النظام السوري وتنظيم “الدولة” في لعبة الاغتيالات بدرعا 

camera iconمدنيين داخل الأحياء المدمرة في محافظة درعا (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خالد الجرعتلي

شهدت محافظة درعا، في شباط الحالي، تصعيدًا في عمليات الاغتيال التي استهدفت قادة مدنيين، والتي غالبًا ما تُنسب إلى مجهولين.

وفي ظل غياب جهة تتبنى هذه العمليات في المنطقة التي سيطرت عليها قوات النظام عام 2018، بفرض “تسوية” جماعية على سكانها، تتبادل شخصيات معارضة الاتهامات حول المسؤولية عن هذه العمليات.

لأول مرة منذ سنوات، ظهر القيادي السابق في فصائل المُعارضة، الملقب بـ”أبو مرشد البردان”، خلال عزاء عضو “اللجنة المركزية” مصعب البردان، الذي اغتيل على أيدي مجهولين في 10 من شباط الحالي.

وهدد “أبو مرشد” عبر تسجيل مصوّر نشرته شبكات محلية، بملاحقة وقتل من أسماهم “خلايا التنظيم” بالمنطقة الجنوبية، وعلى رأسهم القيادي السابق بفصائل المعارضة “أبو طارق الصبيحي”.

وجاء في حديث “أبو مرشد”، الذي نشرته “تنسيقية طفس“ عبر “فيس بوك” في 17 من شباط الحالي، أن التنظيم يقف خلف عمليات اغتيال أعضاء “اللجنة المركزية” أمثال مصعب البردان، وقبله الشيخ أحمد بقيرات، والشيخ “أبو البراء الجلم”، وغيرهم من العاملين ضمن “اللجان المركزية”.

كلام “أبو مرشد” كشف عن جهتين متصارعتين في درعا، الأولى تتبع لـ”اللجنة المركزية” المتهمة بولائها للنظام السوري، والثانية تتبع لتنظيم “الدولة الإسلامية”.

وعلى إثر هذا الصراع، كشف مصدر من وجهاء مدينة طفس، لعنب بلدي، طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، عن تشكيل لجنة من الشيوخ والوجهاء، في 21 من شباط الحالي، وتتركز مسؤوليتها في منع الانزلاق نحو صراعات عشائرية، إضافة إلى ضمان منع عشائر درعا من إيواء عناصر التنظيم.

أما عن الجهة المتهمة بولائها للتنظيم، فلم يتوقع المصدر أن تتمكّن اللجنة من الوصول إلى حلول مع تلك الجهة، لأن تبعية هذه المجموعات لقيادتها فقط، ولا تقيم وزنًا للعادات والتقاليد العشائرية على خلاف الجانب الآخر.

وأضاف المصدر أن المطلوب حاليًا من اللجنة هو رفع الغطاء العشائري عن تلك الخلايا، وترحيلها خارج محافظة درعا، وهو مطلب تتمسك به “اللجنة المركزية” في الريف الغربي لدرعا.

خلافات تحوّلت إلى صدام

تشهد مكوّنات المعارضة في محافظة درعا خلافات عميقة، تطورت مع نهاية عام 2021 إلى مواجهات عسكرية، أسفرت عن مقتل أحد القياديين السابقين بفصائل المعارضة، إثر اقتتال بين أحد أعضاء “اللجنة المركزية” ومجموعة معارضة لقوات النظام.

واندلعت، في 23 من كانون الأول 2021، اشتباكات في حي طريق السد أحد أحياء درعا البلد، أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص، بينهم أحمد حرفوش شقيق القيادي السابق بفصائل المعارضة مؤيد حرفوش، الملقب بـ”أبو طعجة”، والذي استغله النظام السوري سابقًا كذريعة لحصار درعا البلد.

وأفاد مراسل عنب بلدي في درعا، حينها، أن أحد القياديين السابقين بفصائل المعارضة الملقب بـ”أبو شلاش”، وهو ممثل “اللجنة المركزية” عن مخيم “درعا”، هاجم منزل “أبو طعجة”، وجرت إثر ذلك اشتباكات استمرت لساعات أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص أحدهم مدني.

وقال مصدر مقرب من “اللجنة المركزية” في مخيم “درعا”، إن سبب الخلاف يعود لعمليات الاغتيال التي يُتهم فيها “أبو طعجة” بدرعا البلد، والتي طالت شخصيات مقربة من النظام السوري، وأخرى من حملة بطاقات “التسوية”.

المستفيد من تحييد القياديين

بعد انتهاء “التسويات” بدرعا في تشرين الثاني 2021، زادت وتيرة عمليات الاغتيال، وصارت تستهدف قياديين سابقين بفصائل المعارضة، سواء من العاملين مع النظام عقب “التسوية”، أو ممن فضّلوا العودة كمدنيين، في ظل عدم تدخل لقوات النظام إزاء هذه الأحداث.

بحسب ما قاله القيادي السابق في فصائل المعارضة الملازم أول ناجي المجاريش، لعنب بلدي، فالاغتيالات في درعا كشفت عن جهتين متصارعتين بـ”دعم خفي” من النظام السوري.

كما كشفت الاغتيالات عن وجود موالين لتنظيم “الدولة”، أمثال القيادي السابق إسماعيل الدرعان، الذي اغتيل على أيدي مجهولين منذ أيام، إضافة إلى محسوبين على النظام أمثال عضو “اللجنة المركزية” مصعب البردان، الذي اغتيل قبل الدرعان بفترة وجيزة.

واعتبر المجاريش أن المستفيد الوحيد من هذه العمليات هو النظام السوري، الذي يسعى لتحييد كل من خرج ضده، لكن عبر بندقية غيره.

وأضاف المجاريش أنه وبحسب معلومات اطلع عليها، وصلت إلى خلايا تنظيم “الدولة” في الجنوب منذ شهر تقريبًا، أوامر بتصفية جميع القياديين الموجودين في درعا، وهو ما صار يُنفّذ اليوم.

واستغرب المجاريش من تحوّل الصراع الذي كان يستهدف ضباطًا وعناصر للنظام، إلى استهداف قيادات وعناصر تابعين للمعارضة.

من جانبه، يرى الباحث السياسي حسن النيفي، أن التصفيات والاغتيالات في درعا تجري بهندسة وتخطيط من النظام ذاته، وإن اختلفت الوسائل.

ولعله من الطبيعي أن ينسب النظام تلك الجرائم إلى تنظيم “الدولة” أو تنظيمات أخرى، إذ صارت هذه طريقة النظام في شق الصفوف، وتمكين الفتنة وروح الانتقام بين سكان المنطقة الواحدة، قال النيفي.

واعتبر الباحث أن “التسوية” الأخيرة لم تفضِ إلى فرض الأمن والأمان في درعا، إنما كانت “خديعة روسية” لتمكين النظام من معارضيه بعد السيطرة على المحافظة، وذلك للالتفاف على كل أشكال المقاومة ومناهضة النظام، ونهجت قوات النظام بعد “التسوية” نهجًا جديدًا يتمثل في تصفية المعارضين، واعتقالهم والتضييق عليهم.

أبرز الشخصيات المستهدفة

في 20 من شباط الحالي، استهدف مجهولون القيادي السابق بفصائل المعارضة إسماعيل شكري الدرعان، في أثناء حضوره مباراة لكرة القدم في بلدة المليحة الشرقية.

واشتُهر الدرعان برفضه لعمليات “التسوية” التي أجرتها قوات النظام على امتداد السنوات الماضية، كما كان من المتهمين باستهداف ضباط وعناصر تابعين لقوات النظام.

وسبق أن داهمت قوات النظام بلدة ناحتة بحثًا عنه وعن مجموعته، وفجر النظام منزله، كما اعتقل أخًا له وقتل آخر.

سبق ذلك بيوم واحد اغتيال القيادي “أبو الزين شرف” في مدينة نوى شمالي درعا، الذي شغل سابقًا منصب قائد فصيل “أهل العزم”، وانضم إلى “الأمن العسكري” التابع لقوات النظام بعد “التسوية”، بحسب ما قاله ناشطون من مدينة نوى لعنب بلدي.

وكذلك استهدف مجهولون، في 10 من شباط الحالي، سيارة تابعة لـ”اللجنة المركزية” بريف درعا الغربي على دوار عتمان، قُتل فيها عضو اللجنة مصعب البردان ومرافقه وأُصيب آخر.

كما اغتيل كل من الشيخ أحمد بقيرات، والقيادي “أبو حسن البكر” في بلدة المزيريب، في كانون الثاني الماضي.

وحول عمليات الاغتيال واستمرارها، قال عضو “مكتب توثيق الشهداء في درعا” عمر الحريري لعنب بلدي، إن الفوضى تؤدي إلى الاغتيالات، و”الأعمال الإجرامية”، وإن الأطراف التي وراءها متعددة، وكل عملية لها حيثيات خاصة فيها، سواء احتمال ضلوع النظام السوري أو غيره.

ولم تتوقف عمليات الاغتيال والاعتقال التي طالت مدنيين وعسكريين ومقاتلين سابقين في صفوف قوات النظام والمعارضة، منذ أن سيطرت قوات النظام مدعومة بسلاح الجو الروسي على المحافظة، في تموز من عام 2018، بموجب اتفاق “التسوية”.

ووثّق “مكتب توثيق الشهداء في درعا” مقتل 15 شخصًا من المدنيين والمقاتلين السابقين، في عمليات اغتيال واستهداف مباشر بالرصاص خلال كانون الثاني الماضي، بحسب بيان صدر مطلع شباط الحالي.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة