ماذا بعد أوكرانيا.. هل يفتح الغزو الروسي الباب لحروب جديدة؟

مناطق نزاع محتملة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا (تعديل عنب بلدي)

camera iconمناطق نزاع محتملة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

“تايوان هي الصين، المالفيناس هي الأرجنتين، كوسوفو كما هو الحال دائمًا هي صربيا”، هذا ما كتبه ألكسندر دوغين، المفكر الروسي المقرب من بوتين، بعد ساعات من الغزو الروسي لأوكرانيا، مؤذنًا ربما ببداية مرحلة جديدة تعيد فيها الدول أمجادها التوسعية.

يأتي الغزو الروسي لأوكرانيا، في نظر الكثيرين، جزءًا من أفكار إحياء الإمبراطورية الروسية، وإعادة هيمنتها مجددًا من خلال السيطرة على المناطق التي يسكن فيها الناطقون بالروسية، وهذا ما نظّر له دوغين.

وقد يشجّع هذا الغزو، دولًا أخرى على إحياء آمالها في التوسع واتخاذ خطوات مشابهة لاستعادة دول ومناطق استقلت عنها، واتخذت لاحقًا سياسات مناهضة لها.

الصين.. تايوان جزء لا يتجزأ

لم تمضِ ساعات على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، الخميس 24 من شباط، حتى أعلنت وزارة الدفاع التايوانية أن قواتها الجوية أبعدت تسع طائرات صينية دخلت منطقة الدفاع الجوي فيها، في حادثة تكررت أكثر من مرة في الأشهر الأخيرة.

قبلها بيوم، صرحت وزارة الخارجية الصينية أن “تايوان ليست أوكرانيا (دولة مستقلة)، بل كانت جزءًا لا يتجزأ من الصين”، وأكدت تبعية تايوان لها واصفةً ذلك بـ”حقيقة قانونية وتاريخية لا جدال فيها”.

وتبع التصريحَ، دعوةُ رئيسة تايوان، تساي إنغ ون، جميع الوحدات الأمنية والعسكرية إلى رفع مستوى مراقبتها وإنذارها المبكر بالتطورات العسكرية حول مضيق تايوان.

تقع جزيرة تايوان في جنوب شرقي الصين، وتبلغ مساحتها حوالي 36 ألف كيلومترًا أي قرابة خمس مساحة سوريا، وعدد سكانها قرابة 24 مليونًا.

كانت الجزيرة تابعة للصين حتى عام 1895، حين سيطرت عليها اليابان المنتصرة في “الحرب الصينية- اليابانية الأولى”، لكن هزيمة اليابان في “الحرب العالمية الثانية” التي انتهت عام 1945، سمحت لجمهورية الصين، باعتبارها أحد المنتصرين في الحرب، بحكم تايوان بموافقة حلفائها، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

واندلعت بعدها بسنوات حرب أهلية في الصين، انتصر فيها الشيوعيون الذين حكموا الجزء البري من الدولة، فيما فرت بقايا حكومة القوميين المنهزمة إلى تايوان، وجعلتها مقرًا للحكومة عام 1949.

ادعى الطرفان أنهما يمثلان الصين كلها، ولم تبدأ علاقة الصين بتايوان بالتحسن إلا في ثمانينيات القرن الماضي، إلى أن أعلنت تايوان في عام 1991 انتهاء الحرب مع جمهورية الصين الشعبية في البر الرئيسي.

استقر الجانبان على أن تكون هناك “صين واحدة”، لكن التفسيرات تباينت والخلاف استمر، إذ ترى الصين جزيرة تايوان مقاطعة انفصالية تعهدت باستعادتها بالقوة إذا لزم الأمر، فيما يرى التايوانيون أن لديهم دولة ذات سيادة، سواء أعلنت استقلالها رسميًا أم لا.

وازداد التوتر بين الصين وتايوان في السنوات الأخيرة، مع انتخاب الرئيسة تساي إنغ ون، التي تميل نحو الاستقلال الكلي، ومع تحسن علاقة تايوان بالولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وإرسال الأخيرة سفنًا حربية إلى مضيق تايوان.

وتعهّد الرئيس الأمريكي جو بايدن، في تشرين الأول الماضي، بأن تدافع الولايات المتحدة عن تايوان إذا تعرضت إلى هجوم من الصين، لكن التجربة الروسية مع أوكرانيا، قد تُجرّئ الصينيين على خطوة مشابهة لاستعادة ما يرونها جزيرتهم “المتمردة”.

كوسوفو أمام الخطر الصربي

في 17 من شباط الحالي، احتفلت كوسوفو، الجمهورية ذات الغالبية المسلمة التي تقع في جنوب شرق أوروبا، بمرور 14 سنة على استقلالها عن الحكم الصربي.

كانت كوسوفو، التي يشكل الألبان الغالبية العظمى من سكانها والذين لا يتجاوزون المليونين، إلى جانب أقلية من الصرب وعرقيات أخرى، جزءًا من جمهورية يوغوسلافيا التي بدأت بالتفكك إثر انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991.

وكغيرها من الدول اليوغوسلافية، كالبوسنة وكرواتيا ومقدونيا وسلوفينيا، سعت كوسوفو حينها إلى إعلان انفصالها بالطرق السلمية أولًا ثم عسكريًا بإنشاء “جيش تحرير كوسوفو”.

واجهت صربيا بقيادة زعيمها آنذاك، القومي المتطرف سلوبودان ميلوسيفيتش، تمرد الكوسوفيين بالقمع والمجازر والتهجير، ولم يتوقف العنف إلا بتدخل حلف “الناتو” الذي أجبر الصرب على الانسحاب من كوسوفو في حزيران عام 1999.

وفي 17 من شباط عام 2008، أعلنت قيادة إقليم كوسوفو المنتخبة أن كوسوفو دولة مستقلة ذات سيادة، منفصلة تمامًا عن صربيا، واعترفت بها الكثير من دول العالم، مقابل رفض من صربيا ودول أخرى كروسيا والصين.

وشهدت السنوات الماضية باستمرار خلافات بين البلدين، آخرها التوتر الذي تصاعد في أيلول 2021، على الحدود الصربية- الكوسوفية، واستنفار البلدين قواتهما على الشريط الحدودي، إثر منع السلطات الكوسوفية مرور المركبات التي تحمل لوحات تسجيل صربية عبر حدودها.

تحظى كوسوفو بدعم الولايات المتحدة ودول غربية، وتوجد فيها قوات حفظ سلام تابعة لحلف “الناتو”، لكن موقف الحلف الأخير من غزو أوكرانيا، وتعهّده بالدفاع عن دوله الأعضاء فقط، قد يضع هذه الدولة “الصغيرة” في موقف حرج أمام غزو صربي مدعوم روسيًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة