأمين الأخطار التي يتعرضون لها.

كان لنجاح مشروع معمل الأسمنت، سواء من حيث التأسيس والإنشاء أو من حيث حسن الإدارة ووفرة الأرباح، الفضل الأكبر في تشويق الناس إلى استثمار أموالهم في الأعمال الصناعية الخاصة أو المشتركة. وقد أُسّست بعد معمل الأسمنت معامل عديدة نهضت باقتصادات البلاد، ومكّنتها من الاستغناء عن الكثير من البضائع الأجنبية التي كانت تستوردها، فرجحت بذلك كفة الميزان التجاري السوري.

كان معمل الأسمنت الحكومي الذي أوجد العظم له نظامًا خاصًا مقتبسًا من النظم الاجتماعية الحديثة، تؤخذ من التعويضات التي يستحقها العمّال المصابون من جراء عملهم، عن طريق إحداث صندوق التعاون الذي يشترك بتمويله العامل والشركة.

اقتصاد مستقل

ولد الرئيس خالد العظم في 6 من تشرين الثاني عام 1903، وسمّته والدته باسم خالد بن الوليد، وذلك وفاء لنذر نذرته بعد أن فقدت طفلين قبل بلوغهما الثالثة من عمرهما خلال ربع قرن من زواجها.

تلقى العظم تعليمًا متميزًا على يد أساتذة متخصصين، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة “دمشق” عام 1923، وصار وهو شاب صغير وزيرًا في حكومة دمشق الفيدرالية.

بعد إعلان الجمهورية عام 1932، اُنتخب نائبًا في البرلمان وصار وزيرًا للخارجية في نيسان 1939، ضمن وزارة الرئيس نصوحي البخاري التي استمرت من 1962 إلى 1881.

اقرأ أيضًا: نصوحي البخاري.. رئيس وزراء سوري في أوقات مشحونة بالتوترات السياسية

في عام 1944، قدّم العظم لمجلس النواب مشروع قانون العمل، وكان هذا القانون أساس الحياة الاجتماعية للعمّال في سوريا، سواء من حيث تحديد ساعات العمل بثمانٍ في اليوم، أو من حيث منع تشغيل الأحداث والعناية بصحة العامل، وإنشاء المجالس التحكيمية الخاصة بفض النزاعات العمالية، وغير ذلك من الأحكام التي لم تكن معروفة في سوريا حينها.

انطلقت الحياة العمالية مستندة إلى هذا القانون، الذي لعب العظم دورًا مهمًا في استصداره، وفي عام 1935، اجتهد “المليونير الأحمر” كما يُلقب، لتأسيس أول غرفة صناعية تُعنى بشؤون الصناعة، كما سعى لاتخاذ خطوات في سبيل تحرير الاقتصاد السوري وانفصاله جمركيًا عن لبنان، من خلال إنشاء مرفأ “اللاذقية”، وبذلك عمل للقضاء على تحكّم الاقتصاد اللبناني بالاقتصاد السوري بإنهاء الوحدة الجمركية.

أخذ لقب “المليونير الأحمر” بسبب زيادة التقارب بينه وبين الاتحاد السوفييتي السابق، وعمل العظم على السلاح من المعسكر الاشتراكي.

ويضاف إلى ذلك جهود العظم في تأسيس صندوق النقد السوري واستقلالية الليرة السورية التي رفعت من قيمتها، فقد حقق انفصال النقد السوري عن الفرنك الفرنسي، ووضع أسس النقد السوري الجديد بإعادة امتياز إصدار النقد إلى الدولة السورية.

خالد العظم الذي توفي في 18 من شباط 1965، كان أحد مؤسسي الدولة السورية، وأشهر رئيس وزراء بتاريخها، خلفه رؤساء وزراء تابعون للمخابرات وللعسكر، ويفتقدون القدرة على القرار والإرادة المستقلة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة