ما الفرق قانونيًا بين “الغزو” و”الحرب” و”العدوان” و”الاحتلال”؟

جنود أوكرانيون في عمليات تدريبية بالقرب من الحدود الروسية- الأوكرانية- 15 من شباط 2022 (AP)

camera iconجنود أوكرانيون في عمليات تدريبية بالقرب من الحدود الروسية- الأوكرانية- 15 من شباط 2022 (AP)

tag icon ع ع ع

خلال التطورات المتلاحقة بشكل متسارع فيما يرتبط بـ”غزو” روسيا لأوكرانيا، أنذرت هيئة الاتصال الحكومية الروسية عشر وسائل إعلام، واتهمتهم بنشر معلومات زائفة عن الأحداث في أوكرانيا.

كما طلبت الجهة المنظمة للاتصالات الروسية من وسائل الإعلام عدم استخدام كلمتي “غزو” أو “عدوان”.

واختلفت وسائل إعلام دولية وعربية بشأن اعتماد المصطلحات لوصف ما يجري في أوكرانيا، فبعض هذه الوسائل اعتمدت في تغطيتها الإخبارية مصطلح “الغزو الروسي” أو “العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا”، كما أعلن عنها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومجموعة أخرى من وسائل الإعلام اعتمدت تسمية ما يجري بـ”الحرب”.

توصيف أي عملية عسكرية يرتبط بالآثار السياسية والتكييف القانوني الناتج عن هذا التوصيف، بموجب القانون الدولي الإنساني، والخلط بها خلال استخدامها قد يثير مشكلة تكمن في الصعوبات التي تواجه تحديد القواعد التي ينبغي تطبيقها على مثل هذه الحالات.

ويعد القانون الدولي الإنساني مجموعة القواعد والقوانين العرفية والمكتوبة التي تهدف، في حالة النزاع المسلح، لحماية الأشخاص المتضررين بما نتج عن ذلك النزاع من آلام وأضرار، كما يهدف إلى حماية الممتلكات التي ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية، والأشخاص الذين لا يشاركون مباشرة في هذه العمليات.

اقرأ أيضًا: اتفاقيات جنيف الأربع.. حين تصنع المعارك قوانين السلام

الغزو

يعد الغزو مرحلة سابقة على الاحتلال، ويقتصر أثره على مجرد وجود القوات المسلحة للدولة الغازية بأراضي الدولة المعتدى عليها، وتستمر حالة الغزو ما دامت المقاومة مستمرة بين الطرفين، وهو ما يشابه الوضع في أوكرانيا أواخر شباط الحالي.

أحيانًا، لا تنجح القوات المعادية في ترسيخ أو ممارسة سلطتها على أرض معيّنة، على سبيل المثال، بسبب أعمال عسكرية تقاوم ضدّها من قبل مقاتلين من الأرض الدولة التي تم الغزو ضدها. وفي هذه الحالات، لا يعتبر القانون الدولي الإنساني هذه الأراضي أراضي محتلة، وإنما يعتبرها بدلًا من ذلك أراضي تتعرّض للغزو. وبعبارة أخرى، فإنها تعتبر ساحات معركة، والقواعد التي تنطبق عليها هي القواعد العامة للنزاع المسلح، المتمثلة باتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها الإضافية.

وفي مثال آخر، تصف الأمم المتحدة العملية العسكرية التي تعرضت لها الكويت عام 1990 من قبل جارتها العراق بـ”الغزو غير المشروع”.

وتكمن مسؤولية الدولة الغازية بالتعويض عن جميع آثار الدمار والتخريب التي تعرضت له الدولة المعتدى عليها.

اقرأ أيضًا: تصنيفات ضمن ضوابط دولية للنزاعات المسلحة.. ماذا عن سوريا

مركبة عسكرية تابعة للقوات الأمريكية في شمال شرقي سوريا- 4 من حزيران 2021 (حساب “التحالف الدولي” عبر “تويتر”)

الاحتلال والأراضي المحتلة

في القانون الدولي، تعتبر منطقة ما “محتلة” عندما تخضع فعليًا لسلطة جيش معادٍ.

وعرفت المادة رقم “42” من اللائحة الملحقة باتفاقية لاهاي عام 1907 حالة الاحتلال بـ: “يعتبر الإقليم محتلًا عندما يصبح فعلًا خاضعًا لسلطة الجيش المعادي، ولا يمتد الاحتلال إلا إلى الأقاليم التي تقوم فيها هذه السلطة، وتكون قادرة على تدعيم نفوذها”.

أما المادة الثانية المشتركة لاتفاقيات جنيف الأربع فتنص على انطباق الاتفاقيات “في جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة، حتى لو لم يواجه هذا الاحتلال مقاومة مسلحة”.

ويعد الاحتلال مرحلة من مراحل الحرب، تلي الغزو مباشرة، وتتمكن فيها قوات الدولة المعادية من دخول إقليم الدولة المعتدى عليها، ووضعها للإقليم تحت السيطرة الفعلية بعد أن ترجح كفتها بشكل لا منازعة فيه، وتتوقف العمليات العسكرية، ويسود الهدوء تمامًا الأراضي التي جرى عليها القتال.

يشترط بحالة الاحتلال ضرورة السيطرة الفعلية على الإقليم، أي أن ينشأ نوع من الإدارة الفعلية الواقعية، ويحاول تنظيم مسؤوليات هذه السلطة.

وبموجب القانون الدولي الإنساني، يندرج الاحتلال في تعريف النزاع الدولي المسلح، ومن ثم يخضع لأحكام اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافي الأول.

وتترتب على سلطة الاحتلال التزامات معيّنة حيثما تكون لها سيطرة فعلية على الأراضي المحتلة.

ويشمل هذا التزامات فيما يتصل باحترام حقوق الإنسان والقانون والنظام، بالإضافة إلى احترام البنود ذات الصلة من القانون الإنساني والتي تتعلق بالاحتلال.

وتتمثل الالتزامات الأساسية لسلطة الاحتلال بموجب القانون الدولي الإنساني في الحفاظ على الأمن والنظام العام في الأرض المحتلة. وفي الغالب، يجب على سلطة الاحتلال اتباع القوانين التي كان معمولًا بها بالفعل في تلك الأرض.

كما يختلف الاحتلال الحربي عن الفتح العسكري، وهو نقل السيادة تمامًا من إقليم تابع لدولة إلى سيادة دولة أخرى، إما نتيجة لإخضاع الإقليم ثم ضمه، وإما نتيجة لمعاهدة انفصال، أما الاحتلال فيتضمن وقف ممارسة حقوق الحكومة الشرعية في السيادة على أراضيها مؤقتًا، غير أن تلك السيادة تظل موجودة ولا تنتقل إلى دولة الاحتلال بأي طريقة كانت.

ويعد الضم عبارة عن فعل تقوم به دولة تطالب بالسيادة على جميع أو جزء من أراضٍ تابعة لدولة أخرى. وهذا الفعل محظور بموجب القانون الدولي. ورغم ذلك، لا يجوز في حالة حدوث الضم، فرض قوانين دولة الاحتلال بأكملها. ويظل السكان المدنيون في المناطق المحتلة متمتعين بحماية القانون الإنساني.

لا تنطبق هذه المعطيات على التدخل الروسي عسكريًا في سوريا عام 2015، الذي جاء بطلب رسمي من رئيس النظام السوري، بشار الأسد، من أجل كبح القوات المعارضة له في النزاع المسلح غير الدولي، ووافق مجلس الاتحاد الروسي على تفويض بوتين استخدام القوات المسلحة الروسية خارج البلاد.

وأشهر مثال على الاحتلال، هو الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، بحسب توصيف الأمم المتحدة.

اقرأ أيضًا: هل لـ”اتفاق السلام” مع إسرائيل أثر قانوني على القضية الفلسطينية

جندي أوكراني أمام دبابة مدمرة- 26 من شباط 2022 (AFP)

جندي أوكراني أمام دبابة مدمرة- 26 من شباط 2022 (AFP)

الحرب

الحرب هي ظاهرة العنف الجماعي المنظم التي تؤثر إما على العلاقات بين مجتمعين أو أكثر، وإما تؤثر على علاقات القوة داخل المجتمع. وتخضع الحرب للقانون الدولي الإنساني.

يحظر القانون خلال الحرب العنف والدمار الشديدين وغير المبرّرين، ويفترض أن أي وسيلة عنف تُستخدَم يجب أن تبرّرها ضرورة عسكرية حقيقية ومباشرة، وأن تكون موجهة إلى هدف عسكري، وأن تتناسب مع التهديد القائم.

وتُعرَف هذه المبادئ بمبادئ الضرورة العسكرية، والتمييز، والتناسب. وقد اتسع تطبيق مبدأ التناسب ليشمل تقييم الخسائر العارضة في أرواح المدنيين من جراء الهجوم على هدف عسكري، وواجب اتخاذ الاحتياطات الضرورية للحد منها.

اقرأ أيضًا: أربعة مبادئ دولية للضربات العسكرية في النزاعات المسلحة.. ما هي؟

العدوان

بموجب مبدأ تحديد الجرائم التي تختص بها المحكمة الجنائية الدولية، فإن العدوان يعد جريمة ضد الإنسانية، وهي من أكثر الجرائم خطورة، توصف بأنها محل اهتمام المجتمع الدولي.

وبحسب نظام روما الأساسي، يرتكب شخص ما جريمة العدوان عندما يكون في وضع يتيح له التحكم في العمل السياسي أو العسكري للدولة أو توجيهه، ويأمر أو يشارك مشاركة فعلية، عمدًا وعن علم، في التخطيط لعمل عدواني أو الإعداد له أو الشروع فيه أو شنه، على أن يشكّل العمل العدواني بحكم خصائصه وخطورته ونطاقه انتهاكًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة.

كما أن تحديد قيام حالة العدوان يتصل مباشرة بدور مجلس الأمن الدولي في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتقرير توفر حالة العدوان يتوقف على ظروف حالة القتال.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة