“أنت لي”.. حضر النص ولم يرحل نزار

tag icon ع ع ع

يحمل ديوان “أنت لي” للشاعر السوري الراحل نزار قباني، بصمة خاصة على مستوى الحضور في ذهن القارئ العربي رغم رحيل صاحبه جسدًا، ليبقى متجسدًا في كلمات تحوّلت إلى موسيقا يتداولها ملايين العرب.

وجاء الديوان حاملًا، دون إدراك من قباني حينها، المادة الخام لأغنيتين ستعيشان طويلًا، رغم مرور أكثر من 70 عامًا على صدور الديوان بنسخته الورقية المطبوعة.

وسبق “أنت لي” الذي صدر عام 1950 ديوانان مطبوعان، هما “طفولة نهد” عام 1948، و”سامبا” عام 1949، قبل ديوان البداية “قالت لي السمراء”، لكنه في الوقت نفسه مفتاح دخول شعر قباني إلى عالم الموسيقا، القادر على تخليد النص وتحويله إلى أناشيد تقاوم عوامل الزمن.

جاء الديوان مكوّنًا من 30 قصيدة ترقص على حبال القافية حينًا، وتتحرر منها حينًا آخر، إلى جانب قصيدة “هرة” التي غنى معظم أبياتها المطرب العراقي كاظم الساهر تحت اسم “أكرهها”، لتكون القصيدة علامة فارقة في الديوان المطبوع من جهة، وفي الأغنية التي تعتمد قالب اللغة الفصحى، والتي تشكّل هوية المطرب العراقي.

كما غنّت الفنانة اللبنانية فيروز الكثير من أبيات قصيدة “حبيبي”، في أغنية حملت اسم “لا تسألوني ما اسمه حبيبي”، ليكون التعاون الأول لها مع قباني، وليس الأخير.

وفي إحدى قصائد الديوان، التي حملت اسم “ضحكة” يقول نزار قباني، “أنامل صوتك الزرقاء تمعن فيّ تمزيقًا، أيا ذات الفم الذهبي رشّي الليل موسيقا”.

بالنظر إلى الديوان الأول “قالت لي السمراء”، وتطور لغة الشاعر الغض المتمرد على المجتمع وتعاليمه، والممتلئ بالاعتداد بالنفس، كانت اللغة في ديوان ” أنت لي” أكثر اتزانًا، وربما لطفًا، باعتبار أن التجربة الشعرية ككل تطورت بعد ثلاثة دواوين استغرقت أربع سنوات.

قصائد الديوان ككل نجت من الإطالة، فجاءت بما يتلاءم مع الغاية الشعرية التي تنشد التعبير عن الكثير بالقليل، وقول المقصود فقط، لا الدوران في فلكه دون ملامسته، وهذا ما يفسر أن القصائد الـ30 المكوّنة للديوان امتدت على 45 صفحة فقط، ليكون الديوان بذلك سهلًا وسريع القراءة، لا سيما باللغة التي يقدّم نفسه بها، وهي اللغة السهلة التي أبرمت علاقة صلح أبدية بين الشاعر والقارئ.

جمع نزار قباني بين الشعر والسياسة، دون ابتعاد عن التفاصيل الدقيقة في شعره، التي تعكس رغبات وهواجس جمهور يقرأ شاعرًا عاشقًا لا شاعرًا دبلوماسيًا تخرّج في كلية الحقوق.

ولد نزار في 21 من آذار عام 1923 بدمشق، وهو حفيد “أبو خليل القباني”، ورحل في 30 من نيسان 1998، ما يعني أنه “ولد في الربيع ورحل في الربيع، الربيع كان قدره كما كان الشعر”، وفق تعليق أبنائه الوارد في مقدمة ديوانه الأخير “أبجدية الياسمين”.

أكثر من 45 مؤلفًا في الشعر والنثر، إلى جانب سيرته الذاتية، الإرث المتبقي من شاعر لا يزال الوطن العربي يردد إلى اليوم أغاني زرع كلماتها على شفاه المطربين العرب، وسيبقى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة